ويصف كاتب المقال كيم، الذي أعلن يوم الجمعه الماضي إنهاء التجارب النووية والصاروخية وإغلاق مواقعها، بأنه رجل بارع في الخداع، وخاصةً لأن ترامب هو الذي قدم تنازلاً مهماً بأن يكون أول رئيس أمريكي مستعد للقاء زعيم كوريا الشمالية.
ومن شأن هذا التصرف أن يمنح الشرعية لحاكم النظام الأكثر استبداداً في العالم، كما يصب ذلك أيضاً في مصلحة الدعاية التي تروج لها كوريا الشمالية بأن القوة العظمى الوحيدة في العالم، الولايات المتحدة، مضطرة للإذعان أمام ترسانتها النووية القوية.
لا تنازلات من كيم
وحسب المقال، لم يحصل ترامب على تنازلات من كيم في المقابل، ولا حتى حرية الرهائن الأمريكيين الثلاثة المحتجزين في كوريا الشمالية، رغم أن كيم يعطي تلميحات بأن هذا التنازل الصغير سيتحقق.
ويبدو أن ترامب يعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد تنازلات أكبر من كيم، حيث كتب تغريدة على توتير: “التقى مايك بومبيو مع كيم جونغ أون في كوريا الشمالية الأسبوع الماضي، وكان اللقاء سلساً جداً وبُنيت علاقة جيدة، ويجري العمل على تفاصيل القمة، وسيكون نزع السلاح النووي أمراً عظيماً للعالم، وكذلك لكوريا الشمالية”.
ويشير العديد من الخبراء والمحللين إلى أن مفهوم “نزع السلاح النووي” مختلف لدى كل من ترامب وكيم، إذ يرى الأخير أنه كلمة السر لتقوم الولايات المتحدة بسحب ضمانها الأمني من كوريا الجنوبية، الأمر الذي من شأنه أن يسمح لكوريا الشمالية بممارسة التنمر أو “البلطجة” ضد كوريا الجنوبية أو حتى الانقضاض عليها، وسوف تخدم “معاهدة السلام” هذا الهدف، فلماذا ستحتاج الولايات المتحدة إلى حماية كوريا الجنوبية في ظل إبرام معاهدة سلام مع كوريا الشمالية؟
كيم على خطى والده
وعن موافقة كيم على السماح ببقاء القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية حتى بعد التوصل إلى اتفاق سلام، يذكّر مقال “واشنطن بوست” بأن والده كيم جونغ أون، كيم جونغ إيل فعل الشيء نفسه في التسعينات، ويقول كيم أن كوريا الشمالية ستستوعب بقاء القوات الأمريكية باعتبارها “قوات لحفظ السلام في كوريا بدلاً من قوة معادية ضد كوريا الشمالية”، ومن الصعب معرفة المغزى الحقيقي وراء ذلك، بيد أنه يشير إلى وجود قوة صغيرة رمزية ومسلحة بصورة خفيفة، وعلى هذا النحو لن تكون رادعة لكوريا الشمالية بشكل كبير.
ويضيف المقال أن “تعهد كيم الأخير بوقف التجارب النووية والصاروخية لا يمكن اعتباره تقدماً كبيراً، كما يصفه ترامب، وخاصةً لأن كيم تعهد بذلك من قبل ومن السهل عليه أن يقوم بالعكس. وادعى كيم أن برنامجه للأسلحة النووية، اكتمل بالفعل، وأنه لا يحتاج إلى المزيد من الاختبارات، وحتى إذا لم يكن ذلك صحيحاً، فربما يكون هناك سبب عملي لإغلاق موقع التجارب النووية مثل أن تكون الانفجارات النووية المتكررة في عمق جبل مانتاب تهدد بانهياره.
وربما يتبع كيم خطى والده الذي عمد في 2008 إلى تفجير برج التبريد في منشأة نووية لإظهار مدى جديته في المحادثات رغم أنه لم يكن كذلك في واقع الأمر”.
مناورة كيم
ويستبعد كاتب المقال أن يتخلى كيم عن برنامجه للأسلحة النووية الذي أنفقت عليه عائلته مليارات الدولارات في العقود الماضية، كما رأى كيم أن الولايات المتحدة أطاحت بمعمر القذافي وبصدام حسين بعد التخلى عن أسلحة الدمار الشامل، وفي الوقت نفسه لن يسعى إلى مصيرهما وخاصة عندما دعا مستشار الأمن القومي الجديد، جون بولتون، إلى شن حرب وقائية ضد كوريا الشمالية.
ويحض الكاتب على الحذر لأن ترامب لا يعرف شيئاً عن كوريا، كما أنه تخلى عن آماله الساذجة في قدرته على أن يُحقق السلام في الشرق الأوسط، ويعتقد الآن أنه قادر على إحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية، وتكمن المعضلة، حسب كاتب المقال، في مناورة كيم لخداع ترامب عن طريق تقديم وعود غامضة، لن يحافظ عليها.