مقدمة: مقاربة بكين البراغماتية تجاه قضية الصحراء المغربية
كشف تقرير حديث صادر عن “مرصد السياسة الصينية”، المتخصص في دراسة السياسة الخارجية لجمهورية الصين الشعبية، عن تحول ملحوظ في سلوك بكين تجاه قضية الصحراء. يشير التقرير إلى أن الصين باتت تتبع نهجاً أكثر براغماتية، وسعت إلى تعزيز علاقاتها مع المغرب عبر اتفاقات استراتيجية متعددة. هذا التقارب الدبلوماسي يعكس ميلاً نحو الموقف المغربي، خاصة وأن البلدين يتشاركان مبادئ احترام الوحدة الترابية ورفض الانفصال في حوارهما الاستراتيجي. يمكنكم متابعة آخر التطورات الإقليمية على الجريدة نت.
موقف الصين في المحافل الدولية: حذر وتوازن
وفقاً للمرصد، تتبع الصين نهجاً حذراً ومتوازناً في المحافل متعددة الأطراف. فبينما تمتنع بكين عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرارات الأساسية المتعلقة بملف الصحراء، فإنها في المقابل لا تصدر أي تصريحات داعمة لجبهة “البوليساريو” الانفصالية. وقد تجلى هذا الموقف في امتناعها عن التصويت على القرار الأخير لمجلس الأمن، الذي أسقط حل الاستفتاء واعتبر خطة الحكم الذاتي المغربية الحل الأكثر واقعية واستدامة. هذا النهج يمنح الصين مرونة دبلوماسية كبيرة.
مبادئ عدم التدخل والمصالح المشتركة
تتمسك التصريحات الرسمية الصينية بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، مع الدعوة إلى التوصل إلى حلول سلمية للنزاعات. هذا المبدأ يُطبق بوضوح في ملف النزاع حول الصحراء، وهو نهج مقصود يتيح لبكين الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من المغرب والدول الداعمة لجبهة البوليساريو، مثل الجزائر. هذا التوازن الدبلوماسي يعزز من هامش حركة الصين على الساحة الدولية.
لماذا تميل الصين نحو الحكم الذاتي المغربي؟
تؤكد التحليلات الحديثة أن الصين تميل، لأسباب اقتصادية وجيو-سياسية، نحو حل يقوم على الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية بدلاً من الاستقلال الكامل، رغم أنها لم تعلن ذلك رسمياً. يفسر هذا الميل باهتمام الصين بالمغرب كمنصة استراتيجية في إفريقيا والمتوسط، وبموارد الصحراء الغنية بالفوسفاط والمعادن النادرة. تفضل بكين الاستقرار الإقليمي كشرط لضمان استثماراتها الضخمة في المنطقة، وهو ما يتوافق مع رؤيتها لمستقبل الصحراء المغربية. للمزيد حول السياسات الاقتصادية الدولية، زوروا الجريدة نت.
تطور العلاقات الاستراتيجية بين المغرب والصين
شهدت العلاقات بين المغرب والصين تطوراً كبيراً لتصبح استراتيجية وعملية تتجاوز الطابع الدبلوماسي الرمزي. تعتبر بكين المغرب شريكاً رئيسياً وبوابة نحو إفريقيا وأوروبا، ومركزاً صناعياً ولوجستياً، وحليفاً موثوقاً. توّج هذا التطور بتوقيع البلدين اتفاق شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد عام 2016، مما رفع مستوى العلاقة إلى ما هو أعمق من التعاون التجاري فقط. تؤكد الصين دائماً على القيمة الاستراتيجية الكبيرة للمغرب بفضل موقعه الجغرافي ودوره الإقليمي كجسر تواصل نحو إفريقيا.
الصين: الشريك الاقتصادي الأكبر للمغرب في آسيا
على الصعيد الاقتصادي، تُعدّ الصين أكبر شريك آسيوي للمغرب وأحد أبرز شركائه عالمياً، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بينهما عام 2024 حاجز 9 مليارات دولار أمريكي. تهدف الصين إلى تنويع شركائها ومسارات تجارتها، واستغلال موقع المغرب كمركز بديل لتفادي المخاطر الجيو-سياسية المحتملة. هذا التعاون الاقتصادي يعكس الثقة المتبادلة والرغبة في تعزيز المصالح المشتركة، ويُعد مؤشراً قوياً على عمق العلاقات بين البلدين. تابعوا تحليلات أعمق للعلاقات الدولية على الجريدة نت.
التعليقات (0)
اترك تعليقك