فيما يركز العالم اهتمامه على التبعات الصحية والاقتصادية لوباء كورونا الجديد، يظل خطر التطرف العنيف سائداً، وقد تفاقم في بعض المناطق في الأزمة الحالية. وتتطلب هذه اللحظة اهتماماً إضافياً ومتجدداً حتى لا تواجه المكاسب التي تحققت ضد الإرهاب لانتكاسة حقيقية.ومنذ بضعة أسابيع، تنشر تقارير عن متطرفين وجماعات إرهابية، بدءاً من فرق كولومبية إلى فروع تنظيم داعش في جنوب الصحراء الأفريقية، ومتطرفين يمينيين في الولايات المتحدة، وتدرك تلك التنظيمات احتمال تحقيق مكاسب وبدأت بالفعل في استغلال الوضع الجديد.
نقص المعلومات
ولكن وفق إريك روزاند، الزميل البارز لدى مركز سياسة الشرق الأوسط، وخالد قوصر، المدير التنفيذي للصندوق العالمي لإشراك المجتمع والمرونة، وليليا شوميكي–لوغان، الكاتبة لدى مركز بروكينغز للأبحاث، هناك نقص في المعلومات والأدلة الداعمة للعناوين عن نشاط الجماعات الإرهابية.
وأجرى الصندوق العالمي لإشراك المجتمع والمرونة دراسة شملت 50 منظمة غير حكومية يدعمها صندوق لمقاومة التطرف العنيف في ثماني دول نامية حول العالم، في محاولة لفهم طبيعة الخطر الذي يمثله هذا التهديد، وخلصت إلى ست نقاط.
أولاً، مع إغلاق المدارس وتعليق الأنشطة الترفيهية والثقافية، بات معظم الشباب محتجزين داخل بيوتهم، ويمضون أوقاتاً أطول في تصفح الانترنت. وقد يؤدي شعورهم بالإحباط إلى جعلهم أكثر عرضة لأجندات المتطرفين.
ثانياً، أدى انتشار شائعات غير مثبتة، عن نشر أقليات عرقية عرقية، من رعاة نيجيريا، أو لاجئي الروهينغا في بنغلادش، أو اليهود في الولايات المتحدة، إلى إثارة العداء ضد الأقليات.
ثالثاً، عند تشديد إجراءات إغلاق المدن لمنع انتشار الفيروس، وردت تقارير من نيجيريا وسريلانكا حول استغلال مجموعات متطرفة لهذا الفراغ.
رابعاً، هناك مخاوف من أن تؤدي تبعات الوباء، كما هو الحال في عدد من الدول الأفريقية، واستجابات الحكومات لتفاقم بعض الدوافع الكامنة وراء تحول التشدد إلى تطرف عنيف.
وفيما يكثر عدد العاطلين، ويقل عدد المتعلمين، وترتفع نسبة المهمشين، يمكن للتجمعات الدينية أو الثقافية أن تغذي شعوراً فردياً بالهدف، وتعزز التماسك الاجتماعي.
خامساً، هناك أيضاً مؤشرات على تراجع ثقة تلك الفئات في السلطات المحلية، وخاصة في ظل انهيار مرافق صحية محلية. وفي الواقع، وردت تقارير عن دول تقدم فيها مجموعات متطرفة خدمات صحية عامة، وتملأ فراغاً تركته حكومات تلك الدول.
سادساً، أن الوباء الحالي قد يخرج الإرهاب من قمة جدول التهديدات للعديد من الحكومات، ويؤشر لنهاية عصر ما بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وفي الوقت نفسه، يعتقد الكتاب أن، وللأسباب السابقة، من الضروري الإبقاء وحتى زيادة الاستثمارات في منع التطرف العنيف خلال الأزمة الحالية، ولكن هذا ما لا يعمل عليه.
وحسب كتاب المقال، حولت ميزانيات المساعدات الخارجية لدعم منع مبادرات التطرف العنيف إلى محاربة كورونا. وتشير دروس الأزمة المالية العالمية لاحتمال انخفاض كبير في تمويل التنمية الخارجية في الأشهر الـ 18 إلى الـ 24 المقبلة.
ويستند عدد من الأنشطة التقليدية لمبادرات منع التطرف العنيف إلى حوارات الأديان والتدريب والتعليم، وخطط التوظيف، وهو ما يتطلب لقاءات وتفاعلات لا يمكن إجراءها حالياً. وبالتوازي تخفض منظمات غير حكومية وهيئات خيرية تدعم ميزانياتها في محاربة الإرهاب، لتخصيص موارد محدودة لحماية الناس من الفيروس.
ويختم كتاب المقال بالإشارة إلى ضرورة الاستثمار في المجتمعات المحلية ومساعدة منظمات غير حكومية لمواجهة التطرف العنيف، الذي سيبقى يشكل تهديداً في مرحلة ما بعد كورونا الجديد.