شهدت الليرة اللبنانية اليوم الثلاثاء انهياراً جديداً تمثل بهبوطها إلى مستوى الـ 100 ألف ليرة للدولار الواحد، في تكملة لمسار المعاناة الذي تعيشه لبنان سياسياً واقتصادياً منذ نهاية 2019.
وتزامناً مع المستوى القياسي الذي وصلت إليه الليرة، استأنفت المصارف اليوم إضرابها المفتوح مرجعة ذلك إلى القرارات القضائية التعسفية بحقها، ما ينذر بمواصلة انهيار قيمة الليرة خلال الأيام المقبلة.
وخسرت الليرة قرابة 95% من قيمتها أمام الدولار منذ 2019، ومنذ مطلع الشهر الحالي بدأ اعتماد سعر صرف رسمي جديد يبلغ 15 ألفاً مقابل الدولار مقارنة مع 1507 ليرات سابقاً.
وفي أوائل فبراير الماضي، رفع المصرف المركزي السعر الرسمي لصرف الدولار إلى 15000 ليرة لبنانية، وذكر أنه في أول مارس الجاري، عندما وصل سعر صرف الليرة اللبنانية في السوق الموازية إلى 90 ألف ليرة لبنانية، تدخل البنك المركزي وقتها، معلناً أنه سيبدأ بيع الدولار نقداً بسعر 70 ألف ليرة على منصته صيرفة ابتداء من الثاني من مارس الجاري.
وأدى هذا التدخل إلى تراجع الدولار وقتها إلى دون الـ80 ألفاً في السوق الموازية، ليعود بعد ذلك الدولار بالارتفاع مجدداً مقابل العملة المحلية اللبنانية، حيث وصل سعر الصرف اليوم 100 ألف ليرة للدولار الواحد بالسوق الموازية.
ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وتوقف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار، ما سبب تظاهرات عنيفة وعمليات اقتحام للبنوك من قبل المودعين للحصول على أموالهم.
وعادت المصارف إلى إقفال أبوابها مجدداً بعد تعليق إضراب مفتوح لمدة أسبوع، وتنفذ المصارف إضراب احتجاجاً على ما تصفه بازدواجية المعايير بتعامل القضاء معها، بعد أن صدرت أحكاماً لصالح مودعين ضد مصارف بعينها.
وحددت المصارف يوم 14 مارس الجاري لعودة الإضراب، وأكدت 3 مصادر إغلاق البنوك أبوابها، وهو ما يمنع الوصول للدولار من خلال البنوك وبالتالي يرتفع عليه الطلب في السوق السوداء وارتفاع سعره.
ويأتي قرار الإضراب بعد إصدار أحد القضاة في بيروت قراراً يقضي بأن يدفع بنك “ميد” مبلغ 210 آلاف دولار نقداً، لأحد مودعيه، تحت طائلة ختم المصرف بالشمع الأحمر، وهو القرار الذي رأت فيه جمعية مصارف لبنان أنه تعسفي.
وأكد الأمين العام لجمعية مصارف لبنان فادي خلف: أن “عودة المصارف للإضراب سببه ازدواجية المعايير، وبعض الخلل بتصرفات السلطة القضائية”، موضحاً أنه لا يمكن إلزام المصارف بقبول تسديد المقترضين لأقساطهم الدولارية، عبر شيك مصرفي أو بالليرة اللبنانية، حسب سعر صرف 1500 ليرة للدولار الواحد، في حين يتم إلزام المصارف من خلال أحكام قضائية، بتسديد الودائع للزبائن بالعملة الأجنبية نقداً.
ويواجه لبنان منذ أكثر من 3 سنوات سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية، صاحبها فرض قيود على سحب أموال المودعين بالعملة الأجنبية، وكان المودعون قد طالبوا بسحب أموالهم بالقوة من عدد من المصارف خلال العام الماضي، وبلغ غضب عشرات المودعين الذروة الشهر الماضي حيث تظاهر عدد من اللبنانيين في 16 فبراير، أمام بعض المصارف اللبنانية التي أغلقت أبوابها بالفعل نتيجة الإضراب الذي دعت إليه جمعية المصارف اللبنانية.
وأفاد رئيس جمعية المصارف اللبنانية، نهاية الأسبوع الماضي لوكالة رويترز، أن البنوك التجارية في لبنان ليست لديها سيولة كافية للسداد للمودعين. وأضاف “الأرقام تبين بما لا يقبل الشك بأن لا سيولة لدى المصارف”. وتعزز هذه التصريحات الاحتمالات بشأن إعلان البنوك اللبنانية إفلاسها الفترة المقبلة، وبالتالي تبخر أموال المودعين، خاصة في ظل الأزمات الأخيرة التي شهدها القطاع المصرفي في البلاد.
يشار إلى أن العملة المحلية اللبنانية فقدت أكثر من 98% قيمتها منذ أن بدأ الاقتصاد في الانهيار في 2019، مستنزفة خزائن الدولة كما عانت الخدمات العامة نتيجة لذلك مع إضراب المعلمين في المدارس عن العمل لأسابيع.
شيماء بهلول