وهبي ينجح في تمرير مشروع المسطرة الجنائية

المحرر14 مايو 2025
وهبي ينجح في تمرير مشروع المسطرة الجنائية

تمكن وزير العدل عبد اللطيف وهبي، أخيرا، من تمرير مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23، الذي أثار الكثير من الجدل في وقت سابق بعدما صادقت عليه الأغلبية البرلمانية خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب، والذي امتد إلى وقت متأخر من ليلة أمس الثلاثاء.
المشروع، الذي يُعد من أبرز النصوص القانونية المؤطرة للعمل القضائي الجنائي في المغرب، خضع لنقاش دقيق ومستفيض، استغرقت مناقشة تعديلاته ما يزيد عن 11 ساعة متواصلة، وانتهى بحصوله على موافقة 18 نائبا برلمانيا، مقابل معارضة 7 نواب، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت، ما يعكس التوازن الدقيق الذي طبع مسار التصويت، وسط نقاشات تقنية وسياسية مكثفة.
وتميّز مسار مناقشة مشروع القانون بكمّ هائل من التعديلات التي تقدّمت بها مختلف الفرق والمجموعات النيابية، حيث بلغ مجموع التعديلات المقدمة 1384 تعديلاً، شملت مختلف مواد المشروع، في سابقة تؤشر إلى حجم التفاعل البرلماني مع هذا النص المحوري في بنية العدالة الجنائية.
وقد تصدرت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية لائحة التعديلات بعدد بلغ 435 تعديلا، تلتها الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بـ 308 تعديلات، ثم فريق التقدم والاشتراكية الذي قدّم 167 تعديلاً، في حين سجّل الفريق الحركي 186 تعديلا، بينما بلغ عدد التعديلات التي اقترحتها فرق الأغلبية 155 تعديلا.
ولم تخلُ لائحة التعديلات من إسهامات النائبات البرلمانيات غير المنتسبات، إذ تقدّمت النائبة فاطمة التامني بـ 55 تعديلا، تلتها النائبة شفيقة لشرف بـ 42 تعديلا، ثم النائبة نبيلة منيب التي اقترحت 24 تعديلا، في حين رفعت النائبة ريم شباط عدد تعديلاتھا إلى 12.
وقد استأثرت المادتان 3 و7 بحصة كبيرة من النقاش البرلماني، لما تضمنتاه من مقتضيات جديدة تتعلق بدور جمعيات المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد، وهو ما أثار جدلا واسعا حول طبيعة هذا الدور، ومدى تدخل الفاعلين المدنيين في مسار الإجراءات الجنائية.
كما شملت المناقشات مقتضيات أخرى ذات طابع إجرائي دقيق، أبرزها الشروط القانونية للجوء إلى الحراسة النظرية باعتبارها تدبيرا استثنائيا، إضافة إلى التنصيص على حضور مترجم محلف في حال جرت المناقشات في إطار إنابة قضائية دولية بلغة غير العربية، وكذا مقتضيات الامتياز القضائي الممنوح للبرلمانيين، ما أضفى على النقاش بعداً مؤسساتياً حساساً.
وفي تصريح له عقب المصادقة، أكّد وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن جلسة البت والتصويت على مشروع القانون شهدت نقاشا واسعا، لاسيما بشأن المواد 3 و7 و20، مبرزا أن الحكومة وافقت في المجمل على أكثر من 200 تعديل، بما يعكس، حسب قوله، انفتاحا على مختلف الاقتراحات رغم تباين وجهات النظر.
وأوضح وهبي أن النقاش أفضى إلى بلورة تصور مشترك بخصوص الصيغة النهائية للنص، مما سيسمح بإحالته إلى مجلس المستشارين خلال الأيام المقبلة لمواصلة النقاش المؤسساتي، مشيراً إلى أنه سيتم الشروع في مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية خلال الأسبوعين المقبلين.
من جانبه، وصف سعيد بعزيز، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات، حجم التعديلات المقدّمة بشأن هذا النص القانوني بـ”السابقة” في تاريخ المؤسسة التشريعية، مؤكدا أن الرقم المسجل، 1384 تعديلا، لم يسبق له مثيل، وهو ما يعكس، حسب قوله، الأهمية المركزية التي يحتلها هذا المشروع باعتباره “أساس المحاكمة العادلة في المجال الجنائي والإجراءات المتبعة فيه”.
وشدّد بعزيز على أن التعديلات الجوهرية التي شهدها المشروع تبرز كونه يسعى إلى تحقيق التوازن بين حق الدولة في العقاب من جهة، وحماية حقوق وحريات الأفراد من جهة أخرى، مضيفا أن هذه الدينامية التفاعلية، التي انخرطت فيها جميع المكونات البرلمانية، مكّنت من إدخال تحسينات جوهرية على النص.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.