على الرغم من جمال المناطق الساحلية وجاذبيتها، والاستمتاع بمنظرها البحري، فإن كثيرين يتذمرون في فصل الصيف؛ من الرطوبة العالية وارتفاع درجات الحرارة.
وفي هذه الأماكن وغيرها تزيد الرطوبة من الشعور بالحرارة وإرهاق الجسم، ويعود ذلك إلى عدم تبخر العَرق الذي يفرزه الجسم، بسبب تشبُّع الهواء بالبخار، أو ارتفاع نسبته بشكل كبير؛ وهو ما يسبب الإحساس العالي بالحرارة، وفقاً للمتنبئ الجوي في موقع “طقس العرب”، حسن عبد الله.
والرطوبة هي مصطلح يصف كمية بخار الماء بالهواء، وتختلف حسب درجة الحرارة وضغط الهواء.
وعكس مساوئ الرطوبة بفصل الصيف، فإنها مفيدة في الشتاء، حيث ترفع درجات الحرارة الصغرى للجسم، وتجعل الجو أكثر دفئاً، لكن قد تكون نسب الرطوبة المرتفعة خطيرة في حال وصول درجات الحرارة للتجمد، حيث يتشكل الصقيع الذي يضر المحصولات الزراعية.
وللرطوبة مخاطر كبيرة تؤثر في الأشخاص والمنازل، ففضلاً عن أنها تعمل على تخزين الماء بالجسم، وتقلل نسبة التعرق، فإنها تؤدي إلى هبوط الدورة الدموية، نتيجة لاتساع الشرايين، بسبب الحرارة التي تؤدي إلى الصداع واضطراب ضربات القلب، والشعور بالإجهاد العام.
كما أنها تتسبب في زيادة الملوثات مثل العفن، والبكتيريا، والفيروسات، والفطريات، والغبار، وهو ما يضر الجسم، خاصةً الجهاز التنفسي، وتسبب حساسية الأنف وحساسية الصدر وحساسية الجلد، كما أنها تعد من كبرى المشاكل التي تواجه مرضى الربو.
كيف تتصدى للرطوبة؟
وللحد من الآثار المترتبة على الرطوبة، ينصح الأطباء بضرورة الابتعاد عن أماكن الرطوبة العالية، مع تأكيد ضرورة الوجود في أماكن جيدة التهوية، بالإضافة إلى غسل الجسم بشكل متكرر، سواء من خلال الوضوء أو بالاستحمام المتكرر، حتى يستطيع التعامل مع حرارة الجو وعدم تخزينها.
كما أنه من المهم شرب كميات كافية من المياه، حتى يعوض الجسم ما فقده بسبب الحرارة العالية.
ويقول الأطباء وفق الدراسات، إنَّ تناول كوب واحد من الشاي أو القهوة يفيد في إدرار البول، ويساعد على تخليص الجسم من المياه الزائدة، ويقلل من احتمالية التعرض لهبوط عام بالدورة الدموية.
ولا تؤثر الرطوبة في الجسم فقط، بل تؤثر أيضاً في المنازل. الرابطة الألمانية للشركات المتخصصة في تكييف البنايات قالت إنه يمكن محاربة الرطوبة بالمنزل من خلال حجب الشمس، بإغلاق جميع النوافذ أو الستائر الدوَّارة أو المظلات الخارجية للنوافذ أو الستائر القماشية، كما يمكن تركيب شيء على النوافذ، للحماية من الشمس.
وأشارت الرابطة إلى أن تجفيف الملابس داخل المنزل يتسبب في ارتفاع درجة الرطوبة بالغرفة؛ ومن ثم الإحساس بالاختناق، كما أنه لا يُنصح بترك المناشف المبللة في الغرف أو تعليقها أمام النوافذ المفتوحة.
وللتقليل من الرطوبة، يجب إغلاق الأجهزة الكهربائية بالكامل؛ إذ إنها وهي في وضع الاستعداد تشع قدراً من السخونة؛ وهو ما يتسبب في ارتفاع درجة الحرارة بالغرفة، كما أن للتهوية الجيدة دوراً كبيراً في الحد من نسبة الرطوبة.
ويُنصح بوضع الصحف في أسفل رفوف الخزائن الموجودة بالمنزل، لأنها تمتص الرطوبة، كما أن الفحم والملح يمتصان الرطوبة.
ومن المهم جداً إعادة طلاء الأثاث أو النوافذ الخشبية، لأنه يمنع نمو الفطريات التي تسبب العفن.
من جهة أخرى، يُنصح بفتح منافذ الحمام بعد استخدامه؛ لأنه يعتبر المصدر الرئيسَ للرطوبة، بسبب وجود حوض الاستحمام فيه.
الشرق الأوسط والرطوبة
وفي دول الخليج، ترتفع نسبة الرطوبة في فصل الصيف، لتصل إلى معدلات عالية جداً، وسجلت عديد من الدول بمنطقة الشرق الأوسط درجات حرارة عالية، خاصة في الكويت. وحذرت دراسة علمية سابقاً من أن ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة بمنطقة الخليج سيجعل العيش فيها مستحيلاً بعد 60 أو 80 عاماً.
وأشارت الدراسة التي نُشرت في مجلة “Nature Climate Change”، إلى أن “ارتفاع درجات الحرارة بنسبة عالية يدفع البشر إلى الغرق بالعرق، الذي لا يمكن أن يتبخر من على أجسادهم، بسبب ارتفاع حاد في نسبة الرطوبة، التي بدورها تتبخر نتيجة ارتفاع درجة حرارة المياه”.
ومن ثم فإن ذلك يعرّض جسم الإنسان للخطر، ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة في آن واحد، أوقاتاً طويلة، يخلق ذلك ظروفاً غير قابلة للحياة، وفق ما أوردته الدراسة.
ويرى الباحثون أن درجات الحرارة والرطوبة ستبلغ المستوى الحرج في الفترة بين عامي 2071 و2100 ببعض مناطق الخليج، خاصة في قطر والإمارات وبعض مناطق إيران.
ويُذكر في هذا السياق أن درجات الحرارة بعدد من مناطق العراق وإيران قد اقتربت في الصيف الماضي، من المستوى الخطر، حيث تجاوزت الدرجات بالنهار هناك أحياناً 50 درجة مئوية وبالليل 30 درجة، حسبما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز”.