نقلت أوساط ديبلوماسية لبنانية على الحراك الأوروبي من أجل دعم النازحين السوريين في لبنان، أن الأولوية لدى الدول الأوروبية هي لتقليص الدعم المادي لكل السوريين في لبنان، وقد تكرّس هذا التوجّه من خلال كل الدعوات الدولية لدمج النازحين في المجتمع اللبناني. وكشفت الاوساط أن ما من مشروع جدي لنقل النازحين من لبنان أو من الدول المجاورة الأخرى التي لجأوا إليها خلال سنوات الحرب إلى سوريا. واعتبرت أن الحديث عن إعداد خارطة طريق دولية أو أوروبية بشكل خاص لتأمين هذه العودة، لا يتعدّى الطرح السياسي من دون الوصول إلى مرحلة الترجمة الفعلية، لافتة إلى أن هذا الواقع الذي بات مكرّساً في العام الماضي، يجب أن يشكّل حافزاً للحكومة اللبنانية لكي تأخذ زمام المبادرة، وتعمل بشكل مباشر وبعيداً عن أية أطراف خارجية دولية أو إقليمية، وتقوم بالحوار مع النظام السوري للوصول إلى حلول عملية تؤمّن العودة في أقرب وقت ممكن.
وقالت الأوساط الديبلوماسية نفسها، أن إدارة الوجه عن معالجة هذا الملف الخطير، تشكّل إساءة إلى اللبنانيين، كما إلى اللاجئين السوريين، لا سيما وأن هذا الملف قد عولج، ومنذ بداية الحرب في سوريا وتوافد السوريين إلى لبنان، بنوع من سوء التقدير لحجم المشكلة، فالدول الأوروبية مجتمعة عجزت عن استيعاب مليون نازح سوري، في حين أن لبنان بمفرده يستضيف نحو المليونين من النازحين، وإن كانت أرقام المنظّمات الدولية تشير إلى نصف هذا الرقم، وذلك بسبب توجّهها إلى تقليص الدعم المادي لهم.
وإزاء هذا الواقع، وعلى الرغم من أن الحكومة ورئيسها سعد الحريري، قد أعلنوا في أكثر من مناسبة رفض إقامة الحوار مع دمشق من أجل بحث ملف اللاجئين، فقد أكدت الأوساط نفسها، أن الحكومة اللبنانية مضطرّة للتعاون مع النظام من أجل حلّ المشكلة، كون هذا الحلّ يصبّ في مصلحة لبنان في الدرجة الأولى، وبالتالي، فإن هكذا حوار مع دمشق قد بات ضرورة ملحّة، خصوصاً كل عواصم الدولية، وبشكل خاص الأوروبية، بدّلت نظرتها إلى النظام السوري، بينما وضعت الولايات المتحدة الأميركية عنوان القضاء على «داعش» في أولوية روزنامتها في سوريا، وبالتالي، باتت عواصم القرار الدولية تتعاطى مع النظام السوري بشكل أو بآخر. وأكدت أنه إذا كان الحوار مع سوريا يشكّل حساسية لدى بعض مكوّنات الحكومة، فإن الإبقاء على الواقع الحالي للجوء لجهة عدم اعتماد سياسة واضحة إزاء المجتمع الدولي، والبقاء في موقع المتلقّي والمنتظر للوعود التي لم تتحقّق، ولا يبدو أنها ستتحقّق بالنسبة للحلول المتاحة لعودة النازحين السوريين، كل ذلك سيؤدي نحو تزايد أعدادهم وعدم تسجيل غالبية الولادات التي تحصل في لبنان، وبالتالي، زيادة الأزمات المدرجة على طاولة الحكومة في العام 2018، مع العلم أنه مع بدأ عملية التسوية السياسية في سوريا، فإن العودة إلى مناطق آمنة باتت مؤمّنة، ولكن العبور إليها ليس سهلاً بسبب استمرار الرفض لأي تعاون مع دمشق من قبل الحكومة اللبنانية.