أوروبا المستاءة تتكاتف لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني.. ومصالحها الاقتصادية

الجريدة نت10 مايو 2018
أوروبا المستاءة تتكاتف لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني.. ومصالحها الاقتصادية

سعى حلفاء أوروبيون مستاؤون لإنقاذ اتفاق نووي دولي مع إيران أمس الأربعاء، بعد أن اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً بانسحاب بلاده من الاتفاق التاريخي، في حين سخر مسؤولون في طهران من الرئيس الأمريكي.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان: “الاتفاق لم يمت. هناك انسحاب أمريكي من الاتفاق لكن الاتفاق ما زال موجوداً”.

وحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الإيراني حسن روحاني على الانضمام لفرنسا وبريطانيا وألمانيا في تمسكها ببنود الاتفاق النووي الموقع عام 2015، رغم قرار ترامب بالانسحاب منه.

وأعلن ترامب يوم الثلاثاء، أنه سيعيد فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على إيران لتقويض ما وصفه بـ “اتفاق مروع أحادي ما كان يتعين على الإطلاق إبرامه”.

وقال أمس الأربعاء، إن إيران ستتفاوض أو “سيحدث شيئاً ما”. ولم يتضح بعد ما هي الإجراءات التي كان يشير إليها.

عقوبات جديدة
وأكد البيت الأبيض لاحقاً، أن ترامب يعد لفرض عقوبات جديدة على إيران، ربما في الأسبوع القادم على أقرب تقدير، دون ذكر التفاصيل.

واشتكى ترامب من الاتفاق، الذي عُدّ من إنجازات سلفه الديمقراطي باراك أوباما، لفشله في التصدي لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وأنشطة إيران النووية بعد 2025، و دورها في الصراعات الدائرة في اليمن وسوريا.

وقال لو دريان، إن إيران تفي بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق.

وأضاف لو دريان لراديو “ار.تي.ال” الفرنسي: “المنطقة تستحق أفضل من المزيد من الاضطرابات التي يثيرها الانسحاب الأمريكي. لذلك نريد التمسك به وأن نضمن تمسك إيران كذلك به وأن تمارس ضبط النفس”.

وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيلتزم بالاتفاق النووي مضيفاً أنه سيضمن استمرار رفع العقوبات عن إيران طالما تفي بالتزاماتها.

وسعى وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس الأربعاء، إلى تبديد المخاوف من أن تكون الولايات المتحدة قد أبعدت نفسها عن حلفائها المقربين بقرارها الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.

وأوضح ماتيس للجنة المخصصات بمجلس الشيوخ: “سنواصل العمل إلى جانب شركائنا وحلفائنا لضمان منع إيران إلى الأبد من الحصول على سلاح نووي، وسنعمل مع آخرين على التصدي لنفوذ إيران الخبيث”.

وذكر لو دريان أن فرنسا تدرك مثل غيرها أن هناك مخاوف بشأن قضايا أخرى غير القدرات الإيرانية النووية، لكنه قال إن هذه القضايا يمكن بحثها دون التخلي عن الاتفاق النووي.

وتعتمد فرص إنقاذ الاتفاق بدرجة كبيرة على قدرة الشركات العالمية واستعدادها لإقامة أعمال في إيران رغم العقوبات الأمريكية.

وأكد لو دريان، أن اجتماعات ستعقد كذلك مع شركات مثل “توتال” النفطية وغيرها من الشركات والكيانات الاقتصادية الكبرى العاملة في المنطقة.

وفيما ينذر بما قد يحدث في المستقبل قال السفير الأمريكي لدى ألمانيا، إنه يتعين على الشركات الألمانية وقف أنشطتها في إيران على الفور.

وقال وزير المالية الفرنسي بورنو لو مير، للإذاعة الفرنسية، إن قرار ترامب حول إيران خطأ ولا يجب على الولايات المتحدة  أن تعتبر نفسها “الشرطي الاقتصادي” للعالم.

وأكدت شركات أوروبية منها “بي.اس.ايه” صانعة الكاميرات و”إيرباص” لصناعة الطائرات، و”سيمينز” أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويزيد قرار ترامب الضغوط على التحالف بين أمريكا وأوروبا منذ توليه السلطة قبل 16 شهراً.

 وزار القادة الأوروبيون واشنطن واحداً تلو الآخر وحاولوا تلبية مطالبه وناشدوه الإبقاء على الاتفاق.

وأبقت إدارة ترامب الباب مفتوحاً للتفاوض على اتفاق جديد مع الحلفاء، لكن لم يتضح بعد إذا كان الأوروبيون سيقبلون هذا الخيار أو العمل على إقناع إيران به.

وقال زعماء بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، الموقعين على الاتفاق مع الصين وروسيا في بيان مشترك، إن قرار ترامب يدعو “للأسف والقلق”.

لكن أحد الدبلوماسيين الغربيين عبر عن موقف أكثر وضوحاً بقوله إن الولايات المتحدة “تعلن عقوبات سيكون أول ضحاياها حلفاء ترامب الأوروبيون” وأضاف الدبلوماسي أنه من الواضح أن ترامب لا يعبأ بالتحالف.

أمريكاً أولا
يعد قرار الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني من أكثر القرارات المرتبطة بسياسة ترامب المتمثلة في شعار “أمريكا أولاً” التي دفعته للانسحاب من اتفاق المناخ الموقع في باريس، والاقتراب من حرب تجارية مع الصين، والانسحاب من اتفاق تجاري مع آسيا والمحيط الهادي.

ويعكس كذلك فيما يبدو تنامي نفوذ المتشددين ضد إيران داخل الإدارة الأمريكية مثل وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون.

طوق اقتصادي
وسيُصعب تجديد العقوبات على إيران بيع نفطها في الخارج أو استخدام النظام المصرفي العالمي.

وإيران، ثالث أكبر أعضاء أوبك، تُنتج نحو 3.8 مليون برميل يومياً من النفط الخام أي أقل بقليل من 4% من الانتاج العالمي.

وتشتري الصين،والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية، أغلب صادراتها التي تبلغ نحو 2.5 مليون برميل يومياً.

وتقول وزارة الخزانة الأمريكية، إن العقوبات المتعلقة بقطاعات الطاقة، والسيارات، والمالية الإيرانية، سيعاد فرضها في غضون ما بين ثلاثة و6 أشهر.

وقال وزير الخزانة ستيف منوتشين، إن التصاريح لشركتي “بوينغ” و”إيرباص” لبيع طائرات ركاب لإيران ستُلغى، ما سيوقف صفقة بـ 38 مليار دولار.

وأكد ترامب، أن الاتفاق النووي لم يمنع إيران من الخداع والاستمرار في السعي لامتلاك سلاح نووي.

وقال: “من الواضح لي أننا لا يمكننا منع تصنيع قنبلة نووية إيرانية بموجب الهيكل المتداعي المتعفن للاتفاق الحالي… الاتفاق الإيراني معيب في جوهره”.

وأوضح، أنه مستعد للتفاوض على اتفاق جديد مع إيران لكن طهران استبعدت ذلك بالفعل وهددت برد لم تحدده إذا انسحبت الولايات المتحدة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.