مثل المطر بعد الجفاف، انفجرت على شبكات التواصل الاجتماعي منذ الساعات الأولى من صباح الإثنين، عاصفة من التهليل والفرح، على عشرات مواقع التواصل، خاصةً تويتر، عن “خبر القرن” الجديد، الذي سيُغطي على قضية ووترغايت الأمريكية التي فجرتها واشنطن بوست الأمريكية، عن اختراق وكالة الأنباء القطرية، ومواقع حكومية أخرى في الدوحة، واندلاع الأزمة الخليجية، التي انتهت إلى عزل قطر ومقاطعتها.

ولكن بعد ساعات من قيام الزوبعة المفتعلة، وبالنظر إلى الوقائع، لا يُمكن التغاضي عن الهنات والسقطات الكثيرة الظاهرة والخفية التي تحف بانفراد الواشنطن بوست، أو صحيفة “الحناجر العميقة” نسبة إلى المصادر التي اعتمدتها الصحيفة عند انفجار فضيحة ووترغايت التي أنهت مسيرة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون في منتصف السبعينات، بفضل تحقيقات صحافييها الشهيرين بوب ودورد وكارل بيرنشتاين.

مجد غابر
ولكن هذا “الإنجاز الإعلامي” الذي حققته الصحيفة، بعد الانفراد الوحيد الكبير من نوعه الذي يعود إلى حوالي نصف قرن من الزمن، لا يُمكن له أن يمر مرور الكرام، أو التعامل معه على أنه خبر عابر، على أعمدة صحيفة أمريكية كبرى، تورطت بما يُصطلح على تسميته اليوم “الأخبار الكاذبة، أو “فيك نيوز”، حتى قبل وصول الظاهرة السياسية والإعلامية دونالد ترامب، إلى منصب الرئاسة في الولايات المتحدة.

ولتأطير وتحديد المسار العام الذي انتشرت فيه ظاهرة الأخبار الكاذبة، ومسار نموها، وتوظيفها، والغاية منها ومن صناعتها، لا يُمكن التغاضي عن تحاليل وآراء أحد أبرز الصحافيين الأمريكيين المعاصرين، وأخطرهم على الإطلاق حتى بما يتجاوز وبمراحل أو درجات صحافيي ومحرري أكبر الصحف والمجلات الأمريكية، روبرت باري الصحافي أو “الذئب” المنفرد الذي فجر عشرات الملفات والقضايا التي عصفت بالإدارات الأمريكية ومراكز القوى الكبرى في الولايات المتحدة على امتداد الثمانينات من القرن الماضي، مثل فضيحة تمويل الكونتراس في نيكاراغوا، وفضيحة إيران غايت، وتسليح طهران عن طريق تجارة المخدرات في أمريكا الجنوبية برعاية وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وقبلها فضيحة تأخير إطلاق سراح الرهائن في إيران، لضمان فوز رونالد ريغان بالرئاسة وغيرها من القضايا الكبرى، التي تعرض لها بيري، معتمداً على تحقيقاته وحيداً، بلا مؤسسات صحافية كبرى تُسنده، ولا غطاء مخابراتي، أو دبلوماسي يدعمه ويحميه عند الضرورة.

“عصر ذهبي جديد”
ولكن أهمية باري الذي تفرغ منذ 1995 إلى الإعلام والصحافة الاستقصائية، لا تكمن في ذلك فحسب بل خاصةً في تحذيره مبكراً من صحافة الأخبار الكاذبة، وصناعتها، والتحذير منذ 2013 تحديداً، من تردي واشنطن بوست في صحافة الأخبار الكاذبة والمشبوهة، بحثاً عما أسماه “العصر الذهبي الجديد للصحافة” في أمريكا.

وبحسب باري في دراسة تحليلية نشرها موقعه كونسيرتيوم نيوز، في نوفمبر(تشرين الثاني) 2016، لم تتورط واشنطن بوست في صناعة “الأخبار الكاذبة” صدفةً أو من باب العبث والترف الصحافي، ولكن بعد ترديها في الماكرثية الجديدة، التي تُمثلها تحقيقات الصحيفة المزعومة عن “خضوع ترامب لروسيا وابتزاز الكرملين” للمرشح الرئاسي والتدخل في الانتخابات الأمريكية عن طريق الانترنت، اعتماداً على مركز أبحاث “مستقل” يجمع ديقراطيين وجمهوريين أمريكيين، عبر قائمة تضم أكثر من 200 موقع انترنت أحصاها كونسرتيوم نيوز مفصلةً، يجمع بينها الترويج لنظرية التدخل الروسي في الانتخابات عن طريق موقع أسود “بروب أور نوت” تديره الأجهزة السرية الروسية، لنسف الديمقراطية الأمريكية.

وحسب باري، فإن الواشنطن بوست ترددت ومنذ سنوات طويلة قبل ذلك في “التشهير والتنديد بالصحافيين المستقلين الذين يرفضون الانصياع لأوامر وزارة الخارجية الأمريكية، أو بعض المصادر الموثوقة” التي لا ترقى إلى الحقائق التي تكشفها الشكوك، ولا تقبل المراجعة أو النقد.

ويُلخص باري عقيدة واشنطن بوست الجديدة، واصفاً إياها بـ”الوضيعة” وهي التي لا تتردد في التشهير والإساءة إلى شخصيات وطنية كثيرة، لا تُشاركها مواقفها الأيديولوجية أو الإعلامية والسياسية، وبالنتيجة الطبيعية للمسار الذي اختارته الصحيفة لنفسها منذ 1985، سنة كشف باري تورط أوليفر نورث في فضيحة تسليح إيران، وتمويل عصابات الكونتراس في نيكاراغوا، واعتمادها نسبة الأخبار والتسريبات إلى مصادر “موثوقة” مجهولة، لحمايتها، تماماً مثل فضيحة وترغايت التي انتهت باستقالة نيكسون.

سقطات البوست
وبالنظر إلى مواقف باري الكثيرة والقديمة من واشنطن بوست، يكتسي اعتذار الصحيفة لاحقاً عن اتهاماتها، وعن تحقيقاتها المزعومة، أهمية خاصةً، أولاً لأنها تسبغ على أقوال باري كل مشروعيتها ومصداقيتها من جهة، ولأنها أيضاً لا تُمثل سوى واحدة، من السقطات الكثيرة التي وقعت فيها واشنطن بوست على امتداد السنوات الأخيرة، بدايةً بانفرادها عن “امتلاك العراق أسلحة دمار شامل” عبر سلسلة من التقارير التي اعتمدت على مصادر مجهولة، أكثرها من وزراة الخارجية الأمريكية، فمن خبر العلاقة المحرمة بين باراك أوباما والمغنية بيونسي في 2014، إلى خبر ” دفع الرئيس أوباما 400 مليون دولار فديةً إلى إيران” في 2016، بعد رفع العقوبات عن طهران، وعشرات الوقائع الأخرى، التي نشرتها الصحيفة قبل أن تعتذر عن بعضها مثل خبر العلاقة بين ترامب وروسيا، أو التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، نقلاً عن موقع تدوينات علني يُديره شاب جورجي باحث عن الشهرة، وهو ما لم تذكره الصحيفة أبداً، أو الأخبار التي تغاضت عن تعديلها أو تصويبها، إذا تبين زيفها وكذبها خاصةً إذا تعلق الخبر أو التقرير بالخارج الأمريكي، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تُحصى أو تعد.

ومن أبرز الأمثلة على هذه التقارير المثيرة، ذلك التقرير الذي نشرته الصحيفة عن “انسحاب ترامب من اتفاقية باريس حول المناخ” بسبب انزعاج ترامب من مصافحة ماكرون المهينة والقاسية في أول لقاء بين الرجلين في بروكسل قبل شهرين بمناسبة قمة دول حلف شمال الأطلسي في يونيو (حزيران) 2017.

ولإبراز موقع ومواقف الصحيفة من الإدارة الأمريكية، وتحديداً من تيار المحافظين الجديد، الذي كان مُهيمناً في سنوات بوش الإبن خاصةً، تكفي الإشارة إلى الافتتاحية المُثيرة للصحيفة في الذكرى العاشرة للغزو الأمريكي للعراق، التي تحدثت بلهجة الواثق من نفسه قائلةً في رسالة استبلاه للرأي العام الأمريكي قبل غيره “لأول مرة منذ عقود، لم يعد العراق الحديث مصدر تهديد، أو خطرا على جيرانه، وذلك في الوقت الذي كان فيه العراق يجري، لا يسير، نحو الانفجار والتفكك بقيادة نور المالكي، قبل سنة من سقوط الموصل في يد داعش، ودخول الشرق الأوسط بأكمله وليس العراق وحده، مرحلة حرجة غير مسبوقة”.

لعبة شطرنج في واشنطن
ولكن الحديث عن واشنطن بوست، وهي الصحيفة الكبرى في أمريكا، لا يستقيم إطلاقاً إذا تغاضينا عن دور وموقع الصحف الكبرى مثل نيويورك تايمز، وغيرها من رقعة الشطرنج الحقيقية التي تمثلها توازن القوى داخل واشنطن دي سي، خاصةً بين المراكز الخطيرة الثلاث، البيت الأبيض، ووزارة الخارجية، والمخابرات المركزية الأمريكية في لانغلي.

ومثل صحف أمريكية أخرى كثيرة، بعضها انقرض وبعضها يُجاهد للبقاء، ترتبط واشنطن بوست منذ عشرات السنين بوزارة الخارجية الأمريكية، ولعل شهادة باري في هذا المجال مجرد دليل إضافي على ذلك ولكنه ليس الدليل الوحيد، منذ الحناجر العميقة التي سربت المعلومات التي أسقطت نيكسون بعد فضيحة التجسس والتي كشفت لاحقاً حدة الصراع بين وزارتي الدفاع والخارجية في ذلك الوقت بسبب حرب فيتنام، والتي انتهت بانتصار وزارة الخارجية بعد تسريباتها لصحيفة واشنطن، التي أجهزت على نيكسون وإدارته لاحقاً.

وبالعودة إلى انفراد واشنطن بوست عن اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية، وتفجر الأزمة، لا بد من العودة إلى “توازن الرعب” بين فروع الإدارة الأمريكية، ومناورات الأجهزة التنفيذية المختلفة، من خارجية، ودفاع، وأمن قومي، وإف بي أي، وسي أي أيه، وغيرها، وفي هذا السياق تقول صحيفة لاستامبا الإيطالية الإثنين ، تعليقاً على الاختراق المزعوم “إن وصول تسريبات من وكالة المخابرات إلى واشنطن بوست ليس صدفةً على الإطلاق، بل هي محاولة للالتفاف على جهود الدولة المقاطعة لقطر، ومحاولة لإفشال استراتيجيتها”.

وعلى هذا الأساس يأتي “الكشف الكبير” للصحيفة القريبة من وزارة الخارجية بشهادة خبراء أمريكيين، ليضيف إلى الغموض غموضاً أكبر، ويطرح أسئلةً أكثر من تقديم أجوبة مقنعة، أو أدلة يُمكن الاستناد إليها والوثوق بها.

ويكفي النظر إلى التقرير المنشور على أعمدة الصحيفة الأمريكية عن الاختراق الإماراتي المزعوم للمواقع القطرية، وإلى واضعيه، لتزيد الصورة غموضاً وتعقيداً، وتبتعد الحقيقة التي هللت لها مواقع وتقارير إخوانية وقطرية كثيرة منذ نشر التقرير الصحافي “الفيك”.

العربة والحصان
ومنذ البداية، يضع التقرير العربة أمام الحصان، في عملية استخلاص ذاتية، للحقائق والوقائع، في البداية الاتهام استناداً إلى مصادر من المخابرات الأمريكية، وذلك في الوقت الذي يُشير التقرير الإيطالي مثلاً إلى دور الخارجية في تحريك التسريب الاستخباراتي بناءً على سابق معرفة بارتباط المخابرات الأمريكية بوزارة الخارجية أولاً، وبدور الوزير الحالي تيلرسون المثير في الأزمة الخليجية، حتى لكأنه تحول إلى وزير خارجية الظل أو المعارض، وليس الوزير الذي يُنفذ سياسة أو يتحدث باسم رئيسه دونالد ترامب، ولكن المثير في التقرير المستند إلى مصادر من المخابرات، قاموسه ومصطلحاته المثيرة “يبدو أن” و”لم يتضح بعد إذا ما كان” و”لا يُعرف على وجه الدقة إذا ما” وباستثناء المقدمة المباشرة التي تتهم الإمارات بالاختراق، لا يبقى في التقرير الذي جاء في حوالي 1800 كلمة، سوى 49 كلمة هي مجمل ما قالت الصحيفة في مقدمتها لتسوق اتهامها، وذلك رغم رفض كل الجهات التي عادت لها الصحيفة الخوض في مثل هذا الاتهام بشكل رسمي ومسؤول، كما يُفترض في المصارد المسؤولة والرسمية، من وزارة الخارجية، إلى المخابرات الأمريكية، إلى وزارة الأمن القومي، إلى مكتب التحقيقات الفدرالي، إلى غيرها من الوكالات والأجهزة المعنية بشؤون التجسس وتحليل المعلومات.

مراهقات

ويقتصر التقرير تقريباً على استطرادات طويلة، وربط غير سلس في أكثر من مناسبة وموقع، بين الإمارات والاختراقات المزعومة، التي حولت قطر إلى ما يُشبه الغربال أو قطعة جبن سويسري من صنف غرويير، بسبب عددها وكثرتها، وأهميتها.

ويطرح التقرير الأخير للصحيفة الأمريكية، أسئلة حول مصداقيته والهدف منه، أكثر مما يدعيه التقرير وواضعوه من حقائق صحافية أو انفرادات، بما أن قطر نفسها التي ادعت التحقيق في الاختراقات بمشاركة إف بي أيه، توقفت جرأتها عند اتهام “دول مجاورة بالمسؤولية عن الاختراقات التي تعرضت لها مواقع حكومية رسمية، بواسطة أجهزة أي فون”، أما مكتب التحقيقات الفدرالي الذي تحول عملاؤه إلى الدوحة، فقدوا القدرة على “تسريب المعلومات” التي توصلوا لها بعد تحقيقاتهم السرية والعلنية عن الهجوم الإلكتروني، ويتخلوا عن المهمة لزملائهم في وكالة المخابرات الأمريكية ووكالات الظل الأخرى، التي تطوعت لوضع الصحيفة في صورة الأحداث كما حصلت فعلاً!

وللوقوف على جدية هذا التقرير يكفي العودة إلى ما جاء فيه، من قبيل “تخصيص اجتماع حكومي للنظر في تنفيذ هجوم إلكتروني على قطر” قبل يوم واحد من “الاختراق” في تحرك لا يختلف كثيراً عن اجتماع مجموعة من المراهقين مساء خميس لاختراق كمبيوتر الجارة الساكنة في البيت المجاور لبيت زعيم “الشلة”.

عصابة الأربعة
ولكن التقرير “الخطير” لا يقتصر على ما جاء فيه من “معلومات مُثيرة، أو حقائق” كما يوحي بذلك أصحابه الأربعة الذين اشتركوا في وضعه، في جهد لا يختلف كثيراً عن جهود أعتى وأشرس المحللين في العالم، فالاتهامات الأمريكية باختراق المواقع القطرية، مسألة فيها من الخطورة بمكان، ما فرض اشتراك 4 صحافيين في تحبير “الاتهامات” وبناء التقرير، صحافيون لا يشق لهم غبار، مثل كارن دي يونغ، وإلين ناكاشيما، وكريم فهيم من إسطنبول التركية، وكارول موريلو.

وبالنظر إلى “عصابة الأربعة” هذه، فإن أي متابع عادي أو قارئ لهذا التقرير، لا بد أن يدفعه الفضول إلى محاولة التعرف على خلفية محرري المقال، من باب العلم بالشيء، وبعد نقرات قليلة، فإن حقائق أخرى مُثيرة للاهتمام إذا لم نقل مدهشة، ستفرض نفسها على القارئ قبل المحلل، من ذلك مثلاً أن كارين دي يونغ فائزة بجائزة بوليتزر المرموقة للصحافة الأمركيية، واحدة من المتهمات بالتنظير لامتلاك العراق سابقاً أسلحة الدمار الشمال، رغم تأكيدها لاحقاً أنها مُنعت من قبل الصحيفة التي تعمل فيها منذ ثلاثة عقود ولا تزال، من نشر وثائق تُفند بحث العراق عن الحصول على مواد مشعة من النيجر قبل الغزو الأمريكي، الذي نظر له بخطابه الشهير في مجلس الأمن وزير الخارجية السابق الجنرال كولين باول، الذي وضعت دي يونغ أهم كتاب وربما الكتاب الوحيد، الذي روى سيرته وقصة تألقه العسكري والسياسي في كتابها الذي جاء بعنوان “جندي: حياة كولن بأول”.

ولكن المهم في مسيرة دي يونغ، خاصةً في الأسابيع الأخيرة مواقفها أثناء الأزمة الخليجية، والاتهامات الموجهة لقطر، ودفاعها الضمني عن قطر منذ اندلاع الأزمة وإعلان قرار المقاطعة، عن طريق تقارير لم تثبت صحتها أبداً مثل “تهديد نيابي أمريكي بحظر بيع الأسلحة الأمريكية إلى الدول المقاطعة لقطر” أو ” تهديد الولايات المتحدة للدول المقاطعة لقطر” أو غيرها من المواقف التي أعربت فيها عن “قربها” من الوزير تيلرسون ووزارة الخارجية الأمريكية بشكل خاص.

أما القلم الثاني الذي حبر التقرير فهو أكثر إثارة وأهمية، وهي الصحافية المتخصصة في الشؤون الأمنية والاستخباراتية في الصحيفة، إلين كاشيما، المحررة الصحافية في البوست، التي برزت بعشرات المقالات المتهمة بنشر “سلسلة الأخبار الكاذبة” عن ترامب، وعن روسيا، وقبلها عن أوباما، والتي اعتذرت في مناسبات كثيرة الصحيفة عن نشرها، وأهملت التراجع في عشرات المناسبات الأخرى، والتي اعتبرها روبرت باري نموذجاً لصناعة الأخبار الكاذبة، بحثاً عن مجد ضائع لصحيفة واشنطن بوست.

أما الإسم الثالث المُثير للاهتمام فهو بلا شك في هذا التقرير فهو كارول موريلو، المسؤولة أو المراسلة المتخصصة في العلاقات الدولية، والشؤون الخارجية للصحيفة، والمكلفة بتغطية أخبار وأنشطة وزارة الخارجية الأمريكية، ليتأكد مرة أخرى بذلك مسار التسريب الاستخباراتي ومصدره، باعتباره من محيط تيلرسون نفسه، وليس من لانغلي مقر المخابرات الأمريكية.

خط تركي
أما المساهم الرابع فهو الصحافي الأمريكي من أصل مصري على ما يبدو كريم فهيم، مراسل الصحيفة من تركيا، ومدير مكتبها منذ 2016 في إسطنبول، والذي يقتصر نشاطه في الأسابيع الأخيرة على تغطية أخبار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكلماته القاسية والمتحدية، من جهة والداعمة لقطر والمستفزة لجيرانها الخليجيين.

وحسب بعض التقارير التي نشرها الصحافي الأمريكي من تركيا، فإن مداخله وعلاقاته بالدوائر التركية المسؤولة تسمح له بالحصول على ما يكفي من “معلومات” أو تسريبات خاصةً في ظل الاتهامات التركية الأخيرة لدول الخليج بالتدخل في شؤون قطر، وترويج بعض المسؤولين لنظرية المؤامرة على قطر.

إن النظر إلى المعلومات الواردة في التقرير، وهوية واضعيه، إلى جانب توضيح السياق الذي تعمل ضمنه صحيفة واشنطن بوست، كفيل بكشف ما تُطلق عليه الصحيفة نفسها، وتنظر له بعنوان صحافة “ما بعد الحقيقة الثابتة” والذي يُسميه خبراء الصحافة الأمريكيون “فيك نيوز”.