ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن العقوبات التي تفرضها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيران أدت إلى تقليص التمويل الذي يتلقاه حزب الله اللبناني من طهران، وأثرت على العديد من مشاريعه.
وتنقل الصحيفة عن أحد موظفي حزب الله -لم تسمه- قالت إنه يعمل في إحدى الوحدات الإدارية، إن المقاتلين يجري اقتيادهم أو تكليفهم بمهمات في مقابل رواتب منخفضة أو حتى من دون مقابل في بعض الأحيان، ويتم سحب الكثير منهم من سوريا؛ حيث أدت المليشيات دوراً فعالاً في القتال لمصلحة بشار الأسد وضمان بقائه في السلطة.
وأضافت الصحيفة: “تم إلغاء العديد من البرامج على قناة المنار التلفزيونية التابعة لحزب الله، وأيضاً تم الاستغناء عن موظفيها، وفقاً لأحد المطلعين في حزب الله، وتم تقليص برامج الإنفاق التي كانت ذات يوم وفيرة، وكانت دعمت الحزب بين أبناء الطائفة الشيعية الفقيرة في لبنان، بما في ذلك توفير الأدوية المجانية وحتى المواد التموينية للمقاتلين والموظفين وعائلاتهم”.
وأشارت إلى أن “العقوبات التي فرضها ترامب أواخر العام الماضي، بعد انسحابه من الصفقة النووية التاريخية الهادفة إلى الحد من طموحات إيران النووية، كانت أكثر قسوة بكثير من تلك التي ساعدت في جلب إيران إلى طاولة المفاوضات تحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وهي ذات تأثير عميق على الاقتصاد الإيراني، وفقاً لما يقوله المحللون”.
وتقول الصحيفة، بحسب مسؤولين في إدارة ترامب، إنه تم القضاء على 10 مليارات دولار من الإيرادات الإيرانية منذ نوفمبر الماضي؛ ما تسبب في بؤس كبير لحياة العديد من الفقراء الإيرانيين، فضلاً عن أزمة في الإنفاق الحكومي.
وتابعت: “يقول مسؤولون أمريكيون إن التوترات بين واشنطن وطهران ارتفعت بعد سريان مفعول العقوبات الأمريكية في 2 مايو الجاري، التي نصت على إلغاء الإعفاءات لبعض الدول من شراء النفط الإيراني؛ بهدف تخفيض صادرات إيران النفطية إلى الصفر”.
واستطردت: “يرى كمال وزني، محلل سياسي لبناني، أن ضراوة العقوبات على إيران تعطي طهران حافزاً للرد، ويمكن أن تتخطى الخط الأحمر في هذا الرد. لا تملك إيران سوى الانتقام”.
وزني أوضح بالقول: “الإيرانيون معتادون على فرض العقوبات، لكن هذا المستوى من العقوبات سيولد رداً مختلفاً. الإيرانيون لن يصمتوا حيال ذلك، إنها شكل من أشكال الحرب أكثر ضرراً من الحرب الفعلية، إنه الموت البطيء للحكومة وشعبها”.
واشنطن بوست قالت إن مسؤولاً كبيراً في حزب الله، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، بين أن “الإيرادات التي يحصل عليها الحزب من إيران انخفضت”.
وأضاف: “لا شك أن هذه العقوبات كان لها تأثير سلبي، لكن في النهاية تشكل العقوبات مكوناً من عناصر الحرب وسنواجهها في هذا السياق”.
الصحيفة الأمريكية تقول إن حزب الله يعاني من مجموعة عقوبات أمريكية شملت العديد من شركاته والمصارف التي يتعامل معها؛ حيث تم تصنيف العديد منها ضمن لائحة الإرهاب، بالإضافة إلى الأفراد، غير أن المسؤول في الحزب قال إن العقوبات على إيران كان لها الأثر الأكبر على تمويل الحزب.
وتقول الصحيفة إن المسؤول لم يوضح مقدار خفض الإنفاق القادم من إيران لحزب الله، غير أن المبعوث الأمريكي الخاص، بريان هوك، قال للصحفيين في واشنطن أبريل الماضي، إن إيران أرسلت ما يصل إلى 700 مليون دولار للحزب خلال العام الماضي، وهو ما يشكل 70% من واردات الحزب.
وتضيف واشنطن بوست أن الحزب يملك مصادر تمويل أخرى، ويسعى لتطوير مصادر تمويله، ويبحث عن مصادر تمويل جديدة، بحسب مصدر مسؤول في الحزب تحدث للصحيفة.
وأضافت: “إلى الآن ما يزال مسؤولو الحزب والمقاتلون يتلقون رواتبهم، لكن تم إلغاء مزايا لتغطية نفقات مثل الوجبات والغاز والنقل، وفقاً لما ذكره شخص آخر من حزب الله”.
الصحيفة ذكرت أن عائلات قتلى الحزب الذين قتلوا في سوريا وقبل ذلك في الحرب مع “إسرائيل” ما تزال تتلقى رواتب كاملة، بحسب مسؤول لم تسمه.
الحزب يلجأ إلى التبرعات
ولفتت واشنطن بوست النظر إلى أنه “في هذه الأثناء، يقود حزب الله حملة كبيرة للتعويض عن نقص التمويل الإيراني من خلال الدعوة للتبرعات، فمنذ أن حث زعيم حزب الله حسن نصر الله أتباعه في خطاب ألقاه في مارس الماضي، على المساهمة في ما أسماه جهاد المال، انتشرت صناديق التبرعات في شوارع المناطق الموالية لحزب الله وما وراءها”.
وتابعت: “بالإضافة إلى هذا تجوب الشاحنات الصغيرة المزودة بمكبرات الصوت في شوارع الضاحية الجنوبية التي يسيطر عليها حزب الله، جنوبي بيروت، مع صناديق بلاستيكية، حيث يتم تشجيع الناس على التبرع بالنقود”.
واستطردت: “تم أيضاً إنشاء لوحات إعلانية على طول الطريق المؤدي إلى المطار تحث المواطنين على المساهمة في الجمعيات الخيرية التي يديرها حزب الله، وتذكّر مقاطع الفيديو المنشورة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لحزب الله المواطنين بواجبهم الديني في المساهمة في دعم المحتاجين”.
يؤكد المحللون -وفقاً للصحيفة- أن حزب الله يعاني من العقوبات المفروضة على إيران؛ فبحسب حنين غدار، الباحث في شؤون حزب الله بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن حزب الله طلب التبرعات من رجال أعمال وأثرياء في لبنان وخارجه، وعلى الرغم من ذلك فإن تلك العقوبات لا يبدو أنها تشكل رادعاً للحزب، كما يقول.
وأضافت: “قال محمد عبيد، المحلل السياسي المقيم في بيروت والمقرب من الحزب، إن استراتيجية حزب الله تتمثل في تحديد مصادر دخل بديلة مع الخروج من حملة إدارة ترامب المعادية لإيران”.
ويتابع أن “حزب الله يدرك أن ترامب ربما يكون في منصبه حتى عام 2024، حيث يبحث عن مصادر دخل إضافية مع إحياء المصادر السابقة”، مضيفاً: “ستعود إيران إلى طرقها القديمة من قبل الاتفاق النووي، وهي اللجوء للسوق السوداء. لديهم العديد من البدائل لتهريب النفط، عبر العراق، ومن خلال باكستان، ومن خلال عمان، ومن خلال أفغانستان وحتى من خلال دبي”.