عاجل

إعلان نيويورك.. خطوة إلى الأمام أم وهم جديد؟

إعلان نيويورك.. خطوة إلى الأمام أم وهم جديد؟

أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 شتنبر الجاري ما بات يُعرف بـ”إعلان نيويورك”، مانحةً القضية الفلسطينية زخماً سياسياً غير مسبوق منذ سنوات طويلة. تأييد 142 دولة للقرار، مقابل معارضة محدودة، لم يكن حدثاً عادياً، بل تعبيراً عن تحوّلٍ في المزاج الدولي بات يرى أن استمرار الوضع الراهن لم يعد خياراً ممكناً، وأن دماء غزة ومعاناة الفلسطينيين فتحت نافذة جديدة كان الاحتلال حريصاً على إغلاقها.
لكن، ورغم قوة التصويت ورمزيته، يظل التحدي الأكبر هو تحويل النصوص إلى وقائع: وقف الاستيطان، رفع الحصار، حماية القدس، وترتيبات أمنية متوازنة تضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم بكرامة. فالجمعية العامة لا تملك آليات التنفيذ، وتجارب الماضي أثبتت أن القرارات قد تبقى حبراً على ورق إذا غابت الإرادة السياسية.
من اللافت أن الإعلان، الذي رعته فرنسا والسعودية، تضمن للمرة الأولى صياغات عملية مثل “إجراءات ملموسة ولا رجعة فيها” لإنهاء الاحتلال، إضافة إلى الإشارة إلى حركة حماس باعتبارها جزءاً من معادلة الحل السياسي. هذا التطوّر، على هشاشته، يكسر سردية الإقصاء، ويعيد طرح سؤال: هل بات العالم مستعداً للتعامل مع كل مكونات الواقع الفلسطيني، لا مع السلطة وحدها؟
الحقيقة أن القرار الأممي جاء أيضاً كردّ اعتبار لحقوق الفلسطينيين بعد سنوات من الجمود، ورسالة ضغط على إسرائيل بأن سياساتها الأحادية، خصوصاً في الضفة، تقوّض فرص أي سلام. ومع ذلك، يظل إعلان نيويورك أقرب إلى خريطة طريق منه إلى حل ناجز. فملفات الحل النهائي مثل اللاجئين والحدود لم تُفتح بعد، وأي حديث عن “الدولة الفلسطينية” يظل ناقصاً ما لم يُترجم إلى خطوات ملموسة على الأرض.
الخلاصة: إعلان نيويورك خطوة متقدمة بلا شك، لكنه ليس عصاً سحرية. وحدها الإرادة الدولية الصلبة، مدعومة بحراك فلسطيني موحّد وزخم شعبي عالمي، يمكن أن تحوّل التصويت الرمزي إلى مسار سياسي واقعي. وإلا فإن القرار، مهما بلغت أهميته، قد يلتحق بأرشيف القرارات الأممية التي لم تجد يوماً طريقها إلى التنفيذ.

التعليقات (0)

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.