انتخابات "إسرائيل".. 3 جبهات مُشتعلة قد تقلب المشهد وتفجره

الجريدة نت2 يناير 2019
انتخابات "إسرائيل".. 3 جبهات مُشتعلة قد تقلب المشهد وتفجره

منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها “الكنيست” حل نفسه بدأ العد التنازلي لإسدال الستار على الانتخابات الداخلية في “إسرائيل”، في ظل ظروف استثنائية وبالغة الحساسية يُحيط بها كثير من الخلافات والأزمات والاحتقان الشعبي وحتى السياسي.
المؤشرات جميعها تتجه نحو مفهوم واحد؛ وهو أن حل الكنيست، وتحديد موعد الانتخابات المبكرة في شهر أبريل المقبل، سيصب في مصلحة رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، بعد فشله العسكري، وتهم الفساد التي تلاحقه، لكن يبدو أن الكثير من التفاصيل الصغيرة على عدة أصعدة، منها الداخلي والخارجي، قد تغير المعادلة وتحولها لاتجاهات أخرى، وفق رؤية المراقبين والخبراء في الشأن الإسرائيلي.
وأكدوا في أحاديث خاصة لـ”الخليج أونلاين” أن الخطر يُحيط بنتنياهو من كل جانب ومن أصغر الزوايا، على العكس تماماً مما يحاول أن يظهره أمام جمهوره والأحزاب التي تدعمه من أنه القوي والمسيطر. والعملية الانتخابية ستكون مُعقدة للغاية، والمفاجآت هي عنوانها الأبرز في أبريل المقبل.
والأربعاء ( 26 ديسمبر) صادق الكنيست على مشروع قانون حول حل نفسه وإجراء انتخابات مبكرة يوم 9 أبريل المقبل بالقراءة النهائية، وخلال التصويت أيد 102 من النواب حل الكنيست، مقابل صوتين عارضا مشروع القانون، أحدهما نائب عن حزب الليكود، وبذلك تكون الحملة الانتخابية قد انطلقت رسمياً في “إسرائيل”.
– المفاجآت قد تقلب المشهد
وهذا يعني أن الحملة الانتخابية سيكون التنافس فيها شديداً، والمزايدات والاتهامات في الخطاب الشعوبي بين الأحزاب المرشحة ستكون السمة المسيطرة، وذلك في ظل احتدام المشهد السياسي والأمني على الجبهات الثلاث (قطاع غزة والضفة الغربية والشمال)، فضلًا عن بداية احتقان اجتماعي اقتصادي، بدأ يعبّر عن نفسه بتظاهرات السترات الصفراء، بالإضافة لملفات نتنياهو الجنائية التي تقترب من الحسم.
وستركز أجندة الانتخابات في مواضيعها بشكل كبير على ملفات نتنياهو الجنائية بشعار: “مللناكم أيها الفاسدون”، وعلى الأمن بشعارات: “إعادة الردع، ودعوا الجيش ينتصر”، وعلى الموضوع الاقتصادي الاجتماعي، في حين أن شعار نتنياهو و”الليكود”: “صوتوا لنتنياهو – ليعود ويحكم مرة أخرى”.
“الحديث حول موضوع الانتخابات طويل ومعقد في ظل اختلاف الخصوم في الحلبة السياسية، الخلاف الذي بدأ سابقاً وتراكمت تبعاته، حتى اتفقت الأطراف على حل الكنيست، كان خلافاً دينياً بالدرجة الأولى حول قانون التجنيد، الذي حاربت من أجل منعه الأحزاب الدينية حتى وصل الأمر إلى حله والتوجه نحو الانتخابات”، بحسب ما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي مؤمن مقداد.
ويضيف، في تصريحات خاصة : “لم ينتهِ الخلاف بعدُ، بل دخل الحلبةَ خصوم جدد، فظهر على الساحة من جديد وزير الحرب السابق بيني غانتس، وهو خصم شديد ويهدد بقوة مستقبل حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، وأعلن رئيس الحرب السابق، موشيه يعلون، أيضاً نيته إنشاء حزب جديد، وهناك اتفاقات بين العديد من الخصوم بهدف كسب أكبر قدر من التأييد من جهور الاحتلال”.
وتابع: “حتى الآن ما زال موضوع الانتخابات في بدايته، وسنرى الكثير والعجيب لاحقاً حول الأمر”.
حزب الليكود، بحسب مقداد، يتصدر أعلى مقاعد في استطلاعات الرأي الأخيرة، بفارق كبير عن باقي الأحزاب، رغم عدم رضا نتنياهو عن تلك النتائج؛ حيث يطمح حزبه إلى الحصول على 40 مقعداً كما أعلن سابقاً، وإنجازاته بالنسبة للإسرائيليين- على الرغم من ملفات وشبهات الفساد التي تحيط به- طغت على مساوئه بالنسبة لجمهور الاحتلال.
وعن أوراق الربح التي يلعب فيها نتنياهو بالانتخابات المقبلة، يقول مقداد: “في عهده أعلن ترامب القدس عاصمة لدولة الكيان، ونقل السفارة الأمريكية للقدس، وغيرها من الدول التي نقلت سفاراتها للقدس، وتضاعف عدد المستوطنين في الضفة الغربية من 250 ألف مستوطن إلى نحو 800 ألف، والاستيطان وسلب الأراضي تسارع بشكل كبير، وأصبحنا نرى التطبيع مع الدول العربية علناً بفعل جهود نتنياهو السياسية، واستطاع كسب العديد من دول أفريقا وأمريكا اللاتينية في صفه”.
– هل يجازف بمهاجمة غزة؟
ويشير الخبير في الشأن الإسرائيلي إلى أن العديد من الإنجازات التي لم يستطع غيره تحقيقها يعتبرها جمهور الاحتلال مكسباً من قائد سياسي وعسكري وأمني محنك، مستدركاً بالقول: “لكن الثغرة الوحيدة التي لا يستطيع نتنياهو حلها، والتي ستؤثر فعلاً على تفوقه، هي قطاع غزة وفقدان الردع هناك”، مضيفاً: “لا شك أن نتنياهو في ظل احتدام المعركة في الحلبة السياسية سيتجه نحو الخطوة الأكثر إثارة، وقد يجازف بافتعال عمل عسكريٍّ ما لسد ثغرة الردع المفقود في القطاع، لكنه لو فشل في ذلك فسيخسر أضعاف ما هو عليه الآن”.
ويزيد في حديثه: “التصعيد في غزة أصبح في جدول المغامرة بالنسبة للاحتلال وحكومته، خاصة بعد الجولة الأخيرة التي لاحظ الاحتلال فيها التغير والتطور والتقدم العسكري الذي لم يتوقعه أبداً، لذلك أصبح التوجه نحو خيار التصعيد مجازفة قد تقضي على  مستقبل نتنياهو لو خاضها وفشل فيها، الأمر لا شك أنه مطروح، لكن سيكون آخر الخيارات بالنسبة له إذا احتدم الأمر في الصراع السياسي بين الأحزاب”.
من الجانب الآخر يخشى الاحتلال أن تجره “حماس” نحو المواجهة أو التصعيد بسبب الجمود في محادثات رفع الحصار والتهدئة التي وعد بها الاحتلال “حماس” بعد سماحه بإدخال المنحة القطرية، التي اعتبرتها الأخيرة خطوة أولى في مسيرة رفع الحصار، الذي أصبح مثار غضب في ظل الإهمال من طرف الاحتلال.
ويتابع مقداد: “ثلاث جبهات مفتوحة؛ أولاها يرى الاحتلال سهولة في التعامل معها، وهي الجبهة الشمالية، إذ على الرغم من خطورتها فإنه يعتبر نسبة الرد فيها على أي هجوم تساوي صفراً، والجبهة الثانية هي الضفة الغربية، التي يسودها بعض الهدوء حالياً، ولكنها قد تنفجر في لحظة مثل موجة العمليات التي حدثت مؤخراً وسببت إرباكاً للاحتلال وأجهزته، حتى إنها تسببت بأزمة سياسية”.
الجبهة الأخيرة، بحسب الخبير في الشأن الإسرائيلي، هي قطاع غزة، والتي تعتبر الأكثر تقلباً والأسرع للتوتر.
ويشير إلى أن نتنياهو بحزبه سيحاول قدر المستطاع الحصول على أكبر عدد مقاعد يمكنه من تجاوز أزمات الائتلاف الذي زعزع استقرار حكومته سابقاً، حيث إن عدد المقاعد الـ40 الذي يطمح له نتنياهو سيمكنه من الاستغناء عن بعض التحالفات مع الأحزاب التي وقفت عثرة في ائتلافه.
ويلفت إلى أن الأمر الأكثر خطورة هو نوعية الصراع بين الأحزاب، خاتماً بالقول: “لو كان الأمر سيشكل خطراً بالفعل على مستقبل صدارة حزب الليكود فلا ريب أن نتنياهو سيحاول إشباع رغبات الجمهور بخطوة تصعيد متوقع أن تكون نحو قطاع غزة عن طريق اغتيال شخصية ما أو ضرب هدف كبير، أو تنفيذ عمل واضح وأمني يستعيد فيه قوة الحزب ويلبي رغباته في كسب المزيد من التأييد”.
بدورها وصفت زعيمة “المعسكر الصهيوني” المعارض تسيبي ليفني، الانتخابات المقبلة بأنها “طارئة”، مضيفة أنه لا بديل عن هزيمة نتنياهو، واتهمت حكومته بتقديم قوانين “تجبر الإسرائيليين على تغيير قيمهم”.
وبعد حل “الكنيست” لن تكون لديه إمكانية لمناقشة مشاريع القوانين، باستثناء إقرار المشاريع المتفق عليها من قبل الائتلاف الحاكم والمعارضة، وستواصل حكومة نتنياهو أداء مهامها حتى تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات.
وترجح استطلاعات الرأي فوز القوى اليمينية في الانتخابات وإعادة انتخاب نتنياهو رئيساً للوزراء للمرة الرابعة على التوالي، وفي المقابل تحطم حزب العمل (أبرز منافسي نتنياهو) بشكل غير مسبوق منذ تشكيله.
– هل ستشارك القائمة العربية؟
وفي ظل ضبابية المشهد في “إسرائيل” واحتدام الصراع بين الأحزاب السياسية المعارضة للظفر بالانتخابات المقبلة، يُطرح تساؤل حول الدور الذي يمكن أن يؤديه فلسطينيو الداخل المحتل عام 48 في تلك الانتخابات، وهل ستشارك القوائم العربية في صناعة الحدث السياسي الإسرائيلي؟
ليؤكد في هذا السياق النائب العربي في “الكنيست”، يوسف جبارين، أن فلسطينيي الداخل ستكون لهم كلمة قوية ومؤثرة في هذه الانتخابات، وسيشاركون فيها.
وفي تصريحات خاصة ، يقول: “الانتخابات المقبلة ستكون فرصة جيدة لتغيير شكل الحكومة المتطرفة الحالية، ودورنا سيكون مؤثراً وقوياً، وسنشارك فيها للتعبير عن رأينا وتوجهنا”.
“سنخوض الانتخابات المقررة بشهر أبريل المقبل بقائمة عربية مشتركة وموحدة، وسنحاول تغيير تركيب الحكومة الإسرائيلية الحالية، وتغيير ممارسات نتنياهو القمعية التعسفية والظالمة تجاه القضية الفلسطينية وحقوقها ومقدساتها التي تستهدف كل يوم”، يضيف النائب جبارين.
ويكمل حديثه قائلاً: “سنهدف إلى رفع تمثيل القائمة العربية في الكنيست من خلال الانتخابات، وسنحاول حشد كل الدعم من فلسطينيي الداخل للتصويت للقوائم العربية، لدعمها وزيادة وزننا السياسي وسد الطريق أمام اليمين السياسي المتطرف، والوقوف في وجه العنصرية”.
ويلفت النائب جبارين إلى أن “الواقع الحالي، وممارسات حكومة نتنياهو بحق قضيتنا وشعبنا وحقنا، يجبرنا على توحيد كل خطواتنا لتعزيز قوة القائمة المشتركة لخوض غمار ومعارك الانتخابات المقبلة والحصول على الأصوات اللازمة في صناديق الاقتراع لرفع كلمة وثقل القائمة العربية، بحيث تكون قوى مؤثرة حتى في القرار السياسي الإسرائيلي”.
وعقب الإعلان عن الانتخابات المبكرة، قال نتنياهو إنه يأمل أن يكون الائتلاف الحالي لحكومته هو النواة للتحالف المقبل، ملوحاً إلى إمكانية سيطرة حزب الليكود الذي يتزعمه على الائتلاف المقبل، الذي حصل على 30 مقعداً في انتخابات الكنيست عام 2015.
وينص القانون الإسرائيلي على إجراء الانتخابات البرلمانية كل 4 سنوات في شهر نوفمبر، لتشكيل حكومة جديدة مدتها 4 سنوات تشكل عبر أكبر الأحزاب حصولاً على مقاعد بالكنيست، بعد فرز أصوات الناخبين. ويبلغ عدد مقاعد الكنيست 120 مقعداً، ويستلزم حصول الحزب المكلف بتشكيل الحكومة على 61 مقعداً، وفي حال عدم حدوث ذلك يكلف الحزب الأعلى من حيث المقاعد بتشكيل حكومة ائتلافية من كل الأحزاب.
وجاء قرار حل الكنيست الإسرائيلي عقب فشل التوصل إلى صيغة لإقرار قانون التجنيد الذي يلزم اليهود المتطرفين في دولة الاحتلال “الحريديم” بتأدية الخدمة العسكرية الإلزامية، فيما تعارض ذلك الأحزاب الدينية، مثل يهوديت هتوراة وشاس والبيت اليهودي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.