يستعد الساحة الفنية العربية لاستقبال عمل درامي تاريخي ضخم، يشهد عودة قوية للممثل المغربي المتألق عبد النبي البنيوي. هذه العودة ليست مجرد مشاركة عابرة، بل تمثل محطة مفصلية في مساره الفني، مؤكدًا ولعه العميق بالأعمال التراثية واللغة العربية الفصحى. يشارك البنيوي في مشروع سينمائي ضخم يصوّر جزء كبير منه في ربوع المغرب، ويحمل عنوانًا مؤقتًا يشير إلى فترة تاريخية غنية: مسلسل الجاهلية.
لطالما تميز الفنان عبد النبي البنيوي بقدرته على التفاعل مع الأدوار التي تتطلب عمقًا تاريخيًا ولغويًا، ويبدو أن هذا العمل الجديد سيمنحه مساحة واسعة لاستعراض هذه المهارات الفريدة. بعد فترة من الابتعاد عن هذا النوع من الأعمال، يعود البنيوي ليجدد شغفه بالدراما التاريخية التي يعتبرها فضاءً للراحة والانسجام في الأداء، ما يؤكد أن اختياره لهذا المسلسل لم يكن وليد الصدفة، بل نابعًا من قناعة فنية عميقة.
عبد النبي البنيوي ومسلسل الجاهلية: عودة إلى الجذور الفنية
كشف الفنان المغربي، في تصريح خاص، عن تفاصيل مثيرة حول انخراطه في هذا المشروع الطموح. يتكون المسلسل من ثلاث خماسيات، بمجموع 15 حلقة، ويجسد فيها البنيوي عدة أدوار وصفها بالمهمة، على الرغم من أن مساحتها قد لا تكون الأكبر في العمل ككل. هذه الأدوار ترتبط بشخصيات تاريخية متنوعة، كل منها يترك بصمة واضحة في سياق الأحداث، مما يتيح له التنقل بين أنماط تمثيلية مختلفة ضمن إطار زمني واحد.
لم يتردد البنيوي لحظة في قبول العرض الذي قدمه المنتج المنفذ محمد الكغاط، وذلك لعدة اعتبارات أهمها خصوصية المسلسل وطابعه التاريخي الفريد. وقد وجد في هذا المشروع فرصة ذهبية للعودة إلى شغفه الأول: الأداء باللغة العربية الفصحى. فعلى الرغم من تعلقه الشديد بالفصحى وتفضيله العمل ضمن أجواء فنية تتطلبها، ابتعد عنها قسرًا منذ تخرجه، وها هو الآن يجد ضالته في هذا العمل المنتظر.
تجديد التعاون ورؤية إخراجية مميزة
يجدد عبد النبي البنيوي في هذا المسلسل تعاونه مع المنتج هادي قرنيط، الذي سبق وأن عملا معًا في مشاريع سابقة، مما يعكس الثقة المتبادلة والانسجام الفني بين الطرفين. كما عبر البنيوي عن إعجابه الشديد بالأسلوب الإخراجي للمخرج سامر جبر. ووفقًا للبنيوي، يمتلك جبر رؤية إخراجية خاصة تضفي على العمل بعدًا واقعيًا، وتقترب في فلسفتها من المدرسة الفنية الراسخة التي أسسها المخرج الراحل حاتم علي، مما يبشر بعمل فني رفيع المستوى.
حقبة “الجاهلية”: عمق تاريخي وفني
يسلط هذا المشروع الضوء على حقبة زمنية غاية في الأهمية والتعقيد، وهي فترة الجاهلية، أي الفترة التي سبقت ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية. هذه المرحلة، التي يقدرها المؤرخون بما بين 150 و200 سنة قبل بزوغ فجر الإسلام، كانت غنية بالمتناقضات؛ فقد شهدت انتشارًا للجهل الديني وعبادة الأصنام وتصاعدًا للصراعات القبلية، وفي المقابل، ازدهرت فيها اللغة العربية وبلغت أوج الفصاحة والبيان، خاصة في الشعر. هذه التناقضات تجعل من “الجاهلية” مادة خصبة وملهمة للأعمال الدرامية العربية، مما يتيح للعمل استكشاف جوانب عميقة من تاريخ وحضارة المنطقة.
يشارك في هذا المسلسل نخبة من الفنانين المغاربة والعرب، مما يضفي عليه قيمة فنية إضافية. من بين الأسماء البارزة نجد عدنان موحجة، وعز العرب الكغاط، إلى جانب الفنانين العرب نضال نجم وخالد نجم ومحمد الإبراهيمي وآخرين، مما يعد بتوليفة تمثيلية قوية ومتنوعة.
آفاق جديدة للإنتاج الدرامي المغربي والعربي
عبر الممثل المغربي عبد النبي البنيوي عن أمله في أن تتزايد وتيرة الأعمال التاريخية المصورة في المغرب. فالمملكة المغربية، بما تملكه من فضاءات طبيعية وتاريخية متنوعة، توفر بيئة مثالية لمثل هذه الإنتاجات الضخمة. هذا النوع من الأعمال لا يفتح آفاقًا مهنية واسعة أمام الممثلين والتقنيين المغاربة فحسب، بل يساهم أيضًا في تعزيز مكانة المغرب كوجهة جاذبة للدراما العربية والعالمية، مما يدعم الصناعة الفنية المحلية ويثري المحتوى العربي.
يُتوقع أن يكون مسلسل الجاهلية إضافة نوعية للدراما العربية، ليس فقط لفرادته في تناول فترة تاريخية غاية في الأهمية، بل أيضًا لجمع كوكبة من المواهب الفنية تحت إدارة مخرج يمتلك رؤية واعدة. كل الأنظار تتجه نحو هذا العمل الذي يعد بالكثير من المتعة الفنية والعمق الثقافي.
للمزيد من الأخبار الفنية الحصرية والمتابعات الدقيقة لأبرز الأحداث الثقافية، تابعوا الجريدة نت، الموقع الإخباري الأول في المغرب.
التعليقات (0)
اترك تعليقك