ملاعب القرب بالدارالبيضاء .. الإغتناء على حساب الفئات المسحوقة!!

الجريدة نت9 أكتوبر 2018
ملاعب القرب بالدارالبيضاء .. الإغتناء على حساب الفئات المسحوقة!!

راهنت الدولة على أن تلعب ملاعب القرب دورا كبيرا في حماية الأطفال والشباب من الانحراف، كما تعتبر فضاء للتأطير وممارسة الرياضة والحفاظ على الصحة لجميع الفئات العمرية،وخصصت لبناءها الملايير، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حتى تستجيب للمعايير الدولية، فعلا، انطلق بناء هذه المشاريع على وقع “الزفة” كما يقول المصريون، لكن ما لم ينتبه إليه أصحاب القرار أنهم بهذه المشاريع، ساهموا في ظهور طبقة ثرية جديدة، ما هم برجال أعمال ولا تجار، بل فقط فاعلون جمعيون، حولوا بقدرة قادر “العمل التطوعي” إلى ريع بتواطؤ مع مستشارين جماعيين.
في ظروف غامضة تسند مهمة الإشراف على ملاعب القرب لجمعيات احتكرت مداخيل الملاعب ، كانت بداية الإشراف على هذه الملاعب جد موفقة، ووجد أخيرا “أولاد الشعب” فضاء بتجهيزات مهمة، يمارسون فيه هواياتهم، خصوصا كرة القدم، بعد معاناتهم بسبب الزحف الإسمنتي الكبير بالبيضاء، لكن في حدود 2009، انقلبت أمور هذه الملاعب رأسا على عقب، بعد أن أدرك مستشارون ب”مكرهم” الانتخابي أهمية هذه الملاعب في كسب أصوات انتخابية.
صار ملزما على كل راغب في الاستفادة من ملعب للقرب أداء مبلغ 300 درهم للساعة، بل لمناسبات يفوت لجهات ب500 درهم للساعة، هنا يطرح أكثر من سؤال، هل الدولة عندما أنجزت هذه المشاريع، اشترطت أن تحولها إلى ملكية خاصة؟ وإذا كانت من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تهدف إلى تحقيق الربح المادي من خلال هذه المشاريع، لماذا ترددت في تفويتها للخواص، مقابل سومة كرائية معقولة؟
لم يقتصر الأمر على تحديد سعر معين للساعة الواحدة، بل ابتكر البعض طريقة للرفع من الأرباح، وهي تحديد ثمن لكل شاب راغب في لعب كرة القدم، يصل إلى 30  درهما، وبعملية حسابية بسيطة يجني هؤلاء أزيد من 350 درهما في الساعة الواحدة، وعلى مدار اليوم تصل المداخيل إلى أزيد من 2000 درهم يوميا.
أرباح مغرية فعلا، لكن السؤال هل تستفيد الجمعيات لوحدها من هذه المداخيل؟ الجواب طبعا لا، لأن المكلف بالإشراف على الملعب مجبر على تسليم جزء من المبلغ لولي نعمته، والذي لن يكون سوى مسؤول بالجماعة التابعة له.
دخلت عدة أطراف على خط هذا الملف، وتوالت الاحتجاجات على احتكار جمعيات معينة تسيير هذه الملاعب، والتي قد تتجاوز 60 ملعبا بالبيضاء، بل منهم من عمد إلى فضح مستشارين وتحديد قيمة الأموال التي يجنونها من ملاعب القرب، متحدثين عن رقم يصل إلى 100 مليون سنويا.
لكن تبين في ما بعد أن كل هذه الاحتجاجات ونشر غسيل الفضائح على وسائل الإعلام، مجرد “جعجعة بلا طحين”، نوايا أغلب محركيها غير سليمة، إذ غالبا ما تخفت حدتها بعد إعادة “توزيع الغنيمة” عليهم.
فضائح بالجملة
من أكبر الخروقات التي يشهدها ملف تسيير ملاعب القرب بالدارالبيضاء، تطاول مسؤولي الجماعات على اختصاص مجلس المدينة، فهذه المؤسسة الوحيدة، التي تحظى بصلاحية الإشراف على هذه الملاعب وعقد شراكات مع جمعيات أو جهات معنية للإشراف عليها، بناء على دفتر تحملات.
لكن “مافيا” الانتخابات كان لها رأي آخر، إذ في خرق كبير للقانون الجماعي، تم التطاول على اختصاص مجلس مدينة الدارالبيضاء، وعقدت مجالس المقاطعات صفقات مع جمعيات غالبا ما تكون مقربة من أصحاب القرار بها، لتفويت هذه الملاعب لها.
من أجل إضفاء الشرعية على هذه العملية، وافق مسؤولو الجماعات “على الورق”، تحديد أسعار تفضيلية لفائدة قاطني المنطقة، مع احتفاظ الجمعيات بكل مداخيل ملاعب القرب من أجل تسديد فاتورات الماء والكهرباء وكل أعمال الصيانة.لكن على أرض الواقع، ضرب هذا الاتفاق عرض الحائط، كيف ذلك؟
تحقق الجمعيات مداخيل مالية مهمة، وتعفى من تخصيص جزء منها، من أجل صيانة الملعب وأداء نفقات استغلاله، ليبقى السؤال، ما مصير أموال هذه الملاعب؟
فملاعب القرب ، “بقرة حلوب” ، وبها يؤسس مستشار ما “حلفا انتخابيا” مع رؤساء جمعيات، إذ يمكنهم من تسيير هذه الملاعب والاستفادة من مداخيلها دون حسيب أو رقيب، مقابل حشد أصوات انتخابية له في كل استحقاق انتخابي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.