قال التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية عن حالة حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن الحكومة المغربية اختارت أن “تنقل المواجهة القمعية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان إلى ميدان حرية التعبير عبر الإنترنيت”.
وأشارت “أمنيستي” في ندوة صحافية صباح الثلاثاء 18 فبراير بالعاصمة الرباط، إلى أن عدد من الصحفيين والمدونين والنشطاء والفنانينّ، تعرضوا للاعتقال والاستجواب والمحاكمة بسبب نشرهم على شبكات التواصل الاجتماعي تعليقات اعتبرتها تنطوي على انتقاد السلطات”.
وزادت أن الحكومة استهدفت آخرين “ببرامج تجسس إلكترونية، واستخدمت القوة المفرطة أو غير الضرورية لتفريق المظاهرات”.
وقالت المنظمة في تقريريها :”وفي أعقاب محاكمة لم تف بالمعايير العادلة، صدرت أحكام لمدد تصل إلى 20 سنة ضد 43 شخصا أدينوا فيما يتصل بالاحتجاجات الداعية إلى العدالة الاجتماعية، والتي اندلعت في منطقة الريف في شمال البلاد عام 2017″.
وعلى مستوى آخر، “فرغم بعض المرونة ذات الطابع المؤقت الذي اتسمت به سياسة السلطات في تعاملها مع المهاجرين وطالبي اللجوء تم احتجاز آلاف المهاجرين، وإعادة بعضهم قسرا إلى جنوب المغرب، أو إلى بلدان أخرى”. يورد ذات التقرير.
ومن أهم الأحداث التي أثارت استنكارا وطنيا ودوليا ـ حسب ذات المنظمة ـ هو إصدار أحكام بالسجن فيما يتصل بعمليات إجهاض غير قانونية، حيث ظلت المرأة تواجه التمييز، بما في ذلك العنف الجنسي وغيره من ضروب العنف بسبب النوع الاجتماعي”.
و”لهذا نقول للحكومة المغربية إن المهمة الأساسية لك هي حماية المواطنين، ويشمل ذلك ضمان حماية حقوقهم واحترامها والوفاء بها، بدل قمع وإخراس أي شخص يحاول أن يتحدث بصوت مسموع ليطالب بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية”.
وأضافت المنظمة الدولية:” يجب على الحكومة المغربية أن تدرك بأن ما تقوم به من قمع الاحتجاجات وسجن المنتقدين السلميين والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان والصحافيين لن تسكت به الأصوات المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأساسية، بل إنها ستعطي الأوكسجين لروح الاحتجاج وتزيد من تقويض شرعيتها في نظر المواطنين”. وفق تعبيرها.
ودعت “أمنستي” الحكومة إلى الإفراج عن جميع معتقلي الرأي فورا ودون قيد أو شرط، وأن تكف عن مضايقة المنتقدين السلميين والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان.
وفي حالة الجزائر، ذكر التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية عن حالة حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن السلطات الجزائرية استخدمت
وأشارت إلى أن الاحتجاجات الواسعة أدت إلى إسقاط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بعد أن ظل في الحكم نحو 20 عاماً، “سعت السلطات إلى قمع الاحتجاجات من خلال حملة واسعة من الاعتقالات التعسفية والمحاكمات للمتظاهرين السلميين”.
وأضافت أن النشطاء تعرضوا للاعتقال والمحاكمة في شتى بلدان المنطقة، بسبب تعليقات نشروها على مواقع الإنترنت، حيث اتجه النشطاء إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم المعارضة”.
وقالت منظمة العفو الدولية إن “هناك حكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أظهرت تصميماً قوياً على سحق الاحتجاجات بقوة ووحشية، والدوس على حقوق مئات الآلاف من المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع للمطالبة بالعدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي خلال عام 2019”.
ويوضح التقرير السنوي للمنظمة، المعنون: “استعراض حالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: لعام 2019″، أن هذه الحكومات اختارت ألا تُنصت إلى أصوات المتظاهرين التي تحتج على مظالم شتى، ولجأت بدلاً من ذلك إلى القمع الوحشي لإسكات المنتقدين السلميين، سواء في الشوارع أو على مواقع الإنترنت.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “في مشهد مُلهم يعكس التصميم والتحدي، تدفقت جموع حاشدة إلى الشوارع في بلدان شتى، من الجزائر إلى إيران ومن العراق إلى لبنان، مخاطرين بحياتهم في كثير من الأحيان، للمطالبة بحقوقهم الإنسانية، وبالكرامة والعدالة الاجتماعية، وبوضع حدٍ للفساد. وقد أثبت هؤلاء المتظاهرون أن حكوماتهم لن تفلح في إسكاتهم بأساليب الترهيب”.
“لقد كان عام 2019 عام التحدي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما كان عاماً أظهر أن الأمل لا يزال حياً، وأنه رغم الأحداث الدامية التي أعقبت انتفاضات عام 2011 في سوريا واليمن وليبيا، ورغم التدهور الكارثي لوضع حقوق الإنسان في مصر، فقد تجددت ثقة الناس في قدرة العمل الجماعي على حشد الجهود من أجل التغيير”.
ذكر التقرير أن السلطات في مختلف بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استخدمت مجموعة أساليب لقمع موجة الاحتجاجات، من قبيل الاعتقال التعسفي لآلاف المتظاهرين في شتى أرجاء المنطقة، واللجوء في بعض الحالات للقوى المفرطة، بل وللقوة المميتة.
وقالت هبة مرايف: “لقد أظهرت بعض الحكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استخفافاً تاماً بحقوق الناس في التظاهر وفي التعبير عن أنفسهم بصورة سلمية”.
“وبدلاً من شنِّ حملات قمع مميتة واللجوء إلى إجراءات مثل استخدام القوة المفرطة والتعذيب والاعتقالات التعسفية الواسعة والمحاكمات، ينبغي على السلطات أن تستمع إلى الأصوات المطالبة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية وبالحقوق الاقتصادية، وأن تعمل على تحقيق هذه المطالب”.
بالإضافة إلى قمع المتظاهرين السلميين في الشوارع، قالت المنظمة :”واصلت حكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على مدار عام 2019، الانقضاض على منْ يمارسون حقهم في حرية التعبير عبر الإنترنت. فقد تعرَّض للاعتقال والاستجواب والمحاكمة عددٌ من الصحفيين والمدوِّنين والنشطاء، الذين نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقاتٍ اعتُبر أنها تنطوي على انتقادات للسلطات.”
وتشير الأرقام التي جمعتها منظمة العفو الدولية إلى أن هناك أشخاصاً حُبسوا، باعتبارهم من سجناء الرأي، في 12 بلداً في المنطقة؛ وقُبض على 136 شخصاً دونما سبب سوى تعبيرهم سلمياً عن آرائهم عبر الإنترنت. كما أساءت السلطات استخدام صلاحياتها لمنع الناس من الحصول على معلومات أو تبادلها عبر الإنترنت.
وأشارت “أمنستي” في تقريرها إلى أن بعض الحكومات استعملت تقنيات أكثر تطوراً للمراقبة الإلكترونية من أجل استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان. “فقد أظهرت بحوث منظمة العفو الدولية أن اثنين من المدافعين عن حقوق الإنسان في المغرب استُهدفا ببرامج تجسس أنتجتها شركة “مجموعة إن أس أو” الإسرائيلية”.
وبشكل أعم، وثقت منظمة العفو الدولية أن عام 2019 شهد تعرُّض 367 من المدافعين عن حقوق الإنسان للاعتقال (ومنهم 240 اعتُقلوا تعسفياً في إيران وحدها)، كما تعرَّض 118 مدافعاً عن حقوق الإنسان للمحاكمة. ويُحتمل أن تكون الأعداد الفعلية أعلى من ذلك.
وفي هذا الصدد، قال فيليب لوثر: لقد انتهجت حكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نهجاً يقوم على عدم التسامح مع أشكال التعبير السلمي عبر الإنترنت، مما يدلُّ على خوفها من قوة الأفكار التي تعارض خطابها الرسمي. ويجب على السلطات أن تفرج عن جميع سجناء الرأي فوراً ودون قيد أو شرط، وأن تكفَّ عن مضايقة المنتقدين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان”.
واختتمت هبة مرايف تصريحها قائلةً: “يجب على الحكومات في شتى أنحاء المنطقة أن تُدرك أن ما تقوم به من قمع الاحتجاجات وسجن المنتقدين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان لن يسكت الأصوات المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأساسية”.
وأضافت “ينبغي على الحكومات، بدلاً من إصدار الأوامر بارتكاب انتهاكات وجرائم جسيمة من أجل البقاء في السلطة، أن تكفل إعمال الحقوق السياسية المطلوبة من أجل السماح للناس بالتعبير عن مطالبهم الاقتصادية والاجتماعية، وبمحاسبة حكومات بلدانهم”.