دموع الحب | بقلم د. جيهان عفت

الجريدة نت12 فبراير 2018
دموع الحب | بقلم د. جيهان عفت

على رصيف إحدى المحطات بنيويورك وقف أحد الآباء مع طفلته الصغيرة ينظران مجموعه من رجال الشرطة وقد أحاطوا برجل في الخمسين من عمره مكبل بالقيود والسلاسل تبدوا على ملامحه الشراسة والقسوة ويطلق سيلاً من الشتائم بصوت غير واضح يدل علي مرارة النفس .
حاول الأب أن يشغل طفلته الصغيرة عن متابعه الرجل، فقد كان المشهد مثيراً للأسي، ولكن الطفلة لم تكف عن توجيه الاسئلة لأبيها حتي عرفت أن الرجل سجين معروف له تاريخ حافل بالمآسي .
فقد نشأ في بيئة فقيرة، ولم يكد يضع قدمه في الحياه حتي انحرف وسقط في مزالق الجريمة و صار لصاً محترفا ً، لا يكاد يخرج من سجنه حتي يعود إليه مرة أخرى .
تأسفت الطفلة الصغيرة من أجل هذا السجين المنبوذ، وراحت تقترب إليه على حين أستغرق الأب ايضا في تفكير عميق، متأملاً أمر هذا الرجل الضائع الذى لم يجد بين البشر من يرعاه أو يعتني به أو حتي يسأل عنه في سجنه، فنقم على الناس وكرههم كما كرهوة وتوقع منهم الشر كما توقعوه منه، وأضمر لهم السوء فعاهد نفسه على المضي في طريقه الشرير حتي يشبع ما في صدره من رغبه في الانتقام وفيما كان الأب يتفكر في هذه الامور، اقتربت الطفلة من الرجل وقالت له بصوت منخفض أنا آسفه لأجلك ……… أنا أحبك ثم وضعت الطفلة وجهها بين كفيها وبكت وفي ذات اللحظة دفعه أحد رجال الشرطة لركوب السيارة .
و في داخل زنزانته بالسجن لم يستطع الرجل أن ينام أو يغمض عينيه، كان قد نسي كل شيء في حياته الشقية ولم يبق في عينيه سوي دموعها البريئة فما اجملها كلمه ” أنا أحبك” و ما أعظمها دموع، إنها حقاً دموع الحب البريئة .
أحس الرجل أنه أكتشف بعدا ً جديدا ً لحياته لم يكن يعرفه من قبل، فهناك أنسان برئ يحبه بل ويبكى من أجله، أحس الرجل بشيء يبلل خديه، ادرك لأول مرة أن هناك شيئا أسمه الدموع تلك التي لم يكن قد عرفها قط، فقد غسلت دموعه قساوة قلبه الحاقد وغسلت عنه مرارة الأيام و جفوتها، فكثيرا ما تغسل الدموع جراح المتألمين وتروى قلوبهم الظمآنة فتنبت فيها بذور الحياه الجديدة .
ما أقدسها عاطفه .. أنها عاطفه الحب، فالكل يرغب في ان يكون محبوبا من الجميع وهذا أمر حسن أما الأحسن هو أن تكون إنسانا محباً، فالمحبة هي قمه الفضائل جميعا ً وأي فضيله تخلو من المحبة لا تحتسب فضيله فمن عاش بدون حب، مات يوم مولده .
و السؤال الآن : كيف ننجح في كسب محبه الآخرين حتي نصبح شخصيات محبوبه ؟؟؟
ببساطه و اختصار إليك المفتاح الذهبي لقلوب الآخرين وهو ” كل ما تريد أن يفعل الناس بكم، أفعلوا انتم ايضا بهم”
لكن دعونا نتناول بمزيد من التفصيل بعض السلوكيات التي تجعلنا محبوبين للأخرين من خلال بعض النصائح التي قدمها لنا علماء التنمية البشرية:
    ضع هدفاً واضحا ً أمامك وهو أن تكتسب محبه الأخرين .
    احترم كل احد، حتي من هم أصغر منك أو أقل شأناً .
    كن متواضعاً ولا تتعالى على أحد، بل عامل الكل باتضاع، فإن الناس يحبون المتضعين ” فكن مثل القمر يرفع الناس رؤوسهم ليروه .. وليس مثل الدخان يرتفع ليراه الناس “.
    قدم يد المعونة وساعد الآخرين وأخدمهم ، فليس الطفل فقط هو من تعطيه فيحبك، بل حتي الكبير ايضا ،وان لم يكن لك شيء تعطيه للناس، أعطهم ابتسامه لطيفه وكلمه طيبه، أعطهم حباً، أعطهم كلمه تشجيع .
    قابل الناس بابتسامه، فالناس يحبون الأنسان المرح و الأنسان اللطيف .
    لا تكن كثير الانتهار أو التوبيخ
    أحتمل الناس .. ان اردت ان يحبك الناس .
    أشعر بالآم من حولك .
    كن شجاعاً في الاعتذار .
    لا تكن كثير الشكوى، فمن يشكو دائماً، ينفر منه الناس دائما .
وقتئذ سوف تجني ثمار هذا الحب نفسياً و جسديا ً، فقد اثبت طبياً أن الحب أقوى جهاز مناعي وينعكس ايجابياً علي نضاره البشرة وصحه الشعر والجسم، كما أنه يعمل علي تنظيم ضربات القلب وعمليات الهضم كما ثبت علمياً أن الحب يقوي القلب ويمنح الحيوية والنشاط، كما أنه أفضل مضاد حيوي، أما علماء النفس فقد اكدوا أن الحب يقي من الامراض النفسية وخير علاج لها .
يقول اوسكار وايلد “ابقي الحب بقلبك فالحياة بدون حب مثل شجرة بدون شمس جميع ازهارها ميته “.
كل عيد حب و انتم في ملئ الحب

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.