شارك صحفيون عرب، اليوم الجمعة، في وقفة احتجاجية، أمام مقر القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية؛ تضامناً مع الصحفي والكاتب السعودي جمال خاشقجي.
ورفع المشاركون لافتات كتب عليها “الحرية لخاشقجي”، وذلك في مسعى للضغط على البعثة الدبلوماسية السعودية التي تنفي وجود خاشقجي لديها.
واجتمع إعلاميون وناشطون من عدة بلدان عربية أمام القنصلية في الساعة الحادية عشرة، بدعوة من جمعية “بيت الإعلاميين العرب” في تركيا.
ومنذ الثلاثاء الماضي تعتصم خطيبة جمال خاشقجي، خديجة جنكيز، أمام مقر القنصلية السعودية، مطالبة القائمين عليها بالكشف عن مصير خطيبها، بعد دخوله مقر القنصلية، الثلاثاء، لإتمام إجراءات رسمية.
من أمام القنصلية تتحدث خديجة، التي نشرت دعوة “بيت الإعلاميين العرب” للوقفة التضامنية على حسابها في “تويتر”، للصحفيين والناس العاديين عن قصة اختفاء خاشقجي، وعن خوفها على سلامته، وتنفي بشدة التصريحات السعودية بشأن مغادرته للمبنى.
وبينما كانت تعتصم، الأربعاء، أمام القنصلية وبجانبها صديقتها، قالت خديجة: “لم أتلق أي خبر عنه منذ ظهر أمس”.
توضح المرأة التركية أن خاشقجي توجه إلى القنصلية لإجراء معاملات إدارية تمهيداً لزواجهما، لكنه لم يخرج منها. وأضافت: “كان يريد الحصول على وثيقة سعودية تفيد بأنه غير متزوج”.
وبينما لا تزال السلطات التركية تحقق في قصة الاختفاء بعيداً عن الأضواء، طالبت خديجة وزير الخارجية التركي بالتحرك لكشف مصير خاشقجي.
وترفض خديجة بشدة التصريحات السعودية بأن خطيبها غادر مقر القنصلية، قائلة إنه لا يمكن أن يخرج دون أن تلاحظ ذلك وهي أمام المبنى تنتظره، “ولو خرج لكان الأمن التركي اطلع عليه”.
وتتساءل: “أين هو الآن إذا كان خرج فعلاً؟”، مناشِدة الحكومة التركية عمل كل ما بوسعها لإنقاذ الرجل الذي كان على بعد خطوة واحدة من اتخاذها شريكة حياته.
المرأة ذات الستة والثلاثين عاماً لم تكن على وعي بأن الأمن السعودي يتربص بالكاتب البارز، لكنها بدأت- على ما يبدو- تلمّ بالوضع الحقوقي في السعودية، قائلة إنها “بلد مريب”.
وبينما تتفحص هاتفها باستمرار وبجانبها صحفيون محليون ودوليون، تتساءل بلهجة قلقة: “أين جمال؟ أريد أن أعرف مكانه.. أريده أن يخرج من القنصلية بأمن وسلام”، بحسب ما تنقل عنها “الجزيرة نت”.
تقول خديجة إن خطبيها كاتب كبير، ويحظى بالتقدير في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي.
لكن الكاتب الكبير لم يعد يحظى بالتقدير في بلده الأم؛ فقد انتقد خاشقجي بصراحة حملة الاعتقالات التي يشنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على النشطاء والدعاة والمفكرين.
وفي مقال نشره في “واشنطن بوست”، العام الماضي، كتب خاشقجي يقول: “عندما أتحدث عن الخوف والترهيب والاعتقالات وتشويه صورة المثقفين ورجال الدين الذين يتجرؤون على قول ما يفكرون به، ثم أقول لك أنا من السعودية، فهل تتفاجأ؟”.
ووفق منظمة “مراسلون بلا حدود” فإن المملكة العربية السعودية تقبع في الدرك الأسفل عندما يتعلق الأمر بحرية التعبير؛ إذ تحتل المرتبة 169 من بين 180 دولة، وفق أحدث التقارير.
ولأن جمال خاشقجي يكتب عموداً في صحيفة “واشنطن بوست” ويتحدث لقنوات مؤثرة، يرجح المراقبون أن تكون السلطات السعودية سعت لخطفه والزج به في زنزانة بعيداً عن أضواء نيويورك وإسطنبول.
هذا الاعتقاد رجحه خبر نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، الثلاثاء، حول استرداد السلطات متهماً في قضية احتيال بشيكات من دون رصيد، دون الكشف عن هويته.
لاحقاً، صرحت السلطات السعودية بأن خاشقجي غادر مبنى القنصلية، في حين أكد مسؤولون أتراك أنه ما يزال في داخلها.
وأوردت وسائل إعلام تركية أن وزارة الخارجية استدعت السفير السعودي في أنقرة، وطالبته بإيضاحات عن ملابسات اختفاء خاشقجي.
من جانبه قال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، إن لديه معلومات تفيد بأن خاشقجي موجود في القنصلية السعودية بإسطنبول، مشيراً إلى أن الأزمة ذات بعدين قانونيين: دولي وتركي، فضلاً عن شقها الإنساني.
ووسط غموض الموقف وتضارب تصريحات مسؤولي البلدين، ترابط خديجة أمام القنصلية في انتظار خروج جمال “بأمن وسلام” وإتمام إجراءات الزواج.