لم تعد الفوضى التي يعيشها شارع محمد الخامس وزنقة طاطا في قلب الدار البيضاء مجرد اختلالات عابرة، بل أصبحت فضيحة إدارية وأخلاقية مكتملة الأركان تكشف حجم الإهمال والتواطؤ داخل أجهزة محلية كان يُفترض أن تحمي النظام العام وتفرض القانون.
فالمقاهي والمطاعم تحتل الأرصفة دون حسيب، والباعة العشوائيون يحولون الملك العمومي إلى سوق أسبوعي مفتوح، فيما تُقام سهرات موسيقية صاخبة دون ترخيص، في تحدٍّ سافر للقانون، وسط صمت مريب من السلطة المحلية وتغاضٍ مكشوف من الجهات المسؤولة.
أما زنقة طاطا، فقد تحولت إلى نموذج صارخ للفوضى الحضرية:
محلّ غير مرخص لبيع الأواني المنزلية استولى على الشارع والرصيف بشكل كامل، متسبباً في شلل مروري يومي واكتظاظ خانق، في ظل غياب تام لدور شرطة المرور التي يبدو أنها رفعت يدها عن المنطقة، تاركة السائقين والساكنة فريسة للفوضى والاختناق.
كما أن العديد من المحلات التجارية بالزنقة نفسها تشتغل دون تراخيص، في مشهد يجسد انهيار سلطة المراقبة الإدارية بشكل مهين.
المسؤولية واضحة ولا تقبل التبرير:
قائد الملحقة الإدارية الثانية هو المسؤول الأول عن هذا الانفلات، بعد أن غابت الشرطة الإدارية، وتلاشت لجان المراقبة، واختفى التنسيق مع مصالح الأمن، خصوصاً فرقة المرور بمنطقة أمن أنفا، التي يفترض بها تنظيم حركة السير ومراقبة التجاوزات، لكنها اختارت الغياب التام.
وإلى جانبه، يتحمل باشا المنطقة ورئيسة مقاطعة سيدي بليوط كامل المسؤولية عن التخاذل المزمن والتقصير الفاضح في أداء واجبهم الإداري والقانوني.
السكان بدورهم عبّروا عن سخط عارم إزاء هذا الوضع المهين، مؤكدين أن ما يجري ما كان ليستمر لولا تستر السلطة المحلية وسكوتها المريب، بل إن بعض الشهادات تتحدث عن أعوان يجمعون الإتاوات والرشاوى بشكل يومي تحت أنظار القائد، في مشهد يُهين الإدارة ويفضح شبكات المصالح التي تحمي الفوضى.
إن ما يحدث اليوم في قلب الدار البيضاء هو انهيار تام لهيبة الدولة المحلية، وتواطؤ مكشوف من طرف من أوكلت إليهم مسؤولية السهر على النظام العام.
وعليه، فإننا نحمّل قائد الملحقة الإدارية الثانية، وباشا المنطقة، ورئيسة مقاطعة سيدي بليوط، المسؤولية الكاملة عن هذا الوضع الكارثي، وعن غياب شرطة المرور التي زادت الطين بلة.
وندعو والي جهة الدار البيضاء – سطات، السيد محمد امهيدية، إلى التدخل الفوري والحازم لفتح تحقيق شامل، وإيقاف هذا النزيف الذي يُهين العاصمة الاقتصادية، ويحوّلها إلى فضاء للفوضى والمصالح الخاصة.
فما يجري اليوم ليس مجرد سوء تدبير، بل تواطؤ موصوف وجريمة في حق المدينة وساكنتها، ووصمة عار على جبين كل من يلتزم الصمت أمام هذا العبث المستمر.
فضيحة إدارية في قلب الدار البيضاء: من يحمي الفوضى بشارع محمد الخامس وزنقة طاطا؟
التعليقات (0)
اترك تعليقك