يجري الجيش الليبي تغييرات جوهرية معيداً تنظيم صفوفه استعداداً لأي مواجهة محتملة في سرت بعد أنباء عن تجديد قوات “الوفاق” وحليفتها تركيا نيتها لاقتحام المدينة، وسط اتهامات باستقدام تركيا المزيد من المرتزقة السوريين إلى ليبيا.
وفي صحف عربية صادرة اليوم الأحد، كشفت زيارة المفكر الفرنسي الشهير، برنار هنري إلى ليبيا عن محاولات حكومة الوفاق لتضليل الرأي العام.
تضليل
وقالت صحيفة “الشرق الأوسط” في تقرير لها، إن حكومة الوفاق الليبية، برئاسة فائز السراج، جددت استعدادها لاقتحام مدينة سرت التي يسيطر عليها الجيش الوطني، وأكدت الصحيفة، أن هذه التطورات تزامنت مع زيارة مفاجئة بدأها أمس المفكر الفرنسي الشهير، برنار هنري ليفي، الذي كان من أوائل المؤيدين للتدخل الأجنبي في ليبيا إلى مدينة مصراتة (غرب). لكن مصادر في حكومة السراج نفت علمها بذلك.
وفي سياق ذلك، أعلن مجلس مصراتة البلدي أن أعيانه رفضوا مقابلة ليفي، وطلبوا منه على الفور مغادرة المدينة التي قال عميدها مصطفى كرواد إنه “لا يتشرف بلقائه”، ونفى علمه بالزيارة، وتساءل: “من يكون برنارد ليفي، وأي صفة يحملها؟”.
لكن جدولاً مفترضاً للزيارة نشرته وسائل إعلام محلية، كشف في المقابل عن ترتيبات مسبقة لعقد محادثات رسمية بين ليفي وبعض كبار مسؤولي حكومة “الوفاق”، وقادة ميليشياتها المسلحة، أبرزهم فتحي باشاغا الذي يتولى منصب وزير الداخلية بالحكومة.
وبدورها، نفت قيادة “الجيش الوطني”، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، وجود أي زيارة لليفي إلى مقرها في الرجمة (شرق) “لا اليوم ولا مستقبلاً”، على حد تعبيرها، وأوضحت أنها علمت بزيارته إلى مصراتة فقط عبر وسائل الإعلام المحلية.
وظهر ليفي فجأة في موكب أمني داخل مصراتة، وسط تكهنات بأنه يقوم بوساطة بين الحكومة الفرنسية والميليشيات المسلحة، الموالية لحكومة السراج في مصراتة، التي تعد قواتها الضاربة في مواجهة “الجيش الوطني”.
رص الصفوف
كشفت صحيفة “البيان” الإماراتية، عن قرارات جديدة للقائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، نصت على تنظيم تبعية عدد من وحدات القوات المسلحة، لتكون تابعة مباشرة لرئاسة الأركان العامة برئاسة الفريق عبد الرازق الناظوري. وأعلن حفتر ووفق قرار صادر عنه، تبعية غرفة العمليات الرئيسية “الكرامة”، والمناطق العسكرية، وإدارة التدريب، وإدارة العمليات، وإدارة المساحة العسكرية، وإدارة الاستطلاع، وإدارة الحرب الإلكترونية، وكل الغرف الأمنية بالقوات المسلحة، إلى رئاسة الأركان العامة.
وقضى القرار، التنسيق الكامل بين الهيئات والإدارات والوحدات المستقلة الأخرى، ورئيس الأركان العامة، بما يكفل نجاح العمليات الحربية ونجاعة الهيكلة التدريبية. وأكّد مصدر عسكري مطلع للصحيفة، أن الإجراءات الجديدة التي اتخذها المشير حفتر، والتي تتعلق بتوزيع الاختصاصات بين القيادة العامة ورئاسة الأركان والهيئات المتخصصة، تأتي ضمن خطة متكاملة هدفها الإعداد للمرحلة المقبلة، وتوفير كل الضمانات لمواجهة أية حرب محتملة، وتحرير كل أرجاء البلاد من الميليشيات والمرتزقة.
خروج عن السيطرة
يؤكد الكاتب الصحافي رودريغ فينيلون ماسالا، في مقال له بصحيفة “العرب” اللندنية، أن ليبيا لم تكن طوال تاريخها عرضة لتدخلات متزامنة لقوى خارجية متعددة كما هو الحال في الوقت الراهن، ولم يثر هذا البلد، الثري في شمال أفريقيا، الأطماع الخارجية بالشكل الذي أصبحت تعرفه حالياً.
وقال ماسالا، إن الوضع في ليبيا قد تجاوز الليبيين أنفسهم، وخرج أيضاً عن سيطرة القيادات الشرعية الليبية وتلك التي نصبت نفسها ممثلة للشعب الليبي إن كان ذلك بطريقة شرعية أو مفترضة، شجبها البعض ووصفها آخرون بالهرطقة.
وأشار إلى أن، التوصل إلى حل دائم للأزمة الليبية لن يتم ولا يمكن أن يتأتى إلا بجهود الليبيين أنفسهم والذين يتحتم عليهم جميعا الجلوس على طاولة مفاوضات واحدة، تسودها الصراحة والشفافية ودون أي تحفظ في سبيل تجاوز المشاكل التي ترزح تحتها البلاد.
وأوضح الكاتب، أن الخبراء من متتبعي الأزمة الليبية يجمعون على دعم فكرة أن مصير ليبيا أصبح رهينة للقوى الدولية العظمى وكذلك الإقليمية، ويتفقون كذلك على أن عدم أخذ الليبيين بزمام المبادرة لتقرير مصيرهم، سيسرع من تنزيل سيناريو التقسيم الجاري حالياً بمباركة، مع الأسف، من هذه القوى.
وأضاف، “فبالرغم من أن الليبيين واعون تماماً بما يحاك ضد دولتهم، فهم مستمرون، بشكل متناقض، في الاستسلام لسياسات القوى الكبرى التي تتبنى أجندات خاصة بها. ودون الدينامية والتفاعل بين الأطراف الليبية، سيبقى الليبيون رهينة لمنطق الضعيف أمام القوي، وهو المنطق الذي وقف ضده العديد من المفكرين على غرار نيتشه وهيقل”.