رغم أنّ “أم بي سي” لم تُعلن القرار رسمياً، وتُرسله إلى الصحافة كما تفعل على الدوام، فإنّ المتحدّث الرسمي باسم المجموعة مازن حايك أكّد أنّ الخبر صحيح.
“بموجب قرار شمل منابر إعلامية وقنوات تلفزيونية متعدّدة، في عددٍ من البلدان والعواصم العربية، أصبحت الدراما التركية كلياً خارج القنوات المنتمية إلى “مجموعة MBC” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك اعتباراً من مساء الأول من آذار الجاري، وحتى إشعارٍ آخر”. هذا هو البيان الذي حصلت عليه “النهار” من مصادرها. “نعم، ثمة قرار يشمل محطات وبلداناً يتعلّق بوقف بثّ الدراما التركية”، يؤكّد حـايك، رافضاً التعليق على هوية مَن يقف تحديداً خلف هذا القرار، أو الجهة المباشرة التي اتّخذته، داخل المؤسسة أو خارجها. وحين نسأله عن مدى تأثير القرار في نسب المُشاهدة، خصوصاً أنّ ثمة جمهوراً عربياً واسعاً يتابع الدراما التركية بانتظام، تحديداً عبر قنوات “أم بي سي” التي كانت السباقة في إطلاق هذا اللون الدرامي عام 2007، يتمنّى حـايك “ألا تتأثر “أم بي سي” وحدها بانخفاض نسب المشاهدة والعائدات الإعلانية المتّصلة، لأنّ القرار يشمل قنوات تلفزيونية إقليمية عدّة، ويتخطّى كونه قراراً مهنياً وتجارياً بحتاً… ولتكن ربما هذه الخطوة مناسبة لإنتاج المزيد من المحتوى الدرامي الخليجي والعربي النوعي وعرضه على مختلف الشاشات العربية بأسرع وقت ممكن”.
إذاً، يكتفي حـايك بهذه الكلمات المقتضبة، لكنّ مصادر متابعة للقضية أكّدت لـ”النهار” أنّ السبب الفعلي خلف القرار هو إيمان المعنين بأهمية التكاتف، على كلّ الصعد والمستويات، لتحقيق المصلحة العربية العليا. المعادلة بسيطة: “كفى استعمال القوة العربية الناعمة، أي الإعلام، للترويج لصورة تركيا وجمال معالمها، وإدخالها إلى بيوت الملايين من العرب، فيما هي في المقابل لها سياسات لا تصبّ بالضرورة في مصلحة المنطقة العربية”. من هنا، تفيد المصادر نفسها: “المعاملة ينبغي أن تكون بالمثل. لمَ علينا أن نقدّم لها خدمة مجانية؟ لمَ علينا أن نُجمّل صورتها؟ على اعتبار أن وقع المحتوى الدرامي أقوى وأكثر استدامة من بعض الحملات الإعلانية والترويجية التي تعتمدها الدول”.
المهم الآن مدى الخسائر المترتّبة على مثل هذا القرار. يعتقد بعض المطلعين على القضية أنّها قد تتجاوز سقف الـ 50 مليون دولار بالنسبة إلى “أم بي سي” وحدها، بين تكلفة الإنتاج الذي لم ينتهِ بعد عرضه على القنوات المتعدّدة، والإعلانات، والمحتوى البديل، والمحتوى المنتّج والمستوحَذ للمواسم المقبلة، إضافة إلى انخفاض نسب المُشاهدة وانعاكاساتها البرامجية والتجارية. بأيّ البدائل ستملأ “أم بي سي” جدول البرامج، وهي التي شيّدت عصر الدراما التركية المدبلجة وأدخلتها إلى بيوت العرب؟ نحو 6 مسلسلات تركية توقّفت الآن عن العرض على MBC1 وMBC4 وMBC دراما، مما سيكبّد المجموعة خسائر كبيرة، إلى هاجس ملء الفراغ البرامجي بالمحتوى الأنسب. المسألة الآن باتت تتعلّق بشبكة البرامج وكلّ تفصيل يكلّف غالياً. ويبقى السؤال: ماذا لو قررت قنوات قطرية أو لبنانية مثلاً تخصيص جزء أكبر من أولوياتها للدراما التركية بعد قرار وقف العرض؟ ألن تكون عاملاً في جذب فئة كبيرة من المشاهدين من طريق “أم بي سي” وقنواتها؟