أثارت تصريحات القيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين حول “الملكية” جدلا واسعا داخل الحزب وفي شبكات التواصل الاجتماعي “الفايسبوك”.
الملكية الحالية معيقة للتنمية
طغى الحديث عن المؤسسة الملكية، ومكانتها داخل المشهد السياسي في المغرب، في عددٍ من مداخلات قيادات حزب “العدالة والتنمية”، ضمن الندوة الوطنية الأولى للحوار الداخلي، التي أقيمت أخيراً، وتم الكشف عن مضمونها. والتي تسعى إلى ترميم صفوف الحزب، وسط تباينات وخلافات حادة في المواقف والآراء.
وانتقد القيادي في “العدالة والتنمية” عبد العالي حامي الدين، خلال “الحوار الداخلي”، النظام الملكي، مشيرا إلى أن الشكل الحالي للنظام الملكي يعرقل التطور والتقدم والتنمية في البلاد.
ومما قاله حامي الدين، ضمن مداخلته المثيرة، أن “الملكية بشكلها الحالي، معيقة للتقدم والتطور والتنمية”، وأن الملكية “هي مؤسسة مركزية في الحياة السياسية، لكن هذا لا يعني أن الشكل الذي يتخذه النظام الملكي الحالي مفيدٌ للديمقراطية وللحياة السياسية بالبلاد”.
الملكية من ثوابت المملكة
رأي الأستاذ الجامعي والقيادي في حزب العدالة والتنمية، حظي باستهجان داخل أعضاء الحزب، وعلى رأسهم الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني.
العثماني، وفي رده على مداخلة حامي الدين في الحوار الداخلي للحزب، قال إن علاقة حزب العدالة والتنمية بالملكية هي علاقة “مبدئية تستند إلى أن الحزب يؤمن بأن الملكية هي من ضمن الثوابت الدستورية الأساسية للمغرب”، وليست علاقة مبنية على مصالح أو منطق براغماتي أو تكتيكي
وأضاف العثماني، أن علاقة الحزب بالملكية قائمة على الوعي بالدور الكبير الذي لعبته، سواء في التاريخ القديم أو الحديث. و”أنها علاقة مبنية على وعينا بأن ما تم بناؤه لحد الساعة بالمغرب، كان بمنهج التوافق وليس بمنهج الصراع، بمنهج المشاركة وليس بمنهج القطيعة، وبالتدرج وليس بالقفز على المراحل، وبمنهج التعاون لا منهج التدابر”.
وشدد على أن “هذا هو المنهج الذي بُني عليه الحزب، وهذه هي ثوابته التي ينطلق منها وينبني عليها”، داعيا أعضاء حزبه إلى “أن نكون واعين بها وأن نلتزم بها.. وهذا هو حزب العدالة والتنمية الذي لا يغير جلده وغير مستعد لتغييره”.
وأكد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أن الملكية لعبت دورا كبيرا في بناء الدولة المغربية، وفي وحدة الأمة، وفي الحفاظ على استمرارية الدولة طيلة قرون، مشيرا إلى دورها في قيادة الثورة ضد الاستعمار للحصول على استقلاله.
الأمين العام للحزب خيّر أعضاء حزبه بين احترام هذه الثوابت المرجعية أو مغادرة التنظيم، قائلا: “الأسس التي بُني عليها الحزب منذ ذلك الحين إلى اليوم ليست غريبة، بل بسيطة وممتنعة في الوقت نفسه.. تطرح أمام أعضاء الحزب تحديات منصوصًا عليها في نظامنا الأساسي، لأن كل عضو التحق بالعدالة والتنمية دخل على أساس نظامه الداخلي”، مشددا: “اللي مقبلش بهاذ شي يدير حزب ديالو (الذي لا يقبل بهذا الأمر فليؤسس حزبا خاصا به)”.
لجنة التحقيق
وأعلنت لجنة التحقيق المكلفة من طرف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أمس الأحد، في بلاغ، عن نتائج التحقيق حول نشر بعض تسجيلات الندوة الوطنية الأولى للحوار الداخلي للحزب، والمتعلقة بتسجيل القيادي عبد العالي حامي الدين.
وقال البلاغ الذي نشر بموقع الحزب إن اللجنة التي اجتمعت يوم الجمعة 13 يوليوز برئاسة إدريس الأزمي الإدريسي، وعضوية نبيل شيخي ومحمد الحمداوي، واستمعت لمجموعة من المسؤولين والمستخدمين بقسم الإعلام، بهدف تحديد المسؤوليات عن نشر هذه التسجيلات.
وأضاف البلاغ أنه “ثبت لدى لجنة التحقيق أنه ليس هناك ما يفيد وجود سوء نية في نشر بعض تسجيلات اليوم الأول من الحوار الداخلي بقصد التسريب أو التجزئ أو الانتقائية، وأن ما وقع خطأ مهني جسيم من طرف أحد المسؤولين بإدارة الموقع الإلكتروني للحزب يتمثل في عدم الاطلاع والمصادقة قبل النشر للعموم، مخالفًا بذلك المسطرة المعتمدة بالحزب”.
وأوضح البلاغ أن اللجنة “وبعد استماعها خلال اجتماعها المطول المنعقد السبت للتقرير الذي تقدمت به لجنة التحقيق، أكدت أن الهيئات المختصة سترتب الجزاءات اللازمة في الموضوع”.
تضامن
وأعلنت الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية، تضامنها المطلق مع الكاتب الجهوي للحزب عبد العالي حامي الدين ضد حملات التشهير التي يتعرض لها، ورفضه التام “لكل محاولات التخوين والتشكيك في الروح الوطنية لحزب العدالة والتنمية”.
وأكدت الكتابة الجهوية، في بيان لها، السبت الماضي، عزمها على “الاستمرار في النضال من أجل الإصلاح الديمقراطي في نطاق الثوابت الوطنية وفي إطار الشراكة الفعالة مع كافة الفاعلين السياسيين من جميع الاتجاهات التي تعمل من أجل الإصلاح الحقيقي في البلاد”.
واستغرب حامي الدين، في تدوينة له عبر “فيسبوك”، من بثر مداخلته التي نشرت بموقع الحزب “وتجاهله أيضًا نشر تعقيبات على المداخلة”، مؤكدا أنه يتحمل مسؤولية الأفكار التي عبّر عنها والتي تستند في جوهرها إلى التراكم الفكري الذي طوره الحزب في موضوع إصلاح النظام السياسي.