إيمانا مني بالأهمية القصوى التي يكتسيها العمل الجماعي في الممارسة السياسية، اعتبرت دائما أن الانخراط المسؤول في تدبير الشأن المحلي وفق رؤية واضحة يعتبر واجهة نضالية ومجالا لتجسيد الاختيارات والقناعات السياسية على أرض الواقع، ومحكا لاختبار الأداء والممارسة من زاوية رضى أو عدم رضى الساكنة.
من هذا المنطلق خضت غمار الانتخابات الجماعية لشتنبر 2015 بجماعة بنمنصور، مسقط رأسي، وكيلا لما أسميتها وقتها “لائحة الشباب” عن حزب الحركة الشعبية، التي حازت ثقة الناخبات والناخبين وانتصرت لقيم الشفافية والمنافسة الشريفة على أرضية برنامج تعاقدي مع ساكنة الجماع ، للمضي قدما في تنفيذ ما التزمت به لائحتي، نافست بقوة و إصرار من أجل رئاسة المجلس ثلاث مرات في 2015 و2016 و2017 وهي تجارب مهمة كشفت من خلالها وفي حينه ثم بعد مدة قصيرة أن ما يبنى على أسس غير سليمة تكون نتائجه بالضرورة مخيبة و غير مرضية. كما تشبت خلال كل هذه المحطات بضوابط وأخلاقيات العمليات الانتخابية..
هذا بالضبط ما تعيشه جماعتي اليوم، التي تعاني سوء تسيير وتدبير واضحين للرئيس الحالي وهدر غير مقبول بتاتا للزمن الانتدابي وهو ما يضيع فرص التطوير الممكنة والاستجابة للانتظارات المشروعة لأبناء وبنات الجماعة والمساهمة من المداخل التنموية المحلية في الإقلاع الذي تنشده بلادنا على مختلف الأصعدة تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك نصره الله.
في ظل هذه الوضعية، واصلت كمستشار تتبع قضايا وشؤون الجماعة بالموازاة مع المسؤولية التي أتحملها على رأس قطاع حيوي، مع شعور دائم بالقلق وعدم
الرضى على مجريات الأمور بهذه الجماعة، علما أنها تستحق الأفضل لما تتوفر عليه من إمكانيات مادية وغير مادية.
عاد الأمل في التغيير لينبعث من جديد، بعد تعبير الساكنة في كل مناسبات اللقاء بها عن غضبها الشديد إزاء كيفية تدبير أمور الجماعة.
وبعد الاتصالات التي تلقيتها من طرف جل الأعضاء بالمكتب الجماعي والعديد من الفعاليات والشخصيات الوازنة بالجماعة الذين اقترحوا علي الترشح للرئاسة بمناسبة مرور ثلاث سنوات على الانتخابات كما ينص على ذلك القانون رقم 14.113.
وبعد نقاشات مستفيضة مع الأعضاء والفعاليات، تكونت لدي القناعة بأن الأمر مختلف هذه المرة بعد استفادة الجميع من دروس الاختيارات السابقة التي لم تكن موفقة على مستوى رئاسة المجلس خلال آخر محطة لانتخاب الرئيس الحالي.
وعلى هذا الأساس ولأني أضع نفسي دائما رهن إشارة جماعتي فقد عبرت عن استعدادي لمواصلة النضال جنبا إلى جنب مع الغيورات والغيورين وفي مقدمتهم المنتخبين بشرط واحد وهو أن يتأسس عملنا على المسؤولية والانضباط والالتزام والثبات على الموقف الرصين الذي يتوخى المصلحة الفضلى للمواطن.
وقد أسفرت نقاشاتنا الجادة والمسؤولة على توقيع ملتمس المطالبة باستقالة رئيس المجلس الجماعي لجماعة بنمنصور من طرف 27 عضوا من أصل 29 بإمضاءات
مصححة بتاريخ 5 شتنبر 2018، مع مطالبته بإدراج هذا الملتمس كنقطة فريدة ضمن جدول أعمال الدورة العادية الأولى من السنة الرابعة و هو الملتمس الذي تم تبليغه للمعني بالأمر بتاريخ 06 شتنبر 2018 بواسطة عون قضائي حرر محضرا رسميا في هذا الشأن.
إلا أن الرئيس ، خلال اجتماع مكتب المجلس بتاريخ 14 شتنبر 2018 المخصص لإعداد جدول أعمال دورة أكتوبر، رفض إدراج هذه النقطة في جدول الأعمال
وذلك في خرق سافر لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 70 .
أمام تعنت الرئيس، قام أعضاء المكتب بمراسلة السلطة الإقليمية في شخص السيد العامل، بتاريخ 14 شتنبر 2018، لإخباره برفض رئيس المجلس إدراج النقطة المتعلقة بملتمس المطالبة بالاستقالة ضمن جدول أعمال دورة شهر أكتوبر، بعد أن قام رئيس المجلس بموافاة السلطة بنفس التاريخ، بجدول لأعمال دورة شهر أكتوبر اقترحه في تجاهل تام لقرار أعضاء المكتب.
وتأكيدا لإصراره على خرق القانون، قام رئيس المجلس، بتاريخ 17 شتنبر2018 ، بتوجيه مراسلة إلى أعضاء المجلس الموقعين على ملتمس طلب الاستقالة، يخبرهم من خلالها برفضه إدراج الملتمس ضمن جدول أعمال الدورة العادية لشهر أكتوبر بدعوى عدم احترامه للمسطرة المحددة بالفصل 70 المشار إليه أعلاه .
وبعد توصل السيد العامل بجدول أعمال دورة أكتوبر، قام وفقا لما يخوله له القانون، بتذكير رئيس المجلس، بتاريخ 24 شتنبر 2018، بمقتضيات المادة 70
من القانون التنظيمي رقم 14.113 التي تنص بشكل صريح على وجوب إدراج ملتمس المطالبة باستقالة الرئيس ضمن جدول أعمال الدورة العادية الأولى من السنة
الرابعة التي يعقدها المجلس.
غير أن الرئيس وإمعانا في التجاهل لمقتضيات القانون، قام بتاريخ 20 شتنبر2018، بتوجيه استدعاء لأعضاء المجلس لحضور أشغال دورة أكتوبر المزمع عقدها بتاريخ 04 أكتوبر 2018 وفق جدول أعمال لا يتضمن نقطة ملتمس المطالبة باستقالة الرئيس. وهذا ما دفعنا للجوء إلى القضاء الإداري ورفع دعوى استعجالية ضد الرئيس المذكور، لاستصدار حكم يقضي بإدراج ملتمس المطالبة باستقالته ضمن جدول الأعمال وفق ما تنص عليه المادة 70 من القانون التنظيمي، تأكيدا منا على
تشبثنا بحق الساكنة و نضالنا من أجل تطلعاتها التنموية المشروعة ومحاربة مثل هؤلاء الدخلاء على السياسة الذين تسببوا في فقدان المواطنين عامة و الشباب خاصة، الثقة في العمل السياسي و في مؤسساتهم التمثيلية.
مشيا وراء التوجهات الملكية السامية، خصوصا من خلال خطابي العرش وثورة الملك والشعب الأخيرين، فإنني كمنتخب محلي، سأعمل كل ما في وسعي لتغيير
أوضاع جماعتي للأحسن وتعبئة كل الطاقات الإيجابية من أجل العمل على الرقي بأوضاعه .
ختاما، لقد جعلت من قطع الطريق على كل من تسوّل له نفسه عدم الامتثال للقانون والضرب بمصالح الساكنة عرض الحائط شعارا ومنهاجا في ممارستي
السياسية و لن أحيد عنه مهما كلفني ذلك.
محمد الغراس عضو مجلس جماعة بنمنصور
إقليم القنيطرة