اختفت قبل عدة اسابيع عائلة فرنسية من أصول مغربية في شرق البلاد ، زوجان وأربعة أطفال، ولدي اخبار الشرطة عن اختفائهم تبين بعد تحقيقات مكثفة ان هذه العائلة قد التحقوابتنظيم الدولة الاسلامية “داعش” من خلال سفرهم الى سويسرا ومن ثم الى تركيا ومنها الى الحدود التركية السورية.هذه هي الحالة الأولى التي تحصل في فرنسا، واقصد هنا ان تتوجه عائلة باكملها للذهاب الى الجهاد في ما يسمى بالأرض المقدسة وهو أمر في غاية الحداثة والغرابة ،لاننا كثيرا ما نسمع ان شبابا صغارالتحقوا بهذا التنظيم دون علم اسرهم وهو ما يعرف بالالتحاق الفردي.
في آخر الاحصائيات التي إطلعت عليها ان أكثر من 930 فرنسيا التحقوا بتنظيم داعش، و” 240″ شخصا في مرحلة الالتحاق بهم و 180 شخصا في حالة تأهب للعودة الى فرنسا والبقية موجودون في سوريا والعراق والاعداد في ازدياد يوما بعد اخر، أما هذه الاحصائيات فهي تخمينية بسبب صعوبة اكتشافهم فهم كبيوض الجراد في حفر مغطاة تحت الارض تفقس في اوانها لتلتهم كل ما هو اخضروجميل .
وبحسب تحليل مجلة “le point” الفرنسية الأسبوعية، فإن هناك ثلاثة أنواع من الجهاديين في فرنسا، النوع الأول الجهاديون التقليديون والمحترفون، وهم الذين قاتلوا في الحروب التي اندلعت في البلقان والشيشان وأفغانستان في سنوات التسعينيات واعوام ما بعد” 2000″ وهم معروفون من قبل المخابرات الفرنسية وهؤلاء لم يمارسوا أي نوع من الاعمال الإرهابية في فرنسا وإنما انتهزوا فرصة الحرب في سوريا للذهاب الى هناك وممارسة جهادهم في أرض الإسلام، وهذا النوع من الجهاديين هم ليسوا الأكثرية الغالبة. اما النوع الثاني فهم فئة جديدة ظهرت مع بداية الحرب في سوريا ويسمون “بالذئاب المنفردة” لانهم يقومون باعمال إرهابية في داخل فرنسا منفردين ومن دون توجيه أواتصال بأي جهة إرهابية، هؤلاء الذئاب يفتقرون الى الخبرة وهم صغارالسن بدأوا التطرف في سن مبكرة الامرالذي يجعل اكتشافهم من قبل المخابرات الفرنسية في غاية التعقيد، بعض من هؤلاء (وبسبب اعمال الجنوح في حياتهم الغضة)،سجنوافي عمرمبكرويتمتعون بروحية ونفسية هشة وضعيفة، يتم اقناعهم وتأهيلهم في داخل السجن من قبل الآخرين، وتلقينهم دروسا عن ان الجهاد هو أقصر الطرق للصفح عن النفس الخاطئة، وعلى الرغم من ان اغلبهم لايعرفون شيئا عن الإسلام الذي لايمكن أن يشرعن ذريعة للتطرف والبعض الآخر منهم من هواة الانترنت والشبكات الاجتماعية ومتصفحي مواقع تنظيم الدولة الاسلامية التي تعرض أفلاما توازي في نوعيتها أفلام هوليود ومصنعة باتقان لجذب الشباب التائه المغرم بالعاب الفيديو .. أفلام من خلالها يعتقدون انهم يستطيعون التعبيرعن غيظهم واحباطهم وفشلهم بالاندماج في المجتمع الغربي، ولايستطيعون حتى فهم انفسهم وهوياتهم، وما ان يرحلوا الى الأرض المقدسة يكتشفون الواقع المزري البعيد كل البعد عما زينت لهم نفسهم وخيالاتهم، حيث تكون مهمتهم هو توزيع الماء على المجاهدين وخدمتهم لعدم معرفتهم إستخدام الاسلحة وانواعها وبالتالي عدم خوضهم المعارك إلا بعد فترة من الزمن.. وفي لقاء اجري مع احدهم قد عاد الى فرنسا مؤخرا بعد مكوثه في سوريا بعضا من الوقت، قال انه كان مكلفا بحفر القبورلقتلى جهاديي داعش..
اما النوع الثالث فهو الجهاد العائلي الذي يثيرعجب الشعب الفرنسي كونهم لايستطيعون تخيل أطفال يتركون كل ما هو متوفر لهم من رفاهية وملاعب ومدارس علمانية، ليعيشواويكبروا في أماكن موبوءة بالجريمة والقتل والسرقة. هذاالنوع من الجهاد هو جهاد البقاء والاستقرار في ارض الخلافة المقدسة وتربية الأطفال في ظل قوانين الإسلام الصحيحة (كمايعتقدون) وخلق جيل جديد يتربى على مفاهيم وبرامج دولة الخلافة ، وهو أيضا نوع من الجهاد الذي تؤيد من خلاله المرأة زوجها ورفع معنوياته وجعله يحارب من اجل سبب ما وهو” الله والدين والعائلة”. امر يمكن تحليله كون فرنسا منعت الحجاب في المدارس والبرقع في الأماكن العامة لذا فإن هؤلاء النسوة يعتقدن بانه سوف تكون لهن الحرية والعيش في ظل دولة الخلافة الإسلامية، وفي الحقيقة ان جميع هؤلاء يعيشون في تيه واوهام ويعانون من فراغ أيديولوجي لذلك لايستطيعون التأقلم مع غيرهم ولااحترام قوانين المجتمع الذي يعيشون فيه .
الصعوبة تكمن في ان هؤلاء ليسوا معروفين من قبل المخابرات الفرنسية التي تعتمد فقط على الخبر المحلي الذي ينقله المخبرون الى وزارة الداخلية، اما كيفية كشفهم او منعهم من المغادرة فهو امرليس سهلا . لهذاالسبب فان وزير الداخلية اقترح مشروعا لتجريم الجهاد، وسوف يتم مناقشته في البرلمان الفرنسي في الأيام القادمة ، ويتضمن عشرات التدابير التي يجب الاخذ بها، مثل منع من يشتبه بهم مغادرة البلاد، وحرمانهم من الحصول على جواز السفر والجنسية الفرنسية ومنع محتويات الانترنت التي تحض على الكراهية والإرهاب, فالهدف من المشروع هو القاء القبض عليهم قبل مغادرتهم البلاد وقبل فوات الأوان إذ يهربون ومن ثم يعودون وبحوزتهم خطط إرهابية لارباك الوضع الامني في البلاد .