هل ما يجري في إيران ثورة فقراء أم انتفاضة إصلاح؟

الجريدة نت3 يناير 2018
هل ما يجري في إيران ثورة فقراء أم انتفاضة إصلاح؟

كثيراً ما بدت إيران على وشك تبني الديمقراطية. فقد شهد هذا البلد، خلال القرن العشرين، ثلاثة اضطرابات سياسية كبرى: الثورة الدستورية من 1905- 1911، وحركة تأمين النفط بين عامي 1951- 53، والثورة الإسلامية في عامي 1978-97.ووفق ما عرضته، في مجلة “فورين أفيرز”، هالة إصفاندياري، باحثة لدى مركز “وودرو ويلسون” الدولي للدراسات، ومؤلفة كتاب “سجني، بيتي: حكاية أسيرة في إيران”، تباينت تلك الثورات الثلاث عن بعضها البعض، ولكنها جميعاً نشأت من ردة فعل على الفساد وسوء الحكم والاستبداد.
سوء الإدارة

وبرأي إصفاندياري، عكست تلك الثورات الثلاث انتشار التعليم وارتفاع توقعات الطبقة المتوسطة، ونفاذ صبر طبقة الأثرياء ورجال الأعمال من سوء الإدارة. وقد اتسمت جميعها بآمال بتحقيق شكل من الحكم الديمقراطي، ولكن في كل مرة، كانت النتيجة خيبات أمل متتالية.
قوى القمع
وتلفت الكاتبة إلى كتاب “الديمقراطية في إيران” من تأليف ميساغ بارسا الذي فسر أسباب فوز قوى القمع دوماً على الحركات الديمقراطية الإيرانية. ويشير الكاتب بإيجاز للثورة الدستورية، ولحركة تأميم النفط،، ولكن تركيزه الرئيسي يصب فيما يراه تنصلاً من وعود ديمقراطية أطلقتها الثورة الإسلامية. ويخلص الكاتب لنتيجة أنه، وبالنظر لطبيعة الجمهورية الإسلامية، إن تحققت الديموقراطية في إيران، فإنها سوف تأتي عبر ثورة، لا بواسطة إصلاح تدريجي.
تجاهل
لكن، بحسب إصفاندياري، عند تركيز بارسا على التطلعات الديموقراطية لملايين خرجوا في مسيرات ضد حكم الشاه في عامي 79-1978، فقد أخفق في التعبير عن مدى التزام الخميني بفكرة دولة إسلامية يقودها رجال دين. فقد خدع الخوميني مجموعة من المستشارين العلمانيين الذين أحاطوا به، خلال منفاه القصير في باريس في عام 1978، ووعدهم شفوياً، بتطبيق مبادئ ديمقراطية.
كما أصر، وهو في باريس، على أن الشريعة يجب أن تسود في ظل حكومة إسلامية حقيقة.
إصلاح وقمع
ويظهر بارسا أن القمع ظل السمة البارزة للجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها، ولكن الانشقاقات لم تنته قط. وبقيت أفكار كالإصلاحات وحكم القانون ومحاسبة الحكومة، تتردد في أوساط إيرانية واسعة. وحدثت تصدعات بين النخبة الحاكمة، وعلت أصوات منشقين، وخاصة من تطرقوا لقتل سجناء سياسيين وإغلاق صحف، وتزوير انتخابات.
تحديات
لكن تحت حكم أحمدي نجاد شهدت إيران أكبر تحدٍ للمؤسسة الدينية منذ عام 1979. فقد خرجت احتجاجات وحركة معارضة كبرى في عام 2009، بعدما أعيد انتخاب أحمدي نجاد رئيساً لإيران ( زوراً كما رأى متظاهرون)، وخاصة لأن نجاد كان داعماً للحرس الثوري والمؤسسة الدينية الحاكمة.
وقد رد النظام بعنف شديد. ويصف بارسا ما جرى عندما نشرت في شوارع مدن إيرانية، أعداد هائلة من شرطة مكافحة الشعب وميلشيات عسكرية. وأغلقت الحكومة مقار منظمات سياسية معارضة، وحظرت التظاهر، وشنت حملة تشهير بالمتظاهرين. وقتل يومها عدد من المحتجين في معارك مع أجهزة الأمن في الشوارع، أو بأيدي قناصة اعتلوا أسطح مباني. وما إن هدأت الاحتجاجات حتى بدأت عمليات انتقامية.
انتقال سلمي
وبحسب الكاتبة، أثبتت العقود الثلاث الماضية، بما شهدته إيران من عمليات عنف وقمع وقتل لمنشقين ومحتجين، بأن الشعب الإيراني، في غالبيته، يفضل انتقالاً سلمياً للسلطة عبر صناديق الانتخاب، وليس بواسطة انقلابات أو بنشر الفوضى.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.