صحف عربية: الأزمة الأوكرانية تعيد ترتيب النظام العالمي

الجريدة نت21 فبراير 2022
صحف عربية: الأزمة الأوكرانية تعيد ترتيب النظام العالمي

تسيطر الأزمة السياسية بسبب المخاوف العالمية من غزو روسي محتمل لأوكرانيا، على واجهة الأحداث في العالم، بعد تقارير أمريكية عن أن الغزو الروسي بات وشيكا، وهو ما تنفيه موسكو، وبدء الاتحاد الأوروبي في كشف بعض ملامح خطته لفرض عقوبات على روسيا في حال الغزو.

ويتزامن مع التلويح بالعقوبات في حال وقوع الحرب، حراك دبلوماسي نشط تقوده فرنسا وألمانيا، أملاً في الوصول لحل دبلوماسي ينزع فتيل الأزمة ويمهد لتهدئة سياسية خاصة في ظل سلسلة من الأزمات التي يعاني منها العالم.

نظام عالمي جديد
وقال الكاتب في صحيفة “العرب” علي الصراف، إن “صراخ أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية في مؤتمر ميونخ للأمن بشأن المخاطر التي تهدد النظام العالمي لا يغني عن واقع أن المطالب الروسية تعني أن هذا النظام سوف يتفكك في نهاية المطاف، لأنه قائم على أسس لم تعد الولايات المتحدة قادرة على حمايتها، كما لم تعد الدول الأوروبية قادرة على تحمّلها”.

وأضاف أن “الوحيد الذي يجرؤ على التصدي لهذه المحاولة الروسية، هو من يمتلك الجرأة على خوض الحرب ضدها، ليس بالمزيد من العقوبات، وإنما بتصادم الأسلحة”.

وتابع الكاتب أن “روسيا التي حاولت أن تنخرط في النظام العالمي ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لم تجده منصفاً لها، بسبب تلك السياسات، كما أنها لم تعد مجرد قوة عظمى منهارة، إضافة إلى أنها ليست وحيدة في ميزان العلاقات الدولية، لا اقتصادياً ولا استراتيجياً”.

ويواصل الكاتب بقوله: “الصين على الطرف الآخر للأزمة، تعرف تماماً أنها هي الهدف من محاولات إضعاف روسيا والتضييق عليها من جانب الولايات المتحدة والحلف الأطلسي الذي يعمل كذراع عسكرية للهيمنة الاقتصادية الأمريكية.

تأثيرات عالمية
واتفق حسام ميرو، الكاتب في صحيفة “الخليج” مع وجهة النظر هذه، حيث أشار إلى أن الصين وروسيا يعتقدان بأن زمن الهيمنة الأحادية للولايات المتحدة على النظام الدولي، ينبغي له أن ينتهي، وأن تتم صياغة جديدة لهذا النظام، وما ينبثق عنه من أدوار ومصالح وثروات.

وقال الكاتب إن “الحرب بين موسكو وخصومها الغربيين بالفعل قائمة منذ سنوات، وإن دخول القوات العسكرية الروسية لمنطقة القرم في عام 2014، كان بمثابة جسّ نبض لردود أفعال الخصوم، كما أن العقوبات الغربية، بشقيها الأمريكي والأوروبي، بعد دخول القرم، كانت متوقّعة من قبل موسكو، ولم تكن مؤثّرة في السياسات الروسية، ولا في الاقتصاد الروسي”.

وأضاف “ترى روسيا أن الغرب لم يعد صاحب إرادة قوية، وأن قوته اليوم، بل وجوده، مربوط فعلياً بالولايات المتحدة، وأنه لم يعد جذّاباً بدينامياته الثقيلة حتى لأعضاء فيه، وهو ما يؤكده خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي ضاقت ذرعاً بالآليات البيروقراطية التي يديرها السياسيون والموظفون في بروكسل”.

وتابع أن “ما تريده موسكو وبكين الوصول إلى اتفاقية يالطا جديدة، تعيد تقسيم مناطق النفوذ والمصالح، وأن يكون لهما حصصاً وازنة، تتناسب مع إمكاناتهما وقوتهما، على غرار ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية، حيث حددت اتفاقية يالطا آنذاك خارطة عالم ما بعد الحرب، لمصلحة القوى المنتصرة، وهي أمريكا، والاتحاد السوفييتي، وبريطانيا، ورسمت خارطة أوروبا لمدة عقود مقبلة”.

واختتم بقوله إن “التحديات والعوائق أمام اتفاق يالطا جديد كثيرة، وقد لا تكون النتائج التي ستتمخّض عن الصراع حول أوكرانيا حاسمة بشكل نهائي، لكنها ستكون بالتأكيد مهمة في رسم ملامح الجولات المقبلة من الصراع، وإعادة الحسابات، ليس فقط ضمن القارة الأوروبية، بل في كل بقعة من العالم”.

إمكانية الحرب
بدوره، رأى الكاتب في صحيفة “النهار” حسن اسميك، أن بوتين يفطر بإرثه المستقبلي، إذ يعتقد أنه لا يزال قادراً على إعادة روسيا قوة عظمى عالميةً لها عمقها الاستراتيجي الخاص، ولهذا لا يبدو أنه مستعد للسماح لأوكرانيا أو لكازاخستان بالخروج من المدار الروسي.

وقال الكاتب: “لا تريد الدول الغربية استفزاز روسيا، مثلما فعلت الأخيرة بعلاقاتها مع كوبا فيديل كاسترو منتصف القرن الماضي، وإلا لكانت أوكرانيا منذ سنوات قد انضمت إلى حلف شمال الأطلسي، وباتت محمية بمعاهدات الدفاع المشترك الخاصة به، والتي تلزم الدول الأطلسية بالدفاع عنها في وجه أي اعتداء خارجي، لكن هذا لا يعني أن الغرب سينصاع لرغبات بوتين رسمياً”.

وأضاف “روسيا لن تعمد إلى حرب غير مضمونة النتائج، وما دامت تستطيع أن تحقق بالابتزاز جملة من أهدافها، بخاصة أن خيار الحرب لا يحمل خسائر لروسيا، فأمريكا من جانبها لا تريد الحرب مع روسيا أيضاً، فهي بداية غير ملزمة باتفاقية مع أوكرانيا للدفاع عنها، بالإضافة إلى أن الغرب يدرك أن الحرب مع روسيا مقامرة هائلة”.

وحول السيناريوهات المتوقعة، قال الكاتب: “إما الجلوس إلى طاولة الحوار لتوقيع اتفاقيات تهدف إلى إنهاء الأزمة في أوكرانيا، وربما غيرها في مناطق أخرى من العالم، والتي تتنافس فيها روسيا وأمريكا، أو الإبقاء على حالة التوتر في أوكرانيا وأوروبا مع المزيد من الضغوط الروسية والحشود العسكرية في الخارج، وقد تدفع روسيا نحو المزيد من التصعيد عبر نشر قواتها رسمياً في دونباس، وربما الاستيلاء على أجزاء من منطقتي دونيتسك ولوهانسك، في خطوة أولى تقيس من خلالها موسكو رد الفعل الغربي قبل المضي قدماً”.

وأشار إلى أن روسيا قد ترفع حدة التصعيد باستخدام ضربات عسكرية محدودة، لكن حاسمة أيضاً، كما فعلت مع جورجيا عام 2008، مضيفاً “بوتين ليس مستعجلاً على إيجاد حل، ولديه كل الصبر حتى لو طال الانتظار، وستتمحور استراتيجيته حول قدرته على المناورة على عامل الزمن.

الخصم والوسيط
وسلط الكاتب سام منسى، في مقالة له بصحيفة “الشرق الأوسط” الضوء على مفارقة لافتة، حيث أن روسيا خصم الولايات المتحدة في الأزمة الأوكرانية، هي الوسيط بين واشنطن وطهران في مباحثات فيينا حول العودة للاتفاق النووي.

وقال الكاتب: “تتصاعد حدة الأزمة الأوكرانية التي تكاد تحجب كل ما عداها، بينما توحي أجواء المفاوضات الدائرة في فيينا بشأن العودة إلى الاتفاق النووي بقرب تصاعد الدخان الأبيض”.

وأضاف “يصعب استبعاد تأثير حجم التوتر الكبير بين واشنطن وموسكو، على دور روسيا على طاولة مفاوضات فيينا، كطرف رئيس مع شريكه الصيني، وتأثيرهما معاً في تسهيل أو تعقيد مسار العودة إلى الاتفاق”.

وتابع “في الواقع، لا يجوز تجاهل انعكاسات الأزمة الأوكرانية على هذا الملف واعتبارها غير موجودة، كما يصعب تصديق أن موسكو لن تستخدم مفاوضات فيينا للَي ذراع واشنطن، والدفع باتجاه تسوية لصالحها على الجبهة الأوكرانية، فلم يعد خافياً أن روسيا تستسيغ دوماً إدارة الأزمات، واعتماد التكتيك أكثر من الحلول المستدامة والمواقف الاستراتيجية”.

وقال الكاتب إن “قراءة هذا المشهد تكذب توقعات سابقة بأن الحدث الأوكراني قد يعجل سير المفاوضات في فيينا، إذ يبدو أن المراوغة الروسية سوف تجعل المراوحة تستوطن المسرح الأوروبي، وتمدد للتوتر الأمريكي الأوروبي الروسي المفتوح على احتمالات كثيرة”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.