قررت جمعية هيئات المحامين بالمغرب، الدخول في إضراب شامل ومفتوح بجميع محاكم المملكة بداية من يوم الجمعة المقبل، الفاتح من نونبر، وإلى إشعار آخر،احتجاجا على المبادرات التشريعية الانفرادية للحكومة.
وأكد مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب في بيان له، أن “قرار التوقف الكامل عن ممارسة مهام الدفاع جاء بعد محاولات حوارية عدة تمسك فيها المحامون بمصلحة المتقاضين ومهنيي العدالة، إلا أن الحكومة تجاهلت كافة الإشارات التي أرسلت من خلال حملتهم الترافعية، مما دفعهم إلى اتخاذ هذه الخطوة التصعيدية”.
وفي السياق، أكد رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان والمحامي بهيئة الدار البيضاء محمد النويني، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، أن تقديم الحكومة المخزنية ممثلة في وزارة العدل، لهاذين المشروعين دون تبني المقاربة
التشاركية في تنزيلهما يخالف مضمون دستور 2011 والذي ينص على “ضرورة تبني منهجية تشاركية لصياغة القوانين”، منتقدا بشدة “التغييب التام للجسم المهني وباقي الفاعلين المتدخلين في المجال في إعدادهما”.
وأوضح النويني أن “أصحاب البدلة السوداء يضربون عن العمل تعبيرا منهم عن قلقهم تجاه مضامين هذه المشاريع، التي عرفت تراجعات خطيرة تمس بشروط الولوج المستنير للعدالة وتمس بمبادئ الحقوق والحريات للمواطن الذي تم الاستفراد به، وذلك بجعله الحلقة الأضعف في المنظومة من قبيل المس بالأحكام القضائية وأثرها الملزم، وحرمان المتقاضين من الطعن في الأحكام القضائية”.
ونبه المتحدث إلى “خرق مبدأ مجانية التقاضي” في مشاريع القوانين هذه، مشددا على أن “قانون الإجراءات المدنية لا يتوفر على الشرعية السياسية، كون أن المصوتين عليه بلغ عددهم 102 من الأغلبية الحكومية، والتي تضم 292 عضوا، أي أن الأغلبية لم تصوت على هذا المشروع”.
كما أكد النويني، أن المحامين يعيبون كذلك على مشروع قانون الإجراءات الجنائية بكونه تضمن مقتضيات ماسة بالحرية والمحاكمة العادلة، حيث يسجل عليه غياب التوازن، ووجود اختلال كبير بين سلطة الاتهام وحق الدفاع، وأنه ليس هناك إلزام من أجل احترام الضمانات الممنوحة للمتهم من خلال الانفراد به في المرحلة التي يكون فيها البحث في جنح الظلام، حيث لا يمتع المشتبه فيه بمؤازرة محامي.
وانتقد النويني، “شرعنة” الحكومة للاعتقال التحكمي (التعسفي)، وذلك بحسب ما جاء في المادة 66، والتي تنص على أنه لا يدخل ضمن حساب مدة الحراسة النظرية، المدة التي يقتضيها نقل الشخص الموقوف من مدينة إلى مدينة، أو مدة العلاج.
وتوقف المحامي ذاته عند مشروع القانون التنظيمي للإضراب، الذي أكد بخصوصه أن الحكومة “لم تحترم فيه القواعد الدستورية”، التي تنص على الحق في الإضراب دون حصره على فئة معينة، في حين أن المشروع الجديد يتحدث عن فئة الأجراء فقط.
كما أن الإضراب في القطاع الخاص –يضيف المتحدث- ” أصبح يخضع لشروط تعجيزية، كتصويت ثلثي الأعضاء في الجمعية العامة للموافقة على الإضراب”، مشيرا إلى أن ” أغلب المقاولات لا تكون بها نقابات، وإن وجدت فيستحيل جمع العدد المطلوب”.
وفي الختام، أكد المتحدث ، أن “قرار الإضراب الشامل تم اتخاذه، بسبب تلكؤ الحكومة والوزارة الوصية في الاستجابة للملف المطلبي للمحامين الشامل غير القابل للتجزئة، والذي يهدف إلى تحصين المكتسبات الحقوقية والقانونية للمتقاضي والوطن، ومواجهة الردة التشريعية الماسة بهذه المكتسبات”.