مر عام إذن على حصولها على الجائزة، إلا أنها إلى اليوم لا تزال تندهش كلما قرأت اسمها على الورق، تقول لجريدة الكولتورال الإسبانية: “لا يزال الصحافيون يطلبون حوارات والناس في الشارع يعرفونني، أعتقد أنه يجب أن أتدرب جيداً لأنني لا زلت لا أعرف كيف أجيب على أسئلتهم”.
في عامها الثاني والعشرين، نشرت كاتون كتابها الأول الذي كان شهادة الحصول على ماستر في الكتابة الإبداعية، وعنونته “البروفة الأخيرة”، وبعد أعوام نشرت روايتها الثانية “الإنارة” التي فازت بمان بوكر ووصفت بأنها “رواية عظيمة من سلالة ديكنز”، والتي تعمدت فيها الكاتبة أن تربط السماء بالأرض وأن تكون الشخصيات معرفة بنماذج الزودياك(الأبراج) وحركة النجوم، خاصًة القمر، ما يمثل جزءاً رئيسياً في تحريك الحبكة، تؤكد كاتون: “كنت أريد استخدام الزودياك كنظام للسيطرة على الكتاب”.
تبدأ الرواية باجتماع غامض في فندق بـ نيوزلندا. عام 1866، في وسط حمى الذهب. العاهرة آني ويثرل يتم اختطافها، وفي نفس ذاك اليوم تظهر ثروة خفية في بيت رجل سكران، ويختفي رجل ثري وقبطان مركب معروف، رجل يثير شكوك الجميع في مدينة هوكيتيكا، وتحدث مناورة بشكل غريب في الميناء، كأنه يريد الهرب. بعدها تتكاثر الحبكة وتتشابك، لتقدم قصة غامضة ولعبة معقدة بميكانيزمات مترابطة، دون أن تتخلى عن بساطة البنية الظاهرة.
تقول كاتون: أثناء عملي في هذه الرواية انتبهت لكل ما يمكن أن تفعله في رواية”، وتعترف بأنها كانت مشغولة جدًا بالبنية في عملها الأول “البروفة الأخيرة”، تضيف: “ركزت كل جهدي على الشكل، بشكل شبه محلي، بينما في الرواية الثانية هناك خيارات أكبر، إنها نتاج تكاثر كل القراءات التي تكرست لها في الفترة الزمنية بينهما”.
من قراءاتها بزغت هذه الرواية. أرادت محاكاة هنري جيمس، ديستويفيسكي وملفيل، لكن في البداية ثمة شيء لم يعمل، توضح:”انتبهت إلى أن كل تلك الروايات كانت تحدث في نصف الكرة الشمال، وانا أعيش في نصفها الجنوبي”. هكذا أرادت أن يحدث العكس، فأدخلت علامات الأبراج والنجوم والكواكب بحسب حركتها في هذا المكان وهذا التوقيت.
تشير كاتون إلى حفنة من الروايات الكلاسيكية التي كانت أدلة لها: فرانكشتاين، الإخوة كرامازوف، موبي ديك، صورة سيدة وجزيرة الكنز، وتضيف في هذا السياق أن “الكاتب يجب أن يكون قارئًا”، لهذا خصصت جزءًا من أموال الجائزة لتأسيس مؤسسة تعطي منحًا لشباب المبدعين هدفها الوحيد مشروع قراءة.
تقول كاتون: “أتمنى أن أرى تغيرات في العالم الأدبي”، وتؤكد أن بلدها ينقصه “التبادل الثقافي الفعال” إذ أن نيوزيلندا “دولة شابة بلا رؤية أدبية، ما يمكن ترجمته بأنه نوع من الخجل الجماعي، فلا حتى الكُتّاب يتحدثون عن قراءاتهم. وبالإضافة لإنتاج أعمال أدبية، يجب مناقشة ومجادلة محتوى تلك الأعمال ومقترحاتها الفنية”.
لا تتذكر كاتون متى كان اهتمامها الأول بالأدب، ولا متى قررت أن تكون كاتبة. نشأت في بيت بلا تليفزيون، وتتذكر أنها قرأت دائماً بنظرة إبداعية، من وجهة نظر الكاتب. تقول: “أحب دائماً القراءة بهذه الطريقة، لأنني أشعر بأنني أستطيع إضافة شيء ما إلى القراءة، إنها القراءة مع التفكير في امكانية جمع ما قرأته من كتب متعددة وخلق شيء مختلف”. لكن، هل يشعر بحرية أكبر من يكتب في بلد لا يتمتع بإرث أدبي؟ تقول كاتون:”ربما، لكن الحقيقة أن كل الثقافات الآن متصلة ببعصها، فلم يعد هناك شيء محلي ولا قانون رسمي، لأن كل كاتب يعبر عن نفسه”.