*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*
لماذا أينما وجد النفوذ الأمريكي ونفوذ حلفائه الغربيين وجدت القاعدة ومشتقاتها وجلّ الزومبيات الإرهابية؟ من الذي جعل القاعدة وعائلتها في سورية والعراق أخطر وأعمق اللاعبين في المنطقة؟ من المنتج والأب الروحي لها؟ لماذا تقدّم العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي المجهود الحربي والمجهود الأستخباري كدعم لمحاربة القاعدة وداعش في العراق ولا تقدمها للدولة الوطنية السورية مثلاً؟ من يدير الآخر، بريطانيا تدير أمريكا، أم أمريكا تدير بريطانيا؟ طبيعة مفاهيم عمق الصراع البريطاني الأمريكي الآن ومحاولات لندن استعادة نفوذها الغابر؟ وكيف صارت الديبلوماسية الروسية، صاروخ في الخاصرة الأمريكية، لتطوير ستاتيكو سياسي في سورية، وليس لأنتاج 14 أذار سوري؟!
ولماذا تفتح خزائن السلاح الأمريكي للعراق في محاربته للقاعدة وداعش ولا تفتح لدمشق الرسمية على سبيل المجاز، والأخيرة تحارب ذات الجذور القاعديّة الإرهابية المدخلة عبرمسارات جغرافيتها من رياح الأرض الأربع؟ ولماذا تقدّم صور الأقمار الصناعية التجسسية الأمريكية للعراق، كنوع مساند للدعم اللوجستي لأماكن تواجد القاعدة وداعش وجلّ زومبيات تلك العائلة الإرهابية(على قلتها ونوعها)، ولا تقدّم لسورية الرسمية، بالرغم من أنّ الأخيرة تحارب ومنذ ست سنوات جذور القاعدة وما تفرّع ويتفرّع عنها؟ لماذا يدفع بتمنهج مجتمع المخابرات الأمريكي داعش والزومبيات الأخرى بالتوجه إلى الشمال اللبناني تحديداً الآن(بعد انتخاب الجنرال عون رئيساً للبنان)وبعض المخيمات الفلسطينية؟ هل صارت طرابلس لبنان حواضن اجتماعية لتلك الزومبيات الإرهابية حيث لا سلطة قانون فيها وتعاني من عنف؟ وهل هي كذلك مخيمات اللجوء الفلسطيني في الشتات غدت حواضن للقاعدة ومشتقاتها؟ هل يدفع ذات المجتمع الأستخباري الأمريكي داعش وإخوانه والقاعدة وأبناء عمومتها بالتوجه والتغلغل في الداخل الأردني، وعبر تنشيط بعض الحواضن الجاهزة لاستقبال القاعدة وزومبياتها لخلق المشاكل واللعب بورقة الديمغرافيا السكّانية، مع توفر معلومات دقيقية تقول: انطلاق مفاوضات التقريب على المسار الفلسطيني الإسرائيلي(سرّاً هذا الأوان الذي تخسر فيه اسرائيل الغرب وتربح عربياً) كجزئية مهمة من جلّ الصراع العربي الإسرائيلي، وتمّ اختزال الأخير فيه كمسار ثنائي ومسألة ثانوية بحته تحل فقط بين رام الله وتل أبيب، وهذا هو الموقف الأمريكي في عهد(بابا)باراك أوباما، وسيكون في عهد(جدوه)دونالد ترامب، كون الجذر السياسي البيولوجي في الأيديولوجيا لكليهما، هو ذاته البلدربيرغ الأمريكي وكارتلاته الأقتصادية والعسكرية والأستخباراتية؟ الموقف الأمريكي في ظاهره مرتبك ومتناقض بشكل واضح وصريح وعميق، وحسب منطق البيت الأبيض الأعوج والمعوّج أنّ القاعدة وزومبياتها خطر كبير في العراق يجب إسقاطه، بينما في سورية الخطر ليس القاعدة وزومبياتها والدواعش، بل النظام الحاكم والحكومة والنسق السياسي، فأيّة صفاقة ووقاحة أمريكية هذه؟! لا بل تبلورت تلك الصفاقة والوقاحة للولايات المتحدة الأمريكية في أنّها تسلح الطرفين في العراق القاعدة ومشتقاتها وداعش ومشتقاته وكذلك حكومة الرئيس العبادي.
من الزاوية الأمريكية الصرفة، مسألة تسليح القاعدة وجلّ أفراد عائلتها من جهة والحكومة وجيشها من جهة أخرى في العراق لا يعتبر تناقض؟! بل هو وكما أسلفنا صفاقة وبمثابة هبة حقيرة لصناعة الأسلحة الأمريكية وعبر المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي. فالبنتاغون والسي أي إيه ووكالة الأمن القومي الأمريكي يضعون تصوراتهم على الورق بعد تلقيهم التعليمات من إدارة المجمّع الصناعي الحربي، حيث تعليمات الأخير من البلدربيرغ وقلبه المعتم(جمعية الجمجمة والعظمتين)، ثم ينفذونها على أرض الميدان وعبر أدواتهم المحلية والإقليمية فيخلقون مشكلة إرهابية، ثم يقومون وعبر كونغرسهم ان كان المسيطر ديمقراطي، وان كان جمهوري، بتشريع تشريعات تسمح للحكومة الأمريكية بتزويد السلاح لكل الأطراف المتصارعة، للتعامل مع ذلك المشكل الإرهابي وهذا يعني الربح السريع وبدون خسارة. ولأنّ القاعدة وزومبياتها وداعش ودواعشه الأخرى(عائلة الأطفال الأمريكية المدللة)، والأخيرة تخدم كإطار أيديولوجي متلون متحوّل كالحرباه، ومستعد للتدخل الأمريكي الإمبريالي في الشرق الأوسط وما وراء الشرق الأوسط، وقد مرّت وتمر تلك العائلة الإرهابية الأمريكية بعمليات استنباط وتحولات كثيرة، مع تغيرات مخادعة وماكرة إن لجهة الاسم، وان لجهة الطريقة، وهي في الحقيقة صنيعة واشنطن وبعض مشيخاتها العربية(عرب روتانا – مش حتئدر تغمض عينيك)، وتتقلّب بين كونها عدواً لما هو ملائم لمصالح البلدربيرغ وقلبه المعتم(جمعية الجمجمة والعظمتين)في بعض الدول، ووكيلاً لا يرحم لذات البلدربيرغ وقلبه المعتم في دول أخرى، من أجل القيام بتفجير الأنسقة السياسية القائمة من الداخل( سورية خير مثال)، ليصار لتغييرها والتي لا تتلائم مع مصالح محور واشنطن تل أبيب ومن ارتبط به من بعض العربان والعرب. ولأنّ أيضاً مشروع الطاقة الأمريكي الضخم(ترياق البلدربيرغ الأمريكي وقلبه المعتم جمعية الجمجمة والعظمتين)على سواحل سورية ولبنان وفلسطين المحتلة، قد اعتراه وأعاقه صمود الدولة الوطنية السورية وتماسك جيشها العربي العقائدي وتماسك القطاع العام السوري، كل ذلك بإسناد روسي كبير مدعوماً بإسناد صيني نوعي وعميق أيضاً ولكن بنعومة، وإسناد إيراني استراتيجي، فانّ الولايات المتحدة الأمريكية أصابها التكويع السياسي وعلاقاته بالطاقة وعجلة الاقتصاد، فها هي العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي بدأت(تتكوكب)من جديد، ورفع (بابا) باراك أوباما قيود تصدير السلاح الفتّاك والكاسر للتوازن في الميدان، الى حلفاء واشنطن من دول الجوار السوري في المنطقة وفي سورية نفسها من غير الدول، والكلمة الأخيرة تعني الجمعيات الأرهابية التعاونية، منظومات دفاع جوي يقيناً ستذهب الى القاعدة وزومبياتها، وان كان ظاهرها عبر التي تسمّى بقوّات سورية الديمقراطية، والتي هي ليست بسورية ولا ديمقراطية، مع تصريحات لوزير حربه أشتون كارتر بارسال أكثر من مائتين جندي أمريكي اضافي الى الداخل السوري وتحت عنوان: محاربة داعش في الرقة ودير الزور، هذا التكوكب حول القاعدة ومشتقاتها وداعش ودواعشه، لتدفع بعائلتها الإرهابية هذه نحو لبنان والأردن وفلسطين المحتلة، وحتّى إزاء ” إسرائيل “نفسها والتي غدت عبء على جنين الحكومة الأممية( البلدربيرغ)، ليصار لإعادة إنتاج الأخيرة من جديد، عبر تفجير الائتلاف الحاكم فيها وهندسة منظومة حكم جديدة في ” إسرائيل”، كل ذلك من أجل الأقتصاد الأمريكي ورفاهية المواطن الأمريكي، حيث اقتصادهم اقتصاد حروب وقائم وينمو عليها. والسؤال هنا: هل يلجأ بنيامين نتنياهو إلى خيار ومسار حل الكنيست والدعوة إلى انتخابات مبكرة، تعرقل وصول ترياق الغاز والنفط الطبيعيين للقلب المعتم(جمعية الجمجمه والعظمتين)للبلدربيرغ الأمريكي(جنين الحكومة الدولية)رغم انّه جزء من ذات المحفل؟ ولحين نضوج الظرف الدولي والإقليمي للحل في المسألة السورية والمسألة الفلسطينية، وإنجاح الفوضى الخلاّقة على الساحة الأردنية عبر الولايات المتحدة الأمريكية مخرجات تنفذ على الأرض لساحات أخرى؟ يؤكد سيادة الناطق الرسمي باراك أوباما باسم حكومة الأرستقراطيين الأمريكان وغيرهم، أنّه لا تغيير في الرؤية الأمريكية ونمارس حرب الأستنزاف كاستراتيجية حقيقية لأنهاك الخصوم واجبارهم على الأستسلام. الروس يدركون أنّ المحور الدولي الخصم بزعامة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي والمتحالف مع بعض العرب، يعملون على توظيف وتوليف مسارات واتجاهات التطرف الديني وبث الفتن لتقسيم المنطقة واعادة ترسيمات تشكلها على الجغرافيا وخلط الديمغرافيات لتبقى أسباب الفرقه والأشتعال قائمة. ويمتد هذا الأدراك الروسي الى أنّ الأستراتيجية الأمريكية البلدربيرغيّة تقوم على مجالاتها الأمنيّه القومية في الشرق الأوسط والمتمثله في “اسرائيل” ومصادر الطاقة. والروس يستثمرون هذا الأوان لا أقول فشل استراتيجية نواة الدولة الأمريكية في محاربة داعش في العراق وسورية بقدر تعثرها وبطئها، حيث هي في الأصل والأساس اعادة هيكلة الأرهاب ثم هندرته وتوجيه نحو مساحات ودول أخرى، وليس لها علاقة بالأرهاب أصلاً بقدر علاقتها بادارة الأرهاب، لتفكيك محور خصومها المقاوم حلقة حلقة عبر بث الفتن الطائفية والتركيز على مظلومية السنّه في مواجهة ظلم الشيعه، حيث من المعتقد لدى الروس وفعلهم الديبلوماسي والأستخباري أنّه يمكنهم فعل شيء حقيقي لقطع الطريق على الأستفراد الأمريكي بالمنطقة وشؤونها، عبر السعي نحو تطوير ستاتيكو الحل السياسي في سورية وحولها وليس لأنتاج 14 اذار سوري، بحيث أنّه قد يكون ذلك بداية لحل سياسي لكثير من البؤر الساخنة في المنطقة. الفعل الروسي يدرك أنّ واشنطن تعمل على تحويل النفط من سلعة الى سلاح لمحاربة روسيّا وايران وفنزويلا في أبشع صور وتجليات الخبث السياسي، بالمقابل تتلمس موسكو وترصد بقرون استشعاراتها شعور واشنطن بضعف قوتها، من خلال سعي الأخيره لتوريط بعض حلفائها في المنطقة في شكل جديد قديم من الأستعمار، فبعد أن سحبت واشنطن قيادة أسطولها الخامس من البحرين، هاهي لندن تنشىء قاعدة عسكرية مقابل القاعدة العسكرية الفرنسية في الأمارات بالأتفاق مع مملكة البحرين، وكلا الدورين البريطاني والفرنسي في سياق التعاون والتكميل للدور الأمريكي وتابع له، وان كان الدور البريطاني والذي هو أصلاً في جوهره وباطنه دور صراعي مع الأمريكي، ويسعى لأستعادة مناطق نفوذه التي خسرها بعد الحرب العالمية الثانية، بعكس الفرنسي الملتهم بالكامل أمريكيّاً، وأعتقد أنّه من باب التكتيك وافقت لندن أن تشترك مع باريس في خدمة المجال الأمني القومي الأمريكي الى حين أن تلوح اللحظة التاريخية الأنجليزية(حضور(ما ما)ماري تيرزا رئيسة الوزراء البريطانية قمة التعاون الخليجي الأخيرة في المنامة من تداعيات ذلك وعقابيله). موسكو تدرك أنّ سورية وحزب الله قادران على استغلال أي حدث لتحويل المحنة الى نصر ومنحه والتحدي الى فرصة، وأنّ المشروع الحربي الحالي على سورية قد يلفظ أنفاسه الخبيثة، والوجود الأمريكي في المنطقة بدأ ينحسر كما أسلفنا سابقاً حيث نلحظ سحب واشنطن لقيادة أسطولها الخامس من المنامة، وهذا مؤشر على أنّه لا نقول تراجع عميق بقدر ما هو تآكل للوجود الأميريكي، وليس أمام واشنطن سوى خيارين اثنين: حيث الخيار الأول يتموضع في المسارعة الى عقد مذكرات التفاهم المكتوبة وغير المكتوبة مع الدول والحركات الفاعلة في المنطقة، مع تفويض أمريكي محدود لأنجاز تسوية سياسية في سورية وحولها للروس بالمعنى الأستراتيجي، وأن لا يكون هذا التفويض تكتيكيّاً لحين تغيير موازين القوى عسكرياً لصالح أدواتها في الداخل السوري على أرض الميدان، أو لحين تسلّم ترامب وادارته تصريف الحكم في أمريكا في يناير القادم من عام 2017 م. في حين الخيار الثاني يتموضع في ترك جلّ مشروعها ينهار، ثم تعمل على اعادة تجميع فتات الفتات عبر ناتو اقليمي عربي سني اسرائيلي لمحاربة ما أنتجته من دواعش بجانب حركة حماس المقاومة وكما صرّح ممثل البلدربيرغ الأمريكي الحقيقي في ادارة أوباما. لذلك يعتقد البلدربيرغ الأمريكي أنّ هناك ثمّة رد عسكري روسي واستخباراتي أكثر عمقاً من الحالي، وفي أكثر من ساحة في الشرق الأوسط ومنها اليمن كرد على تزويد واشنطن حلفائها من غير الدول في الداخل السوري، بمنظومات دفاع جوي محمولة على الكتف وتحت عنوان محاربة داعش في الرقة ودير الزور، هذا الفعل الروسي المتعدد كما يعتقد البلدربيرغ مخبأ في ثنايا الديبلوماسية الروسية وفعلها الحالي، وهذا جزء مهم على أجندة البحث في لقاءات جون كيري ولافروف، بجانب الوجه الآخر للديبلوماسية الروسية وتغلغلها في المعادلات الداخلية اللبنانية وانفتاحها على قوى 14 أذار و 8 أذار اللبنانية وحبالها السريّة الملتبسه على الأمريكان مع حزب الله اللبناني بجناحيه السياسي والعسكري ازاء “اسرائيل”، خاصةً بعد تشكيلات عسكرية وفي استخبارات الجيش الصهيوني، يعقبها تغيرات مرتقبه في الصفوف الثانية والثالثة والرابعة في جهاز الموساد والشاباك، وغيرها من وكالات الأستخبارات الأسرائيلية الصهيونية. ومع وجود كل من الجنرال غادي ازنكونت رئيساً لأركان الجيش الحربي الصهيوني، والجنرال يائير غولان نائباً له، والجنرال هرتسي هاليفي رئيساً لوحدة أمان في استخبارات الجيش الصهيوني، حيث غادي ازنكونت خبيراً بالساحة اللبنانية وكانت اجازته في الماجستير حول شخص أمين عام حزب الله اللبناني سماحة السيّد حسن نصرالله، في حين أنّ أفيف كوخافي صار قائداً للمنطقة الشمالية في الجيش الحربي الأسرائيلي بعد أن كان رئيساً لوحدة أمان، ليصار الى استثمار خبراته في الساحة اللبنانية، أمّا يائير غولان انتقل من قيادة المنطقة الشمالية الى موقع نائب رئيس الأركان في ، حين أنّ هرتسي هاليفي كان قائد فصيل مهم في الجليل المحتل. لقد صار واضحاً للجميع أنّ أي تفاهمات حول الأزمة السورية لن يخرج ولا يخرج الاّ من تحت مظلّة وعباءة الفدرالية الروسية، ولا اتفاق حول سورية وأزمتها السياسية ما لم توافق عليه موسكو. والسؤال هنا: هل ثمة تفاهم روسي أمريكي جديد حول الأزمة السورية وحدثها الأجتجاجي السياسي، في طريقه للعلن عبر تفعيل وتطبيق القرار 2170 بخصوص أبناء الماما الأمريكية الدواعش و 2178؟. اذاً الدبلوماسية الناعمة وبعمق وبشقيها الأستخباري الدبلوماسي والسياسي الرياضياتي، والتي تنتهجها الفدرالية الروسية وادراكاتها لحالة التشابك بين السياسي والأقتصادي والمخابراتي والعسكري والفكري الثقافي، أفسحت المجال أمام حلول وسط لنتائج الحروب البديلة أي الحروب الداخلية والتي أنتجتها واشنطن في الدواخل العربية، وتحت مسميات الحريّة والديمقراطية وحقوق الأنسان والحاكمية الرشيدة ضمن وعاء ما سمّي بالربيع العربي. حيث هناك مصلحة مشتركة على طول خطوط العلاقات الروسية الأمريكية بأن لا تكون الأزمة السياسية السورية، مدخلاً لأنفجار كامل على صعيد المنطقة، فلا بدّ من من محاصرة ما تم ادخاله من ارهاب مدخل الى الداخل السوري وعلى مدار ست سنوات، والبحث عن مخارج سياسية ودبلوماسية لأخراجها من اللعبة الأممية حولها. إذاً أيّاً تكن اتجاهات المسألة السورية وجوهرها، فانّ النسق السياسي السوري وعنوانه الرئيس الأسد باقون وباقون، سواءً جنحت المسألة السورية، إن لجهة عودة المسار العسكري البحت مع سلسلة جولات من العنف أشد ضراوة، وان لجهة المسار السياسي عبر المبادرة الروسية لبدء حوار سوري سوري بمضامين جنيفات جديدة، وان لجهة مسار عسكري ومسار سياسي متلازمين معاً، وهذا ما تفعله دمشق الآن مع استعدادها لبدء الحوار السوري السوري دون تدخلات خارجية. النواة الصلبة في الدولة الأممية الروسية، نجحت في جعل عنوان النسق السياسي السوري العقدة والحل معاً، لا بل وعقدة الحل نفسه حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، ونكايةً بالطرف الخارجي بالحدث السوري من أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين وبعض العرب، والروس أرسوا توازناً دقيقاً حال وما زال يحول دون تدخل عسكري خارجي في سورية، كما يحول دون سقوط الرئيس الأسد واخراجه كرهاً أو حبّاً، من أتونات المعادلة السورية الوطنية، إن لجهة المحلي وتعقيداته، وان لجهة الإقليمي وتداعياته ومخاطره، وان لجهة الدولي واحتقاناته وتعطيله وأثاره على الأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي أثاره على نسب النمو الاقتصادي واستعادة المنظومة الاقتصادية الأممية لعافيتها، بعد أزمة الرهن العقاري وارتباطاتها في الولايات المتحدة الأمريكية – شرارة وجوهر الأزمة الاقتصادية الأممية. كما نجحت موسكو وبقوّة بأن جعلت الأسد ونسقه السياسي طرفاً رئيسياً في التسوية، وان بقاء الأسد ونسقه لم يكن ثمناً من أثمان مسألة التسوية الكيميائية السورية، كما يظن السذّج من الساسة والذين تمطى رقابهم كالعوام، بل أنّ الرئيس الأسد وموضوعة بقائه صارت بفعل الدبلوماسية الروسية الفاعلة والجادة، خارج دائرة التفاوض والمساومة ومسألة خارج النقاش بالنسبة لموسكو وإيران ودول البريكس. وبالتالي مسألة الحوار مع النسق السياسي السوري، لم يعد مشروطاً برحيل الأسد أو تنحيه، لقد غرسوا الروس غرساً، من الأفكار في عقل جنين الحكومة الأممية ملتقى المتنورين من اليهود الصهاينة، والمسيحيين الصهاينة، والمسلمين الصهاينة، والعرب الصهاينة، بأنّ ما يجري في دمشق يجري في موسكو ودفاعهم عن دمشق دفاع عن موسكو. نعم! لا عيب ولا تثريب على موسكو بعد اليوم، حيث كانت المسألة السورية وحدثها بالنسبة لها، مدخلاً واسعاً لرسم معادلات وخطوط بالألوان والعودة إلى المسرح الأممي، من موقع القوّة والشراكة والتعاون والتفاعل بعمق، وتحمّل المسؤوليات ضمن الأسرة الدولية الواحدة في عالم متعدد الأقطاب، لأحداث التوازن الأممي الدقيق في شتى الأدوار والقضايا بما فيها الصراع العربي – الإسرائيلي كصراع استراتيجي وجودي في المنطقة والعالم، بالنسبة للعرب الحقيقيين، والمسلمين الحقيقيين، لا عرب صهاينة ولا مسلمين صهاينة، ولا عرب البترول والغاز. ونعم من حق النواة الصلبة في الفدرالية الروسية وعنوان هذه النواة الرئيس فلادمير بوتين أن يقول: ثبات وتماسك الجيش العربي السوري العقائدي ضمن وحدة وثبات النسق السياسي السوري وعنوان هذا النسق الرئيس الأسد قد جلبوا للفدرالية الروسية العالم أجمع. فالوضع الروسي في الشرق الأوسط له آفاقه الخاصة، فموسكو حاضرة وبقوّة على كل الجبهات: من إيران إلى فلسطين المحتلة، ومن مياه الخليج المسلوبة السيادة أمريكيا، إلى سورية التي تتعرض إلى حرب كونية سافرة، إلى لبنان الساخن مروراً بالعراق والذي يتعرض إلى حالات مخاض عسير، عبر بعض أطراف من العربان المرتهنين للخارج. موسكو تعود بقوّة ودبلوماسيتها أخذت تظهر دينامية متنامية إزاء الأزمات التي تهز المنطقة، وصارت موسكو وبشكل متجدد وجهة رئيسية للتعاطي مع هذه الأزمات، وعادة مرةً أخرى إلى المياه الدافئة في الخليج والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. وتأتي عودة موسكو على الجبهة الدولية والجبهات الإقليمية الأخرى، على أساس الاستفادة من الصعوبات التي تعاني منها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وهذا يمنحها صك تواصل وانفتاح على تلك الأطراف التي لا تتعامل معها واشنطن، حيث تستفيد وتوظف موسكو بؤر النزاعات والملفات الساخنة لأسماع صوت مختلف عن الصوت الأمريكي والغربي بشكل عام، وهذا ما يجعلها مسموعة ومقبولة لدى الجانب العربي لوقوفها إلى جانب حقوقه المشروعة، وأقلها إقامة دولته على الأراضي المحتلة لعام 1967 م وعودة القدس الشرقية لتكون عاصمة لتلك الدولة وعودة اللاجئين والنازحين إليها، فروسيا اليوم لاعب نزيه وحقيقي وعادل في كواليس الصراع العربي – الإسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية، كما هي لاعب نزيه وعادل وحقيقي في تداعيات ما يسمّى بالربيع العربي، ودورها الحقيقي والفاعل والمتصاعد في الحدث السوري، للحفاظ على الدولة السورية وعلى الأمن والسلم الدوليين .
mohd_ahamd2003@yahoo.com
هاتف خلوي:- 0795615721 منزل – عمّان :- 5674111
سما الروسان في 11 – 12 – 2016 م.