تولى الشيخ جمال القادري البوتشيشي مقاليد تدبير الطريقة والزاوية البوتشيشية بعد وفاة والده الشيخ حمزة، الذي عرفت فترة ولايته على الطريقة تنظيما محكما وإشعاعا وطنيا ودوليا كبيرا، غير أن نجله لا يملك نفس قوة الشخصية التي تميز بها والده ليصبح شبه أداة في يد ابنه منير القادري الذي يسعى بكل قوته للسيطرة على الزاوية وعلى مواردها المالية وعلاقاتها النافذة في الدولة بعد تخطيطه لإحداث مجلس جماعي للمشيخة.
وقد استغرب عدد من مريدي الطريقة البوتشيشية إحداث هذا المجلس الذي يشبه نمط تدبير الإدارات والمقاولات، لكون الزاوية هرميتها الوحيدة هي الشيخ والفقرا أي المريدين حسب أحد مريدي الطريقة بالرباط.
وكشف المصدر ذاته أن هذا المجلس مكون من ثلاث أضلاع، هم الشيخ جمال وإبنه منير المسيطر على كل القرارات، ومعاذ كبير المسمعين ابن اخيه أحميدة المتوفى مؤخرا، مما يوحي بضعف الشيخ في تسيير وتدبير الزاوية وخروجا على نهج أسلافهم مشايخ الطريقة.
فالشيخ داخل الزاوية هو المربي والناصح والموجه في الذكر والسلوك لتزكية الروح وتهذيب الخلق للوصول إلى مقامات أهل الله الذين اخلصوا النية في العبادة، وكل ما يحتاجه في تدبير شؤون الزاوية هو عدد من المقاديم الذين حازوا الثقة ورقاهم ذكرهم وعملهم للقرب منه، ولايحتاج ابدا إلى من يشور عليه في تواصله الرباني مع المريدين، حسب محدثنا الذي فضل عدم كشف هويته.
وتعليقا على هذا المجلس الجماعي للمشيخة المكون من شابين في مقتبل العمر لم يصلا بعد إلى مراتب تؤهلهما إلى توجيه الطريقة، قال المصدر أن الغاية منه هو إغلاق المنافذ للوصول إلى الشيخ واتخاذ القرارات نيابة عنه والاستفادة منه في تحقيق مصالحهما التجارية خصوصا وأن لهما عدة شركات تجارية وفلاحية بمنطقة بركان والشرق وبالدار البيضاء. كما رأى في هذا التنظيم الجديد “بداية لانهيار الزاوية ونفور الناس عنها وإيذانا بقرب نزول غضب الجهات العليا عليها”.
ويذكر أن معاذ القادري أحد أعضاء مجلس المشيخة، وهو ابن العامل السابق على إقليم بركان ارتبط إسمه بعدة قضايا متعلقة بإصدار شيكات بدون رصيد كان جده الراحل الشيخ حمزة يسددها عنه من حين لآخر، وقد يكون الغرض من وراء إدماجه في هذا المجلس من قبل منير القادري إبن عمه الشيخ جمال، حيلة لتفادي منازعات الإرث علما أن العائلة البوتشيشية معروفة بنزاعاتها القضائية حول الإرث والعقارات، حسب المصدر نفسه، الذي التمس في آخر تصريحه تدخل المعنيون بالأمر داخل الدولة لمعالجة الوضع لكون الزاوية مؤسسة اجتماعية تدبر أحد أهم أضلاع الإسلام الشعبي في المملكة وأي خلل فيها هو بمثابة خلل في المرفق الديني ككل.