وجّه حزب فوكس، المعروف بمواقفه المتشددة، انتقادات شديدة إلى الحكومة المغربية بسبب ما وصفه بـ”الرسوم الجمركية الباهظة” المفروضة على المنتجات القادمة من منطقة الأندلس، متهما في الوقت نفسه حكومة بيدرو سانشيز بـ”السكوت المريب” أمام هذا الواقع التجاري المختلّ.
وخرج حزب “فوكس” اليميني المتطرف، خلال الآسبوع الحاري، بتصريحات نارية على هامش ندوة صحافية، تضع العلاقات التجارية المغربية-الإسبانية على محك جديد، هذه المرة من بوابة الرسوم الجمركية التي يفرضها المغرب على المنتجات الزراعية والصناعية القادمة من منطقة الأندلس.
الحزب، المعروف بخطابه المتشدد إزاء قضايا الهجرة والسيادة والاقتصاد، وجّه اتهامات مباشرة إلى المغرب بـ”فرض رسوم مبالغ فيها تصل إلى 200%”، وهاجم الحكومة الإسبانية التي يقودها بيدرو سانشيز بـ”التقاعس والصمت” أمام ما وصفه بـ”اختلال تجاري صارخ” يمس مصالح المنتجين الأندلسيين.
وجاء ذلك، على لسان رودريغو ألونسو، نائب المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لحزب “فوكس” في برلمان الأندلس، الذي قدم معطيات رقمية مفصلة اعتبرها دليلاً على ما وصفه بـ”التمييز التجاري الممنهج” الذي يعاني منه المنتجون الإسبان لصالح منافسيهم المغاربة.
وقال ألونسو إن “اللحوم من الماعز التي نُصدّرها إلى المغرب تُفرض عليها رسوم جمركية تبلغ 200%، في حين أن اللحوم القادمة من المغرب تدخل إلى السوق الإسبانية دون أي رسوم تُذكر، أي بنسبة 0%”، كما وسّع دائرة الاتهام لتشمل لحوم الأغنام التي تخضع – حسب قوله – لرسوم مغربية تبلغ 100%، بينما تمرّ نظيرتها المغربية إلى إسبانيا مجددًا بلا أي عبء جمركي.
المنتجات الأخرى لم تكن بمنأى عن الانتقاد، حيث قال ألونسو إن المغرب يفرض رسوماً تصل إلى 81% على منتجات الألبان الأندلسية، و40% على الزيوت النباتية، و32% على السميد والدقيق، و18% على الحبوب، بينما تستقبل إسبانيا هذه المنتجات من المغرب دون فرض أي رسوم عليها.
وهو ما وصفه المتحدث بـ”اللامساواة التجارية التي لم يسبق لأحد أن تجرأ على فضحها علنًا”، متهماً الحكومات المركزية والجهوية، على حد سواء، بـ”السكوت عن الضرر الفادح الذي يلحق بالقطاعين الزراعي والصناعي في الأندلس”.
الخطاب الذي اعتمده حزب فوكس لم يوجّه الاتهام فقط إلى المغرب، بل صوّب أيضًا نحو الداخل، من خلال الحكومة المركزية بقيادة الاشتراكي بيدرو سانشيز، متهمًا إياها بـ”التواطؤ بالصمت”، كما لم يُوفّر الحزب رئيس حكومة الأندلس، خوانما مورينو بونيا، من انتقاداته، قائلاً إنه “يجلس مع ممثلي المغرب والصين والهند، بينما يتجاهل واجبه في الدفاع عن المنتجين المحليين الذين يعانون من زلزال جمركي حقيقي”.
وأضاف ألونسو بلغة لا تخلو من التهكم: “الأمر المنطقي هو التفاوض مع أولئك الذين يفرضون الرسوم، لا الانشغال بجولات ديبلوماسية لا تثمر سوى الصور والبلاغات”.
وهذه التصريحات، تحمل في طياتها أكثر من مجرد خطاب انتخابي، فهي تعكس في العمق حالة من التوتر الكامن بين مستويات متعددة داخل الدولة الإسبانية، من جهة، صراع خفي بين حكومة مدريد وحكومة الأندلس، ومن جهة أخرى، احتقان سياسي تعبّر عنه أحزاب المعارضة، التي باتت تُحمّل الحكومة المركزية مسؤولية فشلها في فرض معاملة تجارية متكافئة مع شركاء اقتصاديين بارزين كالمغرب.
وفي جزء آخر من تصريحاته، لم يُخفِ ألونسو تبنيه لنظرية “المؤامرة الاقتصادية”، إذ اتهم المغرب، إلى جانب الصين، بـ”ممارسة منافسة غير عادلة تقوم على استغلال يد عاملة رخيصة وأشبه بالعبودية”، معتبرا أن هذه الدول “تستعيد الصناعات التي نخسرها في الأندلس”، في إشارة إلى إغلاق أو تقهقر عدد من الوحدات الإنتاجية في الجهة بسبب ضعف القدرة التنافسية أمام المنتجات المستوردة.
ومضى قائلاً، إن هذه الدينامية تعمّق جراح القطاع الصناعي والفلاحي، الذي يعاني أساسًا من تبعات “الاتفاق الأخضر الأوروبي”، والذي يفرض معايير بيئية صارمة تُثقل كاهل المنتج الأوروبي، مقابل سلع أجنبية – وعلى رأسها المغربية – لا تخضع لنفس شروط الجودة ولا للمحاسبة البيئية.
“فوكس” يتهم المغرب بـ”الابتزاز الجمركي” عبر رسوم تصل إلى 200%
