يعاني سكان مدينة غزة ومخيم جباليا للاجئين من حصار فوق الحصار، بعد عزل المكانين عن بقية قطاع غزة وتطويقهما من القوات الإسرائيلية، بعد 3 أسابيع من الحصار والقصف للقطاع بأكمله.
ويرتقب السكان وقوع معركة ضارية في أحيائهم مع عدم وجود ما يكفي من الكهرباء أو الوقود، ومع بقاء بضعة مستشفيات فقط في الخدمة وسط غارات جوية وقصف مدفعي بلا هوادة.
وقال أبو عبدالله الذي يسكن في مدينة غزة: “لا ينام أحد بوجود القصف، يواصل أبنائي القفز والبكاء عند كل غارة جوية”.. ويقيم أبو عبدالله في مخيم جباليا مع أقاربه بعد قصف منزله في مدينة غزة.
وأمرت إسرائيل جميع المدنيين بمغادرة شمال قطاع غزة الشهر الماضي، وقالت في رسائل أسقطتها بطائرات هليكوبتر إن من سيبقى ربما يُعد من مسلحي حركة حماس.. وعزل جيشها شمال القطاع هذا الأسبوع، وقال أمس الخميس، إنه طوّق مدينة غزة ومخيم جباليا مع استمراره في قصف مواقع في الجنوب.. ورفض كثير من سكان مدينة غزة الرحيل، وأشاروا إلى تلك الهجمات وما تثيره من مخاوف من أنهم لن يُسمح لهم بالعودة إلى منازلهم لاحقاً.
وقال أبوعبدالله الذي لم يفصح عن اسمه الكامل، مخافة انتقام الإسرائيليين منه: “نحن الآن محاصرون، لكننا في وطننا”، واتهم إسرائيل بشن حرب تجويع على شعب غزة.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس التي تسلل مقاتلوها عبر الحدود الإسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي، وقتلوا 1400 شخص واختطفوا 240 آخرين.. وتقول إسرائيل إن حربها شُنت على جماعة مسلحة، لا الفلسطينيين المدنيين، وتتهم حماس بالاختباء في مناطق سكنية لاجتذاب الهجمات على المدنيين.
وتقول السلطات الصحية في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، إن قصف إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي، قتل 9227 شخصاً منهم 3826 طفلاً.. وقالت إن الهجمات على جباليا هذا الأسبوع قتلت مئات الأشخاص.
وأظهر مقطع فيديو حصلت عليه رويترز، آثار ما بعد هجوم، الجمعة، على بيت لاهيا بالقرب من مدينة غزة، إذ كانت هناك جثث ملطخة بالدماء ومحفوفة بالتراب وإخراج رضيع من سيارة إسعاف، وأظهر أيضاً فحص المسعفين للمصابين المستلقين على أرضية المستشفى وهم يتألمون.
عجز في الإمدادات
وقطعت إسرائيل إمدادات الوقود والكهرباء عن غزة مباشرة بعد هجوم السابع من أكتوبر الماضي، وقالت السلطات الصحية في غزة إن معظم الخدمات الطبية قد تتوقف، وتقول إسرائيل إن حماس أخذت الوقود من المستشفيات.
ولا تصل الإمدادات الغذائية والطبية التي تأتي عبر معبر رفح الحدودي مع مصر منذ الأسبوع الماضي إلا إلى الأجزاء الجنوبية من غزة، وقال أبو عبدالله عبر الهاتف إن “الغذاء مشكلة والمياه مشكلة أكبر، ولا يوجد وقود أو كهرباء فيما عدا بضع ساعات يحصلون عليها من الألواح الشمسية”.
وفي الأجزاء الجنوبية من القطاع، يعني نقص المياه النظيفة أن كثيرين من الناس بدأوا باستخدام مياه البحر للاستحمام والتنظيف، واكتظاظ المستشفيات ونقص الوقود يعني أن الأطباء يجدون صعوبة شديدة في مساعدة المرضى والجرحى.
وعلى الشاطئ في دير البلح، بين مدينة غزة ومدينة خان يونس الجنوبية الرئيسية، كان هناك مجموعة من الأطفال يغترفون الماء من البحر، بينما عكف رجال على غسل أواني الطهي، وقال علاء البرديني، أحد سكان دير البلح، إن الأطفال يستحمون في مياه البحر المالحة ولا توجد مياه عذبة لتنظيف أجسادهم من الملح.
وتقول إسرائيل إنها أعادت إمدادات المياه إلى جنوب قطاع غزة، بعد أن قطعتها في البداية، لكن السكان يقولون إنه لا توجد مياه تقريباً، ومن دون كهرباء لا يستطيع الناس تشغيل مضخات لسحب المياه من الآبار أو رفعها إلى المنازل.
وتمتد طوابير الانتظار طويلاً عند المخابز وينتظر الناس ساعات للحصول كميات صغيرة من الخبز، وقال حسين النادي أمام أحد المخابز في خان يونس إنه يقف منذ الفجر في طابور للحصول على الخبز، وإن الوضع أصبح لا يحتمل، ومع امتلاء المستشفيات، بدأ الطبيب حسن زين الدين يزور مدارس الأمم المتحدة التي تؤوي آلاف النازحين.. ومع الافتقار للوقود، يقطع رحلة طولها 15 كيلومتراً بالدراجة.
وقال زين الدين إن “القصف أضر ببعض أجزاء من الطريق، ومن ثم يضطر إلى حمل الدراجة حتى يتجاوز الجزء المعطوب من الطريق ثم يستأنف الرحلة”.
“حصار” فوق الحصار.. فلسطينيون في شمال غزة يواجهون “قصفاً” إسرائيلياً عنيفاً
الجريدة نت - رويترز