عاجل

احتفالات المسيرة الخضراء: تجسيد عمق الانتماء والوحدة الوطنية المغربية

احتفالات المسيرة الخضراء: تجسيد عمق الانتماء والوحدة الوطنية المغربية

حِرص المغاربة على الاحتفال بذكرى المسيرة يجسّد عمق الانتماء الوطني

تُعدّ احتفالات المسيرة الخضراء و«عيد الوحدة» مناسبة وطنية عظيمة، ينخرط فيها المغاربة بقوة كل عام، وتتحول خلالها المدن والأقاليم إلى فضاءات مفعمة بالوطنية والاعتزاز. تأتي هذه الاحتفالات، خاصةً، بالتزامن مع القرارات الهامة لمجلس الأمن حول قضية الصحراء المغربية، لتُبرز عمق ارتباط المواطنين بوحدتهم الترابية وتجسد تنوع الأشكال التي يعبرون من خلالها عن تجذر روح الانتماء للوطن.

تنوع أشكال الاحتفال يجسد وحدة المغاربة

في سياق هذه المناسبة، اختار عدد من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج تنظيم رحلات جماعية بالسيارات انطلقت من دول أوروبية نحو مدينة الداخلة، في مبادرة رمزية تؤكد تشبثهم الدائم بوطنهم الأم وتجسد البعد العابر للحدود في تخليد ذكرى المسيرة الخضراء كحدث وطني جامع يوحّد المغاربة أينما كانوا.

وشهدت مختلف المدن المغربية مسيرات احتفالية متنوّعة، جابت شوارع رئيسية بمشاركة مواطنين من فئات عمرية واجتماعية متعددة. وتزيّنت القوافل بالشاحنات والسيارات المزدانة بالأعلام الوطنية، إلى جانب مجموعات من المشاركين الذين اختاروا المشي على الأقدام، في مشهد يعبّر عن المشاركة الشعبية الواسعة في هذه المناسبة الوطنية. كما حرصت عدد من مؤسسات التكوين على إضفاء طابع وطني مميّز على احتفالاتها، ومنها المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالدار البيضاء الذي أعلن عن إطلاق اسم «فوج الوحدة» على فوج المتدربين بسلك تكوين أطر الإدارة التربوية برسم الموسم 2025-2027، في مبادرة تُجسّد قيم الانتماء وتعزّز الوعي الوطني.

وعرفت مختلف الفضاءات العامة والخاصة زخما من المبادرات التزيينية، حيث ازدانت الشوارع والمحلات بالأعلام الوطنية وصور الملك محمد السادس، لتتحول المدن إلى لوحات احتفالية تجسّد الفخر الوطني وتعبّر عن التلاحم بين العرش والشعب. كما نظمت جمعيات ومؤسسات عمومية وخصوصية ندوات فكرية وأنشطة ثقافية وفنية ورياضية احتفاء بهذه الذكرى الوطنية، تمحورت حول قيم المواطنة والتنمية والوحدة، مؤكدة أن تخليد المسيرة الخضراء لا يقتصر على الاستحضار التاريخي للمناسبة؛ بل يمتد ليكون فرصة لتعزيز الوعي الجماعي بضرورة استمرار التعبئة من أجل صيانة المكتسبات الوطنية والحفاظ على الوحدة الترابية.

الدوافع النفسية والاجتماعية وراء هذه الاحتفالات

عن الدوافع التي تجعل المغاربة ينخرطون بقوة في الاحتفالات بالمناسبات الوطنية بشكل عام، والحالية بشكل خاص، يوضح أستاذ علم الاجتماع، زكرياء أكضيض، أن «الكثافة التي تشهدها الاحتفالات هذه الأيام تعود، أولاً، إلى القرار الاستثنائي الصادر عن مجلس الأمن؛ وهو قرار يمكن وصفه بالتاريخي، لأنه يشكل مرحلة جديدة في التعاطي مع قضية الوحدة الوطنية». ويبرز أكضيض أن «هذه الاحتفالات لا يمكن فصلها عن البعد الرمزي العميق الذي تحتله الأرض في الوعي الجمعي المغربي».

ويشرح الأستاذ الجامعي المختص في علم الاجتماع أن «الأرض في المخيال الجمعي المغربي ليست مجرد مجال جغرافي؛ بل هي رمز للبناء الاجتماعي، إذ تتشكل من خلالها الروابط الاجتماعية وروابط القرابة. كما تمثل صلة وصل بين مختلف جهات الوطن من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب، لتغدو بذلك رمزًا محوريًا لوحدة المجتمع المغربي». ويضيف المتحدث عينه أن «استرجاع الأرض في الوجدان المغربي يعني استكمال الوحدة الترابية؛ فالأرض هنا تحمل دلالة رمزية تتمثل في وحدة الهوية المشتركة».

التعليقات (0)

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.