بذلت تايلاند جهوداً مذهلة للغاية للسيطرة على جائحة فيروس كورونا، على غرار الكثير من دول شرق وجنوب شرق آسيا، إلا أن هذا لم يمنع معاناة البلاد من الانكماش الاقتصادي الذي يبدو أنه أسوأ بكثير من ذلك الذي يواجه جيرانها، أو الولايات المتحدة، حسب ما ذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء.
ويرجع ذلك أساساً إلى أن اقتصاد تايلاند يعتمد بشكل كبير على السياح القادمين من الخارج، الذين منعتهم السلطات من دخول البلاد منذ بدايات الجائحة، وبدأت الآن فقط في السماح بعودتهم في ظل ظروف تقييدية للغاية.
وفي تحليل حديث لتأثير أزمة السياحة الناجمة عن كورونا على أرصدة الحساب الجاري لـ 52 دولة، خلص صندوق النقد الدولي إلى أن تايلاند ستكون الأكثر تضرراً.
ويقيس الحساب الجاري التجارة في السلع والخدمات بالإضافة إلى التحويلات النقدية. والدول ذات الأرقام الأكثر سلبية تُصدّر عادة كثيراً من خدمات السياحة أكثر مما تستورد، وقد خفضت جائحة كوفيد – 19 ذلك الفائض في التجارة ذات الصلة بالسياحة بشكل حاد.
ومن بين البلدان الأخرى التي تلقت ضربات كبيرة بشكل خاص اليونان، بنسبة ناقص 5.9% من الناتج المحلي الإجمالي، والبرتغال ناقص 4.45% والمغرب ناقص 3.64% ، وكوستاريكا ناقص 3.38%. وقد يكون التفكير في السياحة من حيث الموازين التجارية مربكاً بعض الشيء في البداية.
وتُصدّر الدول التي تجلب سائحين أكثر مما ترسله إلى الخارج، خدمات سياحية أكثر مما تستورد في الواقع، وبالتالي تحقق فائضا في السياحة.
والدول التي ترسل أعدادا ضخمة من الأشخاص إلى الخارج بحثاً عن أشعة الشمس ومناطق الجذب الأخرى وتستقبل أعداداً أقل من الزوار هي مستورد صاف للسياحة. ومن خلال وقف السفر أو إبطائه، أدت الجائحة إلى خفض عجز تجارة السياحة لديها.
وكما أوضح الخبير الاقتصادي الأمريكي نوح سميث في مقال رأي كان قد نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، رداً على بعض المؤشرات “السخيفة” التي قالها مستشار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجاري، بيتر نافارو، فإن حقيقة أن العجز التجاري يظهر كأرقام سلبية في محاسبة الناتج المحلي الإجمالي، والفوائض على أنها إيجابية لا تعني بالضرورة أن تقليل الأول أو زيادة الأخير سيزيد النمو.
وفي حقيقة الأمر، يقلص الاستغناء عن إنفاق السائحين الأجانب بشكل حاد الناتج المحلي الإجمالي لتايلاند. وفي النرويج، فإن إنفاق سكانها المال في الداخل بدلاً من إنفاقه في ماربيا أو فوكيت، ربما يعزز الناتج المحلي الإجمالي إلى حد ما وإن كان ذلك في مواجهة الكثير من العوامل الأخرى، مثل انخفاض أسعار النفط، التي دفعته إلى الانخفاض.
وفي أوروبا، حيث تقوم الدول الشمالية الأكثر ثراء بإرسال عدد كبير من السائحين عادة إلى الدول الجنوبية الأكثر فقرا، أكثر مما تستقبله، يعني هذا أن الجائحة قد فاقمت الاختلالات الاقتصادية بين الشمال والجنوب في القارة. ويبدو أن حزمة التحفيز البالغ قيمتها 750 مليار يورو (885 مليار دولار) التي وافق عليها الاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران)، والتي تقدم أكبر فوائدها لإيطاليا وإسبانيا، وكأنها النوع الصحيح من الاستجابة، وإن لم تكن كبيرة ربما بما يكفي.
والولايات المتحدة ليست فقيرة أو جنوبية بشكل خاص، لكنها أيضاً من بين البلدان التي تحصل من الزوار الأجانب على أموال أكثر مما ينفقه سكانها في الخارج.
وهذا الفائض التجاري ليس ضخما، ومعظمه لا يأتي من السياح ولكن من رجال الأعمال والطلاب الأجانب الذين يدرسون في الكليات والجامعات هناك.
والولايات المتحدة ليست تايلاند، لكنها تحقق فوائد اقتصادية واضحة من السفر عبر الحدود، مما يعني أن حدوث جائحة أو أي شيء آخر يثبط مثل هذا السفر، هو خبر سيء.