المغرب ومصر يحدثان لجنة للتشاور السياسي المنتظم

المحرر28 مايو 2025
المغرب ومصر يحدثان لجنة للتشاور السياسي المنتظم

أعلن وزيرا خارجية كل من الرباط والقاهرة، ناصر بوريطة وبدر عبد العاطي، اليوم الأربعاء بالرباط، عن إحداث لجنة مشتركة للتنسيق والمتابعة، تحت إشراف اللجنة العليا المشتركة بين حكومتي البلدين، التي يرأسها الملك محمد السادس والرئيس عبد الفتاح السيسي.
هذه اللجنة الجديدة، التي سيقودها وزيرا الخارجية بالتناوب، تأتي في سياق تعزيز التعاون الثنائي، وترسيخ آلية للتشاور السياسي المنتظم، وتفعيل “شراكة حقيقية” بين الرباط والقاهرة، تتجاوز الإطار البروتوكولي نحو مقاربة تنسيقية متقدمة تشمل مختلف الملفات الثنائية والإقليمية والدولية.
زيارة وزير الخارجية المصري إلى الرباط لم تكن زيارة عادية، بل حمل خلالها رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الملك محمد السادس، تؤكد فيها القيادة المصرية حرصها على تعزيز التنسيق مع المغرب والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى تطلعات الشعبين، في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.
وأكد الوزير المصري خلال الندوة الصحافية التي احتضنها مقر وزارة الخارجية عشية اليوم الأربعاء، أن “هذه الرسالة تجسّد إرادة سياسية قوية لتطوير التعاون بين بلدين شقيقين يواجهان تحديات مشتركة، ويمتلكان مؤهلات استراتيجية هائلة”، مشددا على أهمية “التشاور اليومي واليومي لدعم الاستقرار والتنمية في المحيط العربي والإفريقي”.
من جانبه، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن “العلاقات المغربية-المصرية ليست علاقات عادية، بل هي علاقات قائمة على تاريخ متجذر، وأسس متينة، وتحظى برعاية خاصة من قائدي البلدين، الملك محمد السادس والرئيس عبد الفتاح السيسي”، مضيفا: “نحن اليوم نشتغل على بناء هذه العلاقة على أساس التراكمات الإيجابية، في إطار آلية استثنائية هي اللجنة العليا المشتركة، التي ستنبثق عنها لجنة وزارية للتنسيق بين وزيري الخارجية، تشتغل تحت مظلة اللجنة العليا، وتناقش ملفات التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي”.
وشدد بوريطة على أن المغرب ومصر “يتقاطعان في العديد من الفضاءات الجغرافية والإقليمية، مثل منطقة الساحل، والشرق الأوسط، والقارة الإفريقية، وهو ما يفرض علينا تطوير آليات تنسيق موضوعاتية، تقوم على التفاهم والتكامل”.
وتم الاتفاق، وفق ما أعلنه الوزيران، على أن تُعقد اجتماعات دورية للجنة العليا المشتركة على مستوى رئيسي الحكومتين، إلى جانب لقاءات سنوية على مستوى وزيري الخارجية، وثلاث لقاءات قطاعية سنويا، تشمل مجالات الاستثمار، الصناعة، الأمن الغذائي، والمجال الثقافي.
وأكد بوريطة أن “العلاقات الاقتصادية ينبغي أن تسير بذات المنطق الذي تحكم فيه العلاقات السياسية، من منطلق الشراكة والتكامل”، مضيفًا: “مصر والمغرب حاضرتان في شمال أفريقيا، وهما قوتان إقليميتان معنيتان بصياغة رؤية تكاملية ترتكز على منطق رابح-رابح”.
اللقاء الوزاري شكل أيضا مناسبة للتأكيد على تطابق مواقف الرباط والقاهرة بشأن قضايا إقليمية حساسة، في مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث شدد الوزيران على أن الاعتداءات غير المقبولة على الشعب الفلسطيني، والحصار والتجويع، لا تخدم إلا منطق الكراهية والصراع، وأن الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا، بل سياسيًا، قائمًا على مرجعيات واضحة في مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967.
ونوه الوزير المصري بموقف المغرب “الراسخ والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، من خلال لجنة القدس ووكالة بيت مال القدس، والحرص على الحفاظ على الطابع الإسلامي للمدينة المقدسة”، مشيدًا كذلك “بموقف المملكة من قضية سد النهضة”، معتبرا أن “المياه بالنسبة لمصر قضية وجودية، وأن دعم المغرب لهذا الحق موقف يُثمن عاليا”.
وفي ما يخص الأزمة الليبية، أكد عبد العاطي على “الدور الكبير الذي لعبه المغرب في دعم الحل السياسي، والحوار الليبي-الليبي”، كما تم التطرق إلى الوضع في السودان، حيث شدد الطرفان على ضرورة وقف إطلاق النار، وتغليب منطق الحوار والسلام بدل منطق الحرب والتصعيد.
الجانب الثقافي لم يكن غائبا عن المباحثات، حيث اعتبر بوريطة أن “التفاعل الثقافي والفني بين الشعبين عنصر أساسي لإنعاش العلاقة الثنائية”، مشيرا إلى أن اللجنة المشتركة ستعمل أيضا على “إحياء جسور التواصل بين الصحافيين والفنانين والجامعات، بما يعزز التقارب الشعبي”.
وأكد الوزير المصري أن “العلاقات الثقافية بين الرباط والقاهرة هي جسر متين يعكس وحدة الوجدان العربي، وسنعمل على تفعيل الاتفاقيات السابقة، وتنظيم منتدى للفنانين والمثقفين، بما يخدم روح الأخوة ويكرّس التكامل الحضاري”.
على المستوى الاقتصادي، أعلن الوزيران عن عقد ملتقى اقتصادي جديد قبل نهاية العام الجاري، يجمع رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية من البلدين، في إطار التنسيق بين القطاعين العام والخاص، والاعتماد على مبدأ الشراكة المتوازنة.
وستُعقد أولى دورات اللجنة الوزارية الجديدة في القاهرة خلال الأشهر المقبلة، وفق الوزيران حيث سيتم مناقشة ملفات استثمارية وصناعية، بهدف تنمية المبادلات التجارية، وتذليل العقبات الإدارية، وتعزيز تموقع البلدين كمحورين اقتصاديين على الصعيد الإفريقي والعربي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.