لم تعد القارة الإفريقية مسرحاً لتنافس الدول الكبرى فحسب، بل أصبحت وجهة بلدان كثيرة، تحاول اللحاق بركب الحصول على خيرات القارة.
رغم أن سنغافورة لم يكن لديها سوى شركة استثمارية واحدة في كيجالي عاصمة رواندا شرق القارة السمراء، تدير الموانئ، ولا تكاد ترى في إفريقيا أكثر من 10 سنغافوريين، إلا أن ذلك سوف يتغير قريباً، خاصة مع تزايد الوعي في سنغافورة بالفرص المتاحة في إفريقيا.
قال موقع بيزنس تايمز: “في وقت سابق من الشهر الماضي، زار نائب رئيس الوزراء السنغافوري، ثارمان شانموغاراثنام، دول جنوب إفريقيا وموريشيوس وإثيوبيا، واجتمع من قادة الحكومات هناك، في خطوة لتعزيز قدرتها على الصمود الاقتصادي من خلال تنويع روابطها مع البلدان الأخرى، التي نمت في الآونة الأخيرة كحركة عكسية بسبب التحركات التي يبذلها الغرب نحو مزيد من الحمائية والعزلة ضد آسيا في إفريقيا”.
وأضاف الموقع أن هذه الخطوة الرامية إلى تعزيز المشاركة مع إفريقيا التي ترتبط بتوصية لجنة الاقتصاد المستقبلي بتنويع العلاقات، قد تلقى عدة عقبات، أهمها أنه من الصعب بالنسبة لسنغافورة وضع الكثير من الأمل على الاقتصاد الإفريقي لأن القارة مسرحاً فعليا لتنافس الدول الكبرى التي تقتسم احتياجاتها في القارة بين بعضهم بعضا، وبالنظر إلى الوضع الحالي، هناك مجموعة واسعة من السيناريوهات التي يمكن أن تلعب في نهاية المطاف دوراً لصالح سنغافورة، ومع ذلك، فإن سنغافورة لم تعد قادرة على إرفاق استراتيجية نموها لتكون وظيفة للنمو الاقتصادي الشامل على الصعيد العالمي.
وتابع “بيزنس تايمز” أن سنغافورة ترى في إفريقيا المكان الذي تتلاءم فيه مصالحها ونموها من خلال بناء أسواق ناشئة، والمتوقع أن تنمو بنسبة 4,5% خلال السنوات القليلة المقبلة بمعدل أسرع بكثير عن معظم المناطق الأخرى خارج آسيا، خاصة أن إفريقيا خلافاً لمعظم دول العالم تنمو وتتزايد بسرعة.
وذكر الموقع أن الرؤية السنغافورية تجاه إفريقيا لا تقتصر على فرصتها في النمو فحسب، بل في سكان القارة البالغ عددهم 1,2 بليون نسمة ومتوسط عمرهم 19 سنة، مما يعتبر فرصة هائلة للنمو خاصة إذا انتقل الشباب إلى مرحلة نشطة اقتصاديا، وأصبحوا قوة فاعلة في النشاط الاستثماري.
وأوضح “بيزنس تايمز”: “رغم التنافس الدولي على القارة، إلا أن سنغافورة ترى أن المنافسة ليست شرسة الآن، لذلك تعتبر ذلك فرصة حقيقية لأخذ موطئ قدم في القارة، بعد إقامة الصينيين الكثير من البنى التحتية في السنوات القليلة الماضية، خاصة في مجال النقل، أصبحت بعض الأسواق أكثر سهولة، ومن الأمثلة على ذلك، خط قطار يبلغ طوله 750 كيلومترا يربط بين أديس أبابا عاصمة إثيوبيا غير الساحلية، وميناء جيبوتي البحري على البحر الأحمر، حيث كان الخيار الوحيد للركاب والبضائع قبل إنشاء خط القطار، السفر من جيبوتي إلى إثيوبيا في رحلة تستغرق عدة أيام على طريق مزدحم ومقطوع”.
واستطرد الموقع: “في الأيام والسنوات المقبلة، مع بناء خطوط النقل تلك، الأسواق التي كانت في السابق من الصعب جدا الوصول إليها، ستكون من السهولة بلوغها ليس فقط بالنسبة لسنغافورة، بل أيضا بالنسبة للبلدان الأخرى، وحتى مع نمو التجارة بين سنغافورة وإفريقيا بمعدل سنوي مركب بلغ 5.2% منذ عام 2005، ليصل إلى 11.5 بليون دولار من دولار في عام 2015، فإن ذلك يتضاءل بسبب التجارة بين بلدان آسيا والمحيط الهادئ وإفريقيا والبالغة 271 بليون دولار”.
وأشار الموقع إلى أن هناك بالفعل نحو 50 شركة سنغافورية تعمل في جميع أنحاء القارة، في قطاعات تتراوح بين الأعمال التجارية الزراعية والسلع الاستهلاكية سريعة الحركة.