ووفق صحف عربية صادرة اليوم الثلاثاء، هناك سيناريو آخر تريده الولايات المتحدة الأمريكية، وهو جر الروس إلى غزو أوكرانيا، لأن الأمريكيين لن يحاربوا ولا يريدون أن يحاربوا، فكل الإجراءات التي سيقومون بها ضد الروس هي بعد الغزو ثم هي إجراءات اقتصادية، بالإضافة إلى تسليح الأوكرانيين لينهكوا القوات الروسية تماماً كما فعل الأمريكان بتسليح الثوار الأفغان وقت الاتحاد السوفيتي.
سيناريو القرم
ورأى النائب الأوكراني سيرغي سوبوليف أن اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسيادة “جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك” الانفصاليتين هو عمل أحادي يقوض اتفاقات مينسك، وتوقع أن يدفع بوتين في الأيام المقبلة بقوات روسية لاحتلال المنطقتين.
وقال لصحيفة “النهار العربي” إن “المهم الآن هو رد فعل زعماء العالم، بمن فيه الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة”، محذراً من أنه “اذا لم تكن ثمة عقوبات جدية على روسيا، فهذا يعني أن بوتين لن يكتفي بالاعتراف بهاتين المنطقتين، وإنما سيرسل قوات روسية لاحتلالهما”، ومشيراً إلى أنها مسألة أيام قبل أن يفعل ذلك.
وأضاف “سينظمون استفتاء على طريقة القرم، وسيضمون هذه المناطق الى الاتحاد الروسي. وكما قال بوتين اليوم في خطابه، سيعلن أن لوغانسك ودونيتسك كلها، وليس فقط ثلث المنطقة الواقعة تحت سيطرة الانفصاليين، تنتمي الى الاتحاد الروسي”.
وقال سوبوليف إن الاستفزازات من الجانب الروسي وصلت يومياً الى ما يتراوح بين 70 و80 هجوماً.
ويدرج النائب الأوكراني القرار الروسي الاخير الخاص بدونيتسك ولوغانسك، إضافة إلى الاستفزازات العسكرية في إطار الضغوط على كييف، للتراجع عن حقها السيادي في اختيار تحالفاتها وطريقها. ويقول: “حتى الآن هذه الخطط لا تنجح. وفي مؤتمر ميونيخ، أكد رئيسنا أمام كل دول العالم أنه من حقنا السيادي تحديد توجهنا صوب الاتحاد الاوروبي والناتو. وحماية أنفسنا”.
وتقع منطقتا دونيتسك ولوغانسك في منطقة الدونباس التي يسيطر الانفصاليون المدعومون من روسيا عليها جزئياً منذ 2014، وتشهد المنطقتان مواجهة مع الجيش الأوكراني منذ 8 سنوات.
توريط روسيا
وفي صحيفة عكاظ رسم الكاتب عبد اللطيف الضويحي سيناريو آخر هو نجاح الولايات المتحدة والناتو باستدراج روسيا أو دفعها لغزو أوكرانيا جزئياً أو كلياً، وأن هذه الرغبة الأمريكية لا تهدف لمواجهة القوات الروسية أو منازلتها على الأرض الأوكرانية، إنما هي محاولة أمريكية لتوريط الروس بمستنقع أوكرانيا على غرار الورطة السوفييتية في المستنقع الأفغاني. إنما الروس الآن في صعود.
وأشار الكاتب إلى أن هذا السيناريو الأمريكي الذي يهدف لجر الروس لغزو أوكرانيا، مع ما يصاحبه من حملة دبلوماسية غربية وتضليل إعلامي وحرب نفسية، تأمل الإدارة الأمريكية أن ينجح مع تهيئة الأسباب والظروف والدوافع الروسية والأوروبية والأوكرانية كي يقع الغزو الروسي لأوكرانيا، خاصة أن دوافع روسية قومية، جيو استراتيجية، تاريخية، واقتصادية، بالإضافة إلى توفر الدوافع لدى نسبة غير قليلة من السكان الأوكرانيين الذين يتطلعون للوحدة الديموغرافية والجغرافية مع الروس.
وقال الضويحي إن الإدارة الأمريكية حجم الكارثة التي تنتظر أوكرانيا والأوكرانيين، فيما لو نجح السيناريو الأمريكي بجر الروس لغزو أوكرانيا، فالأمريكيون لن يحاربوا ولا يريدون أن يحاربوا، فكل الإجراءات التي سيقومون بها ضد الروس هي بعد الغزو ثم هي إجراءات اقتصادية، بالإضافة إلى تسليح الأوكرانيين لينهكوا القوات الروسية تماما كما فعل الأمريكان بتسليح الثوار الأفغان بصواريخ ستنجر التي أنهكت القوات السوفييتية فارتفعت كلفة الاحتلال السوفييتي على المحتلين بشرياً ومادياً، دفعتها الخزينة من اقتصادها الذي أدى إلى انهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي وإسدال الستار على أطول فترة حرب باردة في العصر الحديث آنذاك.
وأكد الكاتب أن المسؤولين الأوكرانيين متنبهون لهذه الأفخاخ الأمريكية في أوكرانيا، فبدت تصريحات المسؤولين الأوكرانيين غير مندفعة مع الحملة الأمريكية لتوريط الروس في أوكرانيا، فالجرائم الأمريكية في كل من العراق وأفغانستان بالتأكيد ماثلة وحاضرة في ذهنية المسؤولين الأوكرانيين ويدركون أن آخر هم للأمريكيين هو أوكرانيا والأوكرانيون.
وتابع “من هنا فعلت وستفعل أمريكا كل ما تستطيع لعرقلة هذا الأنبوب وكل ما يتبعه من تقارب بين الروس وأوروبا ككل والألمان على وجه التحديد. فهل تكون الأفخاخ الأمريكية في أوكرانيا وافتعال الأزمات الأوروبية الروسية سببا في تفكك الاتحاد الأوروبي، خاصة أن أقوى دول الاتحاد اقتصاديا هم أكبر المتضررين من العرقلة الأمريكية لأنبوب الغاز الروسي الألماني؟ وهل تجد ألمانيا في الأزمة الأوكرانية فرصة للتحرر من عبء الناتو والحماية الأمريكية الباهظة وغير الضرورية؟ أم أن هذه الأزمة ستكون سببا في طلاق أوروبي أمريكي في ظل تشكيل وبناء تحالفات جديدة تؤدي حتماً لميلاد نظام عالمي جديد؟.
حل دبلوماسي
ومن جانبها ذكرت صحيفة “الخليج” في افتتاحيتها إن الأزمات الكبرى التي تشكل مفصلاً في العلاقات الدولية، وتُهدد السلام والأمن العالميين، تأخذ الجهود الدبلوماسية مداها وسط الألغام وطبول الحرب، لأن البديل سيكون كارثياً، الأمر الذي يجعل من الدبلوماسية مساراً وحيداً لتجنّب الكارثة التي تدركها كل القوى المنخرطة في الصراع، والتي تستخدم الحشد العسكري والتهديدات سلاحاً تريد منه تحقيق أهدافها من دون الضغط على الزناد.
ووصفت الصحيفة المحادثات الهاتفية الأخيرة التي استمرت ساعة وخمساً وأربعين دقيقة بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، بأنها “الفرصة الأخيرة” وقد يكون فيها مبالغة، لأن هناك جهداً يبذل للتوصل إلى حلول مقبولة، وحبل التواصل لم ينقطع بين الأطراف المعنية، لأن الجميع يدرك ما معنى ألا تكون هناك فرصة أخيرة.
من هذا المنطلق، فإن الزعيمين اتفقا على استمرار المحادثات “وإعطاء الأولوية لحل دبلوماسي للأزمة الحالية”، وأكد الإليزيه “إن العمل الدبلوماسي سينفذ في الأيام والأسابيع المقبلة”، وهو ما أكده أيضاً جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية الذي شدد على أن التركيز حالياً على “الوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة”.
وأشارت صحيفة الخليج إلى أنه رغم التوتر في إقليم دونباس، والتراشق المدفعي بين القوات الحكومية الأوكرانية والقوات المحلية في الإقليم، إلا أن ذلك يمكن لجمه بقرار من موسكو وكييف، إلا إذا كان الهدف هو المزيد من الضغط للحصول على مزيد من المكاسب في حال التوصل إلى حل.
كما أكدت الصحيفة أنه من الواضح أن موسكو لا تريد غزو أوكرانيا رغم التحشيد العسكري حولها، وقد أكد الكرملين ذلك مراراً، ردّاً على الحملة الإعلامية الغربية التي كانت حددت ساعة الغزو قبل أيام، كما أن السفير الروسي في واشنطن، أناتولي أنطونوف، كان أكثر وضوحاً بقوله إن بلاده «لا تنوي شن أية عملية غزو لأوكرانيا، ولا نحاول على الإطلاق السيطرة على أراضي أية دولة أجنبية، وأود أن أؤكد أن دونباس ولوجانسك هما جزء من أوكرانيا»، ما يعني أن موسكو لا تنوي ضم الإقليم إلى أراضيها، إنما تطبيق اتفاقية مينسك التي تنص على منح الإقليم، بأغلبيته الروسية، حكماً ذاتياً.
كما أكدت أن فرصة الجهد الدبلوماسي لم تغلق، وهي ما زالت مفتوحة في كل الاتجاهات، وهناك اتفاق على عقد محادثات تضم مجموعة الاتصال الثلاثية: (روسيا وأوكرانيا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية)، خلال الساعات المقبلة، بهدف وقف النار شرقي أوكرانيا.
هجوم مفتعل
فيما ذكرت صحيفة “العرب” اللندنية أن حجم المعركة بين روسيا وأوكرانيا وصلا إلى مستويات قياسية، فيما تحتشد القوات الروسية عند حدود أوكرانيا ويحذر الغرب من غزو وشيك، وتزداد أهميتها مع مخاوف من أن يستخدم الكرملين هجوماً مفتعلاً ذريعة لتنفيذ غزوه الذي يخشاه الغرب.
ونقلت الصحيفة عن وزير التعليم الأوكراني السابق ومدير مدرسة موهيلا للصحافة سيرغي كفيت قوله “أرى أن معظم هذه الأخبار المضللة تستهدف في معظمها الجمهور الروسي الدولي”. وأضاف “يبدو أنهم يحضّرون لغزوِ”.
وساهم تطور التكنولوجيا والأدوات المتاحة في العقد الماضي في كشف زيف عدد من التقارير التي كان يمكن أن تمر على أنها صادقة وأصيلة، وعلى سبيل المثال كشفت أن النداء العاجل الذي أطلقه قادة أوكرانيون انفصاليون للسكان المحليين بالذهاب إلى روسيا الجمعة الماضي لم يكن عاجلا بل سجّل قبل يومين من ذلك.
وقال زعيم الانفصاليين في دونيتسك دينيس بوشيلين في رسالته بالفيديو “سيصدر رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي قريبا أمراً لقواته بتنفيذ الهجوم”.
وأظهرت البيانات الوصفية (ميتاداتا) لتلغرام أنه جرى تحميل رسالة بوشيلين ورسالة زعيم انفصالي آخر في السادس عشر من فبراير، وهو واحد من الأيام التي قالت واشنطن إنه قد يكون موعد الغزو الروسي.
وغرّد الصحافي الاستقصائي مارك كروتوف مع انتشار مخاوف من أن المتمردين كانوا ينقلون الناس حتى تتمكن الدبابات الروسية من الدخول “كل ما يحدث اليوم تم تدبيره بشكل واضح ومن دون أدنى شك”.
وبحسب الصحيفة، أفادت روايات أخرى أن انفصاليين قتلوا أوكرانيَين حاولا تفجير خزان كلور، وهي رواية رددت صدى مزاعم موسكو بأن كييف كانت تخطط لهجوم بأسلحة كيميائية، ومن الجانب الأوكراني، لا تستثنى وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية من حرب المعلومات هذه.
ولكنّ مسؤولاً أمريكياً كبيراً أكد أن الولايات المتحدة الحريصة على الحفاظ على النظام الدولي، لا تريد الرد على التضليل الإعلامي بتضليل إعلامي آخر. والهدف من تحركها بالتالي هو كشف التكتيكات التي قد يستخدمها الكرملين حتى يتمكن الرأي العام من تبيان التضليل الإعلامي ولا يقع في فخ التذرع بأعمال استفزازية، وفق ما ذكرت الصحيفة.
وتردد الولايات المتحدة أن روسيا تحضر لعملية “تحت راية زائفة”، وهو تعبير يعني أنّ دولة ما تستخدم رموز الخصم للتمويه وإثارة الارتباك. وتأمل واشنطن من خلال ذلك في تبديد مخاطر افتعال شرارة لإشعال الحرب في المنطقة.