الغلاء يضرب المصريين في أرخص وجباتهم

الجريدة نت15 مارس 2019
الغلاء يضرب المصريين في أرخص وجباتهم

ارتفعت أسعار أرخص وجبات الشارع في مصر بنسبة 30% على الأقل، والتي تنتشر عبر عربات متنقّلة في شوارع العاصمة القاهرة؛ في ظل تصدير السلطات لبضائع البلاد الجيدة واستيراد الرديئة لسد العجز الداخلي.

واعتاد المصريون، حتى وقت قريب، على أن يحصلوا على وجبة معقولة تضم “طبق فول، وثلاث قطع فلافل متوسطة الحجم، وطبق سلطة مع بصلة وليمونة” بنحو 5 إلى 7 جنيهات (نحو 0.40 دولار)، وتكفي فرداً واحداً، بحسب تقرير لشبكة “بي بي سي”.

وارتفع السعر اليوم من 10 إلى 12 جنيهاً (نحو 0.69 دولار) للوجبة نفسها، بينما توقّف الباعة عن بيع الفول المخدوم بالبهارات أو من دونها في أكياس بلاستيكية للاستهلاك في المنزل بأقل من 5 جنيهات، باستثناء زبائن يُعرف أنهم أفقر من أن يدفعوا تلك الجنيهات الخمسة.

الارتفاع طال أسعار “السندوتشات”؛ فزادت من جنيهين إلى 3 أو 4 جنيهات (نحو 0.23 دولار)، بحسب محتويات الساندوتش ونوعية الخدمة، وفي مناطق ومطاعم أخرى زاد سعر الساندوتش إلى 5 جنيهات ( 0.29 دولار) وأكثر.

ونقلت الشبكة البريطانية في تقريرها عن أحد الحرفيين، الذي قدّم له أحد العاملين على العربة وجبته، قوله إنه كان ينفق حتى وقت قريب بين 200 و300 جنيه (نحو 17 دولاراً) أسبوعياً على طعامه منفرداً، كوافد إلى العاصمة من الريف للعمل.

وأضاف أنه الآن ينفق قرابة 500 جنيه (28.7 دولاراً)، ولا سيما مع ارتفاع كلفة وجبات مثل الفول والفلافل التي يكتفي بها إفطاراً وغداء لتخفيف فاتورة طعامه الأسبوعية.

مصريون كثر ممن اعتادوا تناول تلك الوجبة يومياً خارج المنزل لانخفاض ثمنها باتوا الآن أمام عبء جديد، ولا سيما أن زيادات مماثلة طالت جميع مفردات سلّتهم الغذائية، منذ أن بدأت الدولة بتنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي، في نوفمبر 2016، تماشياً مع اتفاق للحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، للخروج من أزمة خانقة يعيشها الاقتصاد المصري.

غير أن أسعار الفول والفلافل، وهي أرخص الوجبات وجزء لا يتجزّأ من مفردات إفطار المصريين بكل طبقاتهم، شهدت زيادة استثنائية في الأسابيع الأخيرة، مع الزيادة الكبيرة في أسعار حبوب الفول، وهي المكوّن الرئيس في تلك الوجبة.

استغلال واحتكار

وقال عدد من التجار في سوق الغلال الرئيسية في العاصمة القاهرة، إن زيادة سعر الفول نجمت عن زيادة كبيرة في فاتورة استيراده، بحسب التقرير.

بينما وجّه أحد التجار أصابع الاتهام إلى مجموعة سمّاها بـ”الكبار”، دون تحديد أسمائهم، باحتكار السلعة المستوردة وتخزينها بهدف التربّح منها.

وأضاف محمد هاشم، الذي قال إنه يقود حملة لبعض التجار ضد الغلاء واحتكار السلع، بأن “مجموعة من كبار المستوردين تحتكر الفول وسلعاً أخرى”، مطالباً وزير التموين المصري بتفعيل قانون منع الممارسات الاحتكارية.

بدوره نفى رجب شحاتة، عضو غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، أن تكون هناك عملية احتكار للفول المستورد، مشيراً إلى أن هناك ارتفاعاً عالمياً في سعره نتيجة تراجع إنتاجيّته في عدد من بلدان العالم؛ بسبب عوامل الطقس وغيرها، وكذا تراجع مساحة زراعته محلياً، وتأخّر وزارة الزراعة في مكافحة الآفات المضرّة بالمحصول، فضلاً عن تأخر تنفيذ سياسات تعزيز الإنتاج المحلي.

وكشف شحاتة، بحسب التقرير، أن مصر تصدّر جزءاً كبيراً من إنتاجها من الفول المحلي رغم ضآلته؛ لجودته وسعره المرتفع، وفي المقابل تستورد الفول من بلدان مختلفة لسد العجز بالداخل.

وأعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية والبنك المركزي المصري، مؤخراً، استثناء واردات الفول والأرز والعدس من شرط الغطاء النقدي الكامل على العمليات الاستيرادية لمدة عام؛ حتى 15 مارس 2020.

وكان البنك المركزي في مصر قد فرض هذا الإجراء عام 2015؛ في ظل نقص حادٍّ في الدولار في ذلك الحين.

وفي مارس الجاري، قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر إن معدل التضخم ارتفع، خلال شهر فبراير الماضي، بنسبة 1.8% مقابل شهر يناير.

ورغم ارتفاع معدل التضخم على أساس شهري، أوضح الجهاز في بيان له أن معدل التضخم السنوي انخفض بأقل من 0.5%، خلال شهر فبراير الماضي، ليصل إلى 13.9%، مقابل 14.3% في ذات الشهر من العام الماضي.

ويعاني الاقتصاد المصري من تدهور كبير نتيجة ارتفاع الدين الخارجي وفقدان الجنيه لقيمته أمام الدولار، وانتشار الفساد بأضعاف مضاعفة منذ حدوث الانقلاب العسكري، في يونيو 2013، على يد “الرئيس الحالي”، عبد الفتاح السيسي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.