وفي مواجهة التحديات المتزايدة في الداخل والخارج، يدافع حزب الله، الموالي لإيران، عن مشاركته في الحرب الأهلية السورية ويحض زعيمه على توثيق العلاقات بين بيروت ودمشق.
ومؤخراً صرح نصر الله بأن إسرائيل تهاجم كل ما يتعلق بتصنيع الصواريخ في سوريا، ولكن القوات الإيرانية وقوات حزب الله في سوريا لم تتأثر بالإجراءات الإسرائيلية هناك، مشيراً إلى أن حلفاء سوريا بدأوا إخلاء القواعد والمواقع العسكرية قبل عامين، ومن دون أي صلة بالهجمات الإسرائيلية.
ميليشيات حزب الله باقية في سوريا
وبحسب التقرير، شنت إسرائيل العديد من الغارات داخل سوريا منذ بداية الحرب الأهلية السورية عام 2011، إذ تعتبر أن وجود حزب الله وإيران، اللذين يلعبان دوراً حيوياً في دعم الرئيس السوري بشار الأسد، يُشكل تهديداً استراتيجياً لها. بيد أن نصر الله أكد على بقاء قوات حزب الله والمستشارين الاستراتيجيين الإيرانيين في سوريا وفقاً للمصالح السورية، وأن الهجمات الإسرائيلية لن تغيّر من ذلك.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من مخاطر تورط حزب الله في سوريا، مشدداً على أنه يتعين على حكومة لبنان وجيشها ضمان نزع سلاح المجموعة شبه العسكرية.
وكتب في تقرير للأمم المتحدة: “مازلت أحض الحكومة والقوات المسلحة في لبنان على اتخاذ جميع التدبير اللازمة لمنع حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى من الحصول على الأسلحة وبناء قدرات شبه عسكرية خارج سلطة الدولة، لاسيما أن استمرار انخراط حزب الله في الصراع السوري ينطوي على خطر تورط لبنان في الصراعات الإقليمية، فضلاً عن تقويض استقرار لبنان والمنطقة”.
انتصارات وهمية
وتعتبر المجلة البريطانية أن تصريحات نصر الله الأخيرة تبرر قلق غوتيريس وتسلط الضوء بشكل واسع على نطاق تورط حزب الله في الصراع السوري؛ من أجل خدمة الأجندة الإيرانية في المنطقة.
وخلال الشهر الماضي، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت أن الجيش الإسرائيلي يعمل على طرد طهران من سوريا. وبالفعل زادت إسرائيل بشكل كبير نطاق هجماتها في سوريا، واستهدف الكثير منها قوات الحرس الثوري الإيراني ومواقع الحرس الثوري الإيراني ومواقع لحزب الله. وخلال الشهر الجاري، زعم مسؤولو الدفاع الإسرائيليون أن إيران بدأت سحب قواتها من سوريا.
ولكن نصر الله نفى أن تكون الهجمات الجوية الإسرائيلية قد دفعت حزب الله أو إيران إلى الانسحاب من سوريا، ووصف مزاعم إسرائيل بأنها “انتصارات وهمية”.
وينقل التقرير عن جميس جيفري المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا والتحالف الدولي لمحاربة داعش، قوله إن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على إيران لتقليص وجودها العسكري في سوريا، وبالفعل تراجع الإيرانيون عن بعض أنشطتهم الخارجية بسبب مشاكلهم المالية، وهذا بسبب النجاح الهائل لسياسة العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على إيران، الأمر الذي كان له تأثير حقيقي على سوريا.
تحديات غير مسبوقة
ويورد التقرير أنه في الوقت الذي يبدو فيه نصر الله منشغلاً بالتطورات في سوريا، يمر لبنان حاليا بواحدة من أصعب المراحل في تاريخه؛ حيث إن الحكومة اللبنانية، التي تولت السلطة في يناير (كانون الثاني) الماضي بدعم من حزب الله، لا تتعامل مع الاحتجاجات الجماهيرية ضد النخبة السياسية فحسب، وإنما يتعين عليها أيضاً التعامل مع الاقتصاد المثقل بالديون والذي ازداد وضعه سوءاً بسبب تفشي فيروس كورونا في البلاد.
وإلى ذلك، يواجه حزب الله أيضاً تحديات غير مسبوقة في ظل ضغوط من المجتمع الدولي والدول الغربية تستهدف عزل الجماعة المسلحة، وخلال الشهر الماضي، صنفت ألمانيا حزب الله، المدعوم من إيران بما في ذلك ذراعه السياسي، منظمة إرهابية.
ومن جانبه، شدد نصر الله على ضرورة إصلاح العلاقات السورية اللبنانية، معتبراً أنها الحل الرئيسي للأزمة الاقتصادية اللبنانية، وأن إعادة العلاقات مع دمشق هي خطوة أساسية لحل مشكلة لبنان، بما في ذلك مشاكله الاقتصادية.
غلق الممر البري
ويلفت التقرير إلى اعتراف نصر الله بوجود طرق للتهريب عبر الحدود بين لبنان وسوريا، ولكن ثمة ضغوط هائلة لإنهاء الفوضى على الحدود السورية اللبنانية وعرقلة الطرق غير القانونية عبر الحدود.
ويرى خبراء سياسيون لبنانيون أن وضع حد لعمليات التهريب وإغلاق الطرق غير القانونية يُعد خطوة ضرورية لاتخاذ الإجراءات التي يجب تنفيذها للحصول على المساعدات الدولية، خاصة لأن لبنان بات مطالباً من قبل المجتمع الدولي، وخاصة الجهات المانحة، بتقديم مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تشمل نزع سلاح حزب الله ومنع عمليات الإتجار غير المشروع التي تضر باقتصاد البلاد.
ويختتم التقرير بالإشارة إلى وجهة نظر المحللين السياسيين اللبنانيين ومفادها أن دعوات نصر الله لتحسين العلاقات مع سوريا تنبع من حذره إزاء العزلة المتزايدة في الداخل وانطلاق الحملة الروسية الغربية المشتركة لغلق الممر البري بين طهران وبيروت الذي يربط طهران بالمدن في العراق وسوريا ولبنان.