| واشنطن – من حسين عبدالحسين |
يتوجه اليوم قرابة 150 مليون أميركي إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس لهم لولاية مدتها أربع سنوات، خلفا للرئيس باراك أوباما، الذي يختتم ولايته الثانية مطلع العام المقبل. كما يختار الاميركيون 435 عضوا في مجلس النواب و33 عضوا في مجلس الشيوخ، فضلا عن انتخابهم محافظين ومجالس محلية ومدعين عامين وغيرهم.
الاختيار الاميركي يبدو بسيطا ويتلخص بمرشحين هما مرشحة الحزب الديموقراطي ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، ومنافسها مرشح الحزب الجمهوري رجل الاعمال الملياردير دونالد ترامب. كذلك يمكن للاميركيين في بعض الولايات انتخاب مرشح الحزب الليبرتاري غاري جونسون او مرشحة حزب الخضر جيل ستاين. على ان مرشحي الليبرتاري والخضر سيغيبان عن لوائح بعض الولايات اذ ينص القانون على وجوب حيازة المرشح 5 في المئة من التأييد الشعبي في استطلاعات الرأي حتى يتم اضافة اسمه او اسمها الى اللائحة التي يختار منها المقترعون.
لكن اختيار الاميركيين ليس بين ابنة المؤسسة السياسية كلينتون او الشعبوي دونالد ترامب فحسب، بل هو اختيار مفصلي بين مرشحين يمثلان تيارين متناقضين.
هيلاري كلينتون وزوجها الرئيس السابق بيل يحملان شهادتي دكتوراه في القانون من جامعة يال المرموقة. داعمو كلينتون، مثل أوباما وزوجته ميشال، الاميركيان من اصل افريقي، يحملان دكتوراه في القانون من جامعتي هارفرد وبرنستون، فيما تعمل السناتور اليزابيث وارن بروفيسورة قانون في هارفرد. اما منافس كلينتون السابق ومؤيدها حاليا السناتور اليهودي بيرني ساندرز، فيحمل ماجستير في الاقتصاد من جامعة شيكاغو، اشهر الجامعات الاقتصادية في العالم وزوجته جاين، الكاثوليكية، تعمل رئيسة جامعة. هذا هو وجه حملة كلينتون: خليط نساء ورجال ممن يحملون ارفع الشهادات من ابرز الجامعات الاميركية، وهو خليط من البيض والسود، وفيه المسيحيون البروتستانت والكاثوليك، وفيه اليهود.
أما ترامب، فبالكاد يحمل إجازة أعمال من كلية وارتن الشهيرة، ويعتقد كثيرون ان ابيه الثري تبرع للكلية حتى تقبل ابنه. وترامب متزوج من ثلاثة، طلق اثنتين، وزوجته الحالية ميلانيا هي عارضة أزياء سابقة. أما داعمي ترامب فهما رئيس الكونغرس السابق نيوت غينغريتش، وهو مثل ترامب، متزوج ثلاث مرات، ومطلق مرتين، والأمر نفسه ينطبق على مؤيد ترامب الآخر عمدة مدينة نيويورك السابق رودي جولياني. هكذا هو وجه حملة ترامب، ثلاثة رجال في السبعين من العمر. لا يحملون شهادات تذكر. كل واحد منهم متزوج ثلاث مرات ومطلّق مرتين. والثلاثة مسيحيون من البيض.
هذا التباين في تركيبة قيادة الحملتين يعكس الانقسام الاميركي. الديموقراطيون يمثلون التنوع، وهم في غالبيتهم من سكان المدن التي تأوي عادة خليطا سكانيا من أعراق واجناس مختلفة، من جذور بيضاء وسوداء واميركية لاتينية وعرب ويهود وآسيويين. هم اميركيون قدامى، وآخرون من المهاجرين الجدد الذين اكتسبوا جنسيتهم الاميركية في ماض ليس ببعيد.
والديموقراطيون هم حزب الاقليات، ويؤيدون حقوق المرأة والمثليين، ويتطلعون الى توزيع عادل للثروات عن طريق رفع الضرائب على اصحاب الدخل المرتفع، واستخدام الاموال لدعم برامج الرعاية الاجتماعية والضمان الصحي للأقل دخلا، ويتبنون برامج حماية البيئة وتطوير الطاقة البديلة، وتنظيم مبيع واستخدام السلاح الفردي بين الاميركيين.
هذه الثقافة المدينية للديموقراطيين جعلتهم يسيطرون على كبرى مدن أميركا مثل نيويورك ولوس انجليس وبوسطن وبورتلاند وسياتل والعاصمة واشنطن، وتاليا، اصبحت ولايات هذه المدن، التي تتمتع بثقل انتخابي كبير، مؤيدة للديموقراطيين بشكل مضمون، وهي ولايات نيويورك وكاليفورنيا وواشنطن واوريغون. وحدها تكساس، الولاية الجنوبية الكبيرة، وعاصمتها هيوستن المكتظة، مازالت في ايدي الجمهوريين، على الرغم من ان استطلاعات الرأي تشير الى ان تكساس بدأت عملية قد تحولها الى ولاية متأرجحة في العقد المقبل.
هذه الصورة الديموقراطية هي التي تزعج الجمهوريين، حزب الرجال البيض الاثرياء ومصالحهم، والذين نسجوا خطابا دينيا واقتصاديا اقصائيا بحق غير البيض. الجمهوريون هم سكان ضواحي المدن، وهي ضواحي ذات غالبية بيضاء تخلو من الاختلاط. والجمهوريون ايضا هم سكان الارياف، وهم يعتقدون ان تفوق الولايات المتحدة هو بسبب دستورها وتقاليدها «اليهو مسيحية»، ويعتقدون ان التفريط بهذه المبادئ هو الذي تسبب بغرق أميركا وتراجع قوتها، اقتصاديا وعسكريا وسياسيا.
لذا، يطلق هؤلاء الجمهوريون على انفسهم تسمية «محافظين»، وهو ما يدفعهم الى تكريس عادات مستقاة مما يعتقدونه التعاليم الدينية، مثل اعتقادهم بتفوق الرجل على المرأة، والبيض على السود، ومعارضتهم المثلية الجنسية، ومعاداتهم الضريبة الحكومية، واعتبار ان الحكومة تسرق اموالهم لتعطيها للأقل دخلا. كما طور الجمهوريون مبدأ الحرية التي يعتقدون ان الخالق يمنحها للبشر، وهي حرية تسمو على قوانين الحكومة، ما يعني ان لكل فرد حريته في اقتناء السلاح الفردي وتنظيم ميليشيا لمقاومة الحكومة.
هكذا، يكون مرشح الديموقراطيين عادة شخص نخبوي صاحب شهادات عليا من ابرز الجامعات. وأخيرا رشح الديموقراطيون أسود، ثم امرأة، بعدما رشّحوا يهوديا لمنصب نائب رئيس العام 2000.
أما الجمهوريون، فهم يبحثون دائما عن مرشح «همشري» من الشعب، غالبا ما يكون رجلا مسيحيا من البيض.
أما المفارقة فتكمن في ان الجمهوريين نادرا ما يرشحون رئيسا من الشعب، فالرئيسان بوش ينحدران من اكبر العائلات السياسية في البلاد، والرئيس جورج بوش الابن كان يحمل شهادتين من يال وهارفرد. لكن المقولة التي استند اليها الجمهوريون لتزكيته كانت تركيزهم على ايمانه الديني، ووصفهم له على انه رجل يمكن «الذهاب الى حانة معه»، رغم ان بوش الابن كان انقطع عن الكحول منذ عقود بعد شفائه من الادمان. والمفارقة ايضا عند الجمهوريين تكمن في انهم يسعون دائما لترشيح ابن الشعب، فينتهي بهم المطاف وهم يرشحون للرئاسة الملياردير تلو الآخر: رومني ثم ترامب.
خيار الاميركيين اليوم هو بين اسلوبي حياة، واحد مديني عصري يتبنى التنوع وتوزيع الثروات والثقة بالحكومة، وآخر ريفي محافظ يؤمن بالاحتكار المالي ولا يثق الا بالميليشيات المزعومة. هذا الخيار فرز الاميركيين، لا سياسيا فحسب، بل اجتماعيا كذلك، وصارت الاستفتاءات تظهر ان الزيجات بين الديموقراطيين والجمهوريين تراجعت الى حدها الادنى.
حتى في الحياة اليومية، يكمن معرفة الفارق بين الديموقراطيين والجمهوريين بمجرد النظر اليهم. الديموقراطيون بمعظمهم رشيقون، يأكلون صحيا في مطاعم محسوبة عليهم، ويمارسون الرياضة وخصوصا اليوغا، ويقودون سيارات كهربائية او هجينة، وخصوصا تويوتا بريوس. اما الجمهوريون، فغالبا ما يعانون من السمنة، ويفخرون بالمآكل التقليدية ذات الدسم العالي ويتناولونها في مطاعم محسوبة للجمهوريين، ويقودون شاحنات فردية خصوصا فورد 150 او 250 او 350، وغالبا ما يقتنون اسلحة فردية ويتباهون بها.
خيار الاميركيين اليوم هو خيار يطول صميم الدولة: اما ان اميركا بلد الانفتاح والمهاجرين والمساواة، وهو ما تعلنه كلينتون، او ان اميركا بلد البيض ذات السور العالي والابواب المقفلة والمبادئ الدينية والقوة، وهو ما يتبناه ترامب. اما بريد كلينتون الالكتروني وضرائب ترامب، فهما مجرد فولكلور انتخابي مكرر.
9 ولايات تصوّت على تحرير «قوانين الماريجوانا»
لوس أنجليس – د ب أ – تصوت 9 ولايات أميركية اليوم على تحرير القوانين المتعلقة بالماريجوانا، في سلسلة من مبادرات التصويت على مستوى الولايات التي من شأنها أن توفر زخما لقبول متزايد للمخدر على مستوى البلاد. وستصوت كاليفورنيا وأريزونا ونيفادا وماساتشوستس ومين على تقنين الماريجوانا لأغراض الترفيه، ما يعني السماح للبالغين بحيازته وتداوله واستخدامه. أما الولايات الأربع الأخرى فستصوت على السماح أو توسيع الاستخدام الطبي للماريجوانا لمرضى معينين، لتنضم بذلك إلى 25 ولاية قننت هذا الاستخدام بالفعل. ومن شأن هذا التصويت أن يوسع على الأرجح بصورة كبيرة سوق الماريجوانا في الولايات المتحدة. ويعتقد بعض الخبراء أن هذا التصويت سيكون له تأثير كرة الثلج، ما قد يجعل في النهاية تقنينها على المستوى الوطني أمراً حتمياً.