أعلن وزير الدفاع السوداني، عوض بن عوف، “اقتلاع” نظام الرئيس عمر البشير الذي استمر 30 عاماً واعتقاله “في مكان آمن”، كما أعلن حل المجلس الوطني ومجلس الولاية وبدء مرحلة انتقالية تستمر لعامين.
وفي بيان ترقبه السودانيون والعالم، تلا بن عوف، بيان القوات المسلحة الذي أعلن فيه تشكيل “لجنة أمنية عليا”، و”اقتلاع النظام واعتقال رأس النظام والتحفظ عليه بمكان آمن”.
وقال في بيان للجيش، إن النظام “ظل يردد وعوداً كاذبة ويصر على المعالجة الأمنية دون غيرها”، معلناً حالة الطوارئ لمدة ثلاثة اشهر وحظر التجوال لمدة شهر.
وأضاف: “يستمر العمل طبيعياً بالسلطة القضائية ومكوناتها وكذلك المحكمة الدستورية والنيابة العامة”، وأن اللجنة الأمنية العليا والجيش “قررتا تحمل المسؤولية الكاملة لفترة عامين”.
كما أكد الالتزام بكل المعاهدات والاتفاقيات المحلية والدولية والاقليمية، ووقف إطلاق النار الشامل في كل أرجاء السودان.
وحول الفترة الانتقالية، قال إنها “لتهيئة المناخ للانتقال السلمي للسلطة وبناء الأحزاب السياسية واجراء انتخابات حرة في نهاية الفترة الانتقالية ووضع دستور دائم للبلاد”.
وزير الدفاع أعلن أيضاً إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، وتعطيل العمل بدستور 2005 وحل مؤسسة الرئاسة والبرلمان، داعياً الحركات المسلحة “لبناء الوطن”.
وحلّ بيان القوات المسلحة، كلاً من مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء والبرلمان ومجلس الولايات وحكومات الولايات.
العد العكسي
وفي وقت سابق اليوم الخميس، نقلت وكالة الأنباء الألمانية، عن مصادر سودانية أن الجيش أصدر تعميماً وجَّهه إلى وحداته كافة، أكد فيه تسلُّمه السلطة، وشروعه في تشكيل مجلس عسكري لإدارة شؤون البلاد.
وتحدثت وسائل إعلامية عن اعتقال أكثر من 150 شخصية سياسية من الطبقة الحاكمة في السودان منذ فجر اليوم، بينها شخصيات رفيعة المستوى، كما داهم جنودٌ مقر ما يُعرف بـ”الحركة الإسلامية” التي يتزعمها البشير.
كما تحدثت مصادر عن خلاف داخل الجيش بشأن تعيين عوض بن عوف رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي.
ودعا تجمُّع المهنيين السودانيين الأطباء والكوادر الطبية إلى تكثيف الوجود في العيادات الميدانية والتوجه إلى المستشفيات والمراكز الطبية القريبة من أماكن الاعتصام والتجمعات؛ تحسباً لأي طارئ.
وتحدثت تقارير عن اجتماع بين القادة العسكريين دون حضور الرئيس البشير، وفي حين سيطرت القوات المسلحة على مقر الإذاعة والتلفزيون، تفيد التقارير بأن هناك قوات عسكرية استولت على السلطة.
وفور الإعلان عن نية الجيش إذاعة بيان جديد، خرج المواطنون إلى الشوارع وهم يهتفون “سقطت سقطت”، في إشارة إلى سقوط نظام الرئيس السوداني عمر البشير.
ونقلت وكالة “رويترز” أن الآلاف يتدفقون للاعتصام خارج مقر وزارة الدفاع السودانية بالخرطوم.
وقال شهود عيان لوكالة الصحافة الفرنسية، إنهم شاهدوا عديداً من الآليات العسكرية وعلى متنها جنود، وهي تدخل مقر الجيش، في ساعات مبكرة من صباح اليوم الخميس.
وأفاد مطلعون باعتقال الفريق عبد الرحيم محمد حسين المقرب من الرئيس البشير، وعلي عثمان محمد طه النائب السابق للرئيس، وكذلك أحمد محمد هارون وهو رئيس الحزب الحاكم، وعوض الجاز وزير الطاقة وهو شخصية إدارية واقتصادية.
وذكرت الإذاعة السودانية الرسمية صباح الخميس، أن “بياناً مهماً” سيصدر بعد قليل عن قيادة القوات المسلحة، في حين ذكرت مصادر أن الرئيس السوداني عمر البشير قرر التنحي عن منصبه وأنه موجود في منزله.
ووردت أنباء عن دخول مجموعة من ضباط الجيش مبنى الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، وطلبهم ضمَّ جميع الموجات استعداداً لبث الخطاب، ومنذ ذلك الحين تبث الإذاعة السودانية الأغاني الوطنية بانتظار صدور البيان.
ولفت شهود عيان النظرَ إلى انتشار قوات ومدرعات حول القصر الرئاسي، ومنع الدخول إليه أو الخروج منه، في حين أكد شهود آخرون أن تعزيزات مكثفة توجد بمحيط مبنى الإذاعة والتلفزيون في أم درمان.
وعما حدث، قالت وسائل إعلامية إنه في الساعة الثانية فجراً بتوقيت السودان حصل تحرك لآليات عسكرية في الخرطوم ودخلت آليات أخرى محيط مقر الإذاعة والتلفزيون الرسمي.
وفي الخامسة فجراً دخلت مجموعة من الضباط وأوقفت البث وألغت نشرة أخبار الخامسة المعتادة، وطلبت من الإذاعة بث الموسيقى العسكرية، ثم تم وقف بث التلفزيون السوداني وبدأ بثُّ الأغاني الوطنية.
ودعا “تجمُّع المهنيين” وتحالفات المعارضة، اليوم، كل المواطنين إلى التوجه لمكان الاعتصام أمام مقر الجيش السوداني، عقب إعلان الجيش عن بيان مهم.
وقال “التجمع”: “نناشد كل المواطنين بالعاصمة ومدن البلاد التوجه إلى أماكن الاعتصامات أمام القيادة العامة للجيش السوداني، وحاميات الجيش بمدن الولايات (18 ولاية)”.
وشدد البيان على المعتصمين بالبقاء في ميدان الاعتصام وعدم التحرك حتى إعلان بيانٍ آخَر من التجمع.
ويقود “تجمع المهنيين” وتحالفات المعارضة منذ 19 ديسمبر الماضي، الاحتجاجات المطالبة بتنحي البشير وإسقاط النظام.
ويعتصم السودانيون أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني منذ يوم السبت الماضي، رغم محاولات الأمن تفريقهم باستخدام الرصاص والغاز المسيل للدموع.
ودخلت احتجاجات السودان شهرها الرابع، وبدأت مندِّدة بالغلاء، وتطورت لاحقاً لتتحول إلى المطالبة بتنحي البشير، وأسفرت عن سقوط 50 قتيلاً في آخر إحصائية حكومية، في حين تتحدث المعارضة والمنظمات عن تجاوز الأعداد 70 قتيلاً.