ثار مقطع فيديو متداول لفتاة سعودية منقبة وهي ترقص في ملهي ليلي بين عدد كبير من الشبان، في إحدى مدن المملكة، غضب السعوديين، وسط مطالبات بإغلاق المكان ومحاسبة القائمين على هيئة الترفيه، وعلى رأسهم تركي آل الشيخ.
وتظهر في مقطع الفيديو المتداول فتاة منقبة تتمايل وسط حلقة من الشباب والفتيات في ملهى ليلي يبدو في مدينة جدة السعودية، بطريقة مثيرة، مع تبادل للصراخ بين المتواجدين، وهو ما يعد خروجاً عن القيم الدينية والمجتمعية للشعب السعودي.
وطالب السعوديون بإعادة تفعيل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مبدين رفضهم لـ”ضباط الذوق العام” الذين أعلنت هيئة الترفيه عنهم، لكونهم لا يقومون بالدور المطلوب منهم.
ولم يكن الفيديو المتداول الوحيد الذي أثار غضب السعوديين؛ إذ سبقه تنظيم هيئة الترفيه، يوم الجمعة 11 أكتوبر 2019، الذي يعتبر اليوم الأكثر أهمية عند المسلمين وخصوصاً في السعودية، حفلاً موسيقياً لفرقة “بي. تي. إس” الكورية.
وكان رئيس هيئة الترفيه، تركي آل الشيخ، أعلن في مؤتمر صحفي، مؤخراً، عن استراتيجية عمل الهيئة الحكومية في المرحلة المقبلة، مشدداً على أن هيئته مستعدة لـ”إصدار تراخيص العروض الحية في المقاهي والمطاعم لعزف الموسيقى والعروض الغنائية وألعاب الخفة والكوميديا”.
وشدد “آل الشيخ” على أن ما تشهده المملكة “ما كان ليتحقق لولا وجود شخص بمقام ورؤية ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان”.
ملهى ليلي
أُعلن في السعودية، في 11 يونيو 2019، افتتاح “ملهى ليلي” في مدينة جدة، التي تبعد عن مكة المكرمة، التي تضم الكعبة المقدسة، 79 كيلومتراً غرباً، ليكون أول ملهى ليلي في هذه البلاد، من خلال استضافة مغني الراب الأمريكي الشهير “ني يو”.
ويحتوي الملهى الليلي على “حلبة رقص، بعد حصوله على التراخيص المطلوبة”، لكنه “لن يقدم الخمور”، ويسمح لكلا الجنسين بالدخول إليه، على أن تزيد الأعمار على 18 عاماً، بحسب تقارير صحفية.
وكان هذا الحفل الصاخب بداية في الطريق إلى “موسم الرياض الترفيهي”، الذي انطلق منتصف أكتوبر ويستمر 70 يوماً، ويشهد حفلات وبرامج ترفيه واسعة أخرى.
وسعى القائمون على هذا المهرجان إلى إظهاره بصورة تعجب الزائرين إلى أبعد حد، لا سيما من خلال تقديم الخدمات، لكن تبين أن القائمين على المهرجان يحتقرون الزي السعودي الموروث المعروف بالحشمة، وهو ما عزز الهدف المبطن في ترويج ما سماه سعوديون بـ”الانفلات”.
تغريدات غاضبة
الناشط السعودي محمد آل دهمان، كتب في تغريدة عبر حسابه في موقع “تويتر” ضمن وسم “الذوق العام” الذي انتشر بعد تداول رقص الفتاة: “أشهد بالله أنها أساءت لسمعة الوطن وسمعة بنات الوطن وللنقاب ولتربية والديها!!”.
صاحب حساب “سلمان” قال في تغريدة له: “فتاة ساذجة ومتخلفة تتراقص أمام الحاضرين في كرنفال الرعب بموسم الرياض، وساذجين يدّعون معنى للرجولة يحضنون بعضاً، دائماً الذباب ما يجتمع إلا على القمامة “.
وطالب سلمان بمحاسبة كل من يقوم بتشويه سمعة السعودية والذوق العام، سواء بالرقص أو شيء آخر.
خالد الشيباني قال في تغريدة: إن “الحياء والستر والعفة لم تعد من علاماتها العباية والنقاب!!”.فهد الشمري كتب تغريدة غاضبة عبر حسابه قال فيها: “الفتاة التي ترقص ليست سعودية، ولكنها مرتزقة مدفوع لها حتى تشوه سمعة بنات الوطن، وتشوه من استخدم النقاب لأجل مقاطعة النقاب، وتحميس بنات الوطن لأجل الظهور بهذا المستوى”.
انفتاح بن سلمان
وفي محاولته الساعية لإحداث تغيير بالمملكة فرض ولي العهد، محمد بن سلمان، منذ توليه ولاية العهد، في يونيو 2017، حالة جديدة غير مسبوقة في المجتمع ببلاده؛ تجسّدت في انفتاح هائل بمجالات الموسيقى والغناء والمرأة، في حين قيّد من جانب آخرَ الأصوات التي ترفض هذا الانفتاح.
وسريعاً كان انتشار حفلات الرقص المختلط في السعودية، والتي وصفتها شبكة “بلومبيرغ” الأمريكية، في تقرير سابق لها، بأنها محاولة لإخفاء “الجانب المظلم” لولي العهد السعودي.
فولي العهد دشّن منصبه بعدد من الخطوات المفاجئة؛ أكثرها جدلاً وانتقاداً كان اعتقال عدد كبير من الشخصيات البارزة، بينهم أمراء من العائلة الحاكمة وأثرياء.
وأودع في السجون مجموعة من أبرز الدعاة السعوديين وأكثرهم شهرة على مستوى العالم الإسلامي؛ في خطوة هدفت إلى منع الآراء المضادة، وإن كانت تصدر من شخصيات دينية معتبرة.
المملكة، ومن بين أبرز مشاهد الاختلاط غير المسبوقة، شهدت حفلاً صاخباً للنجم الموسيقي الشهير ديفيد جوتا، في ختام سباق للسيارات جرى نهاية العام الماضي.
وسبقت هذا الحفل حفلات أخرى، وظهرت فتيات سعوديات في حالةٍ رَفَضَها السعوديون، بحسب ما عبّروا عنه في مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ كنّ يرقصن ويتمايلن مع الموسيقى.
ودعم بن سلمان سلسلة قرارات قضت بالتخلّي عن عدد من القوانين والأعراف الرسمية التي اعتمدتها البلاد على مدار عقود، أبرزها السماح للنساء بقيادة السيارة، وكذلك دخولهن ملاعب كرة القدم، فضلاً عن إقامة عرض للأزياء وافتتاح دور سينما، وهو ما واجه انتقادات شريحة واسعة من المجتمع.