وانتشرت صورهما يبتسمان إلى جانب الرئيس التركي الذي حافظ على ملامح وجه صارمة في وقت قدم له فيه غوندوغان قمصياً كتب عليها “إلى رئيسي، مع الاحترام”.
أثارت الصور غضباً واسعاً في ألمانيا من انتماء اللاعبين، ولم يهدأ الغضب إلى الآن بل وتعرضت سيارة غوندوغان للتخريب.
في تركيا أيضاً كانت الصور مثيرة للجدل حيث شعر البعض بأن اللاعبين أعطيا انطباعاً وكأن أردوغان يتمتع بسحر خاص في وقت أصبحت فيه قوته المطلقة أمراً من الماضي. لكن ذلك لا يمثل الرأي العالم الغالب.
بما أنه قضى في الحكم 15 عاماً بين رئاسة الحكومة ورئاسة الدولة، يبقى أردوغان أكثر سياسي محوري في تركيا منذ مصطفى أتاتورك، وربما الأكثر إثارة للانقسامات. مع استعجاله توسيع صلاحياته الرئاسية، وسع أردوغان مدى معارضيه أيضاً.
للتفتيش عن مستقبل بعده
وفي وقت يستعد فيه للمطالبة بجائزته السياسية في انتخابات 24 يونيو(حزيران)، يتحرك معارضوه لعرقلة انتصاره. ربما لا ينجحون في منع أردوغان من الوصول إلى القصر الرئاسي لكنهم قد يؤذون سمعته التي بناها بعناية ليبدأ الأتراك بالبحث عن المستقبل بعده.
تمكن أردوغان من التفوق على خصومه منذ شهرين بتقديم موعد الانتخابات من نهاية 2019 وإجرائها في هذا الشهر. بهذه الخطوة كان الرئيس التركي حذراً. تبقى شعبيته عالية في تركيا وعلاقته مع روسيا وإيران جيدة. وقلّا كان نفوذه في الشرق الأوسط قوياً لهذه الدرجة كما أن منافسيه السياسيين الجديين ليسوا كثراً. لكنّ هذا المسار قد يتغير بسهولة.
فالاقتصاد الذي بنى أردوغان سمعته عليه متعثر. وأثار تدفق ثلاثة ملايين لاجئ سوري التوترات، بينما عزز سجن الرئيس التركي الصحافيين والقضاة ومناهضيه المعارضة الداخلية والانتقادات الأجنبية.
أما علاقاته مع القوى الأوروبية مثل ألمانيا فمتصدعة في وقت لا يزال مواطنون أتراك يأملون في الدخول إلى الاتحاد الأوروبي. لو انتظر أردوغان طويلاً لكان هنالك احتمال أن تفلت الرئاسة من يده.
استراتيجية بطيئة
خسرت المعارضة التركية مراراً أمام أردوغان وحزبه. يرى الرئيس التركي أن فوزه مضمون ورفض حتى إجراء مناظرة تلفزيونية مع منافسه الأساسي. وفي الاستفتاء الذي جرى السنة الماضية، لم تستطع المعارضة أن تفوز ب “لا” لتوسيع صلاحيات الرئيس لكن هامش فوز أردوغان كان ضيقاً.
إنه جزء من استراتيجية بطيئة في صياغة مقاومة ضد أردوغان عبر إظهار أنه رئيس يُمكن قهره، وقابل للتغيير. هذا ما ستسعى إليه المعارضة مجدداً يوم الأحد وسيكون لها هدفان أساسيان: ضمان منع أردوغان من الفوز منذ الدورة الأولى بحصوله على أقل من 50% من الأصوات، وإثبات أن شعبيته تتآكل، والفوز بالانتخابات التشريعية التي تجري في اليوم نفسه.
وعود انتخابية من المعارضة
سيكون محرم إنجيه، من حزب الشعب الجمهوري، حزب أتاتورك، المنافس الأساسي لأردوغان في الانتخابات الرئاسية. يأمل إنجيه توسيع حصة حزبه النيابية التي تصل إلى 25% من المقاعد وهي تقارب نصف النسبة التي يتمتع بها حزب العدالة والتنمية.
إن حرمان أردوغان من غالبيته النيابية سيضعف رئاسته وسيبقى أفضل فرصة للمعارضة للإضرار بحكمه. وحتى ميرال أكشنير، وزيرة الداخلية السابقة صاحبة الكاريزما والتي يُشار إليها أحياناً على أنها منافسة رئاسية، تأمل أن يوسع “الحزب الجيد” الذي تترأسه حصته النيابية البالغة حالياً ستة مقاعد.
وأثبتت أكشنير أنها متحدثة بارعة ومتمتعة بقاعدة شبابية بارزة. وعرضت سياسات تهدف إلى الدفاع عن حقوق المرأة ووعدت بزيادة نسبة النساء في القوى العاملة من الثلث إلى النصف. وعرض حزب الشعب أن يفرض كوتا للنساء في المناصب الحكومية بنسبة 33%.
حزب “أوقفوا أردوغان”
هنالك رغبة جامحة لدى معارضي أردوغان لهزيمته لدرجة أنهم يعملون مع بعضهم بطرق غير اعتيادية. التحالف الوطني الذي سيشكل المعارضة الرئيسية سيضم حزب الشعب الجمهوري الليبيرالي العلماني، الحزب الجيد القومي وحتى حزب السعادة الإسلامي.
وزار أعضاء من حزب الشعب زعيم حزب الشعوب الديموقراطي الكردي صلاح الدين دميرطاش المسجون والمترشح للرئاسة من داخل سجنه. أصبحت المعارضة التركية حزب “أوقفوا أردوغان”.
دروس قيّمة
من المرجح أن يفوز أردوغان ويحصل على سلطات جديدة على حساب البرلمان والقضاء. لكن سيكون معارضوه قد تعلموا دروساً قيمة في مواجهته. وأكد بروز أكشنير أنه يمكن لسياسيين آخرين أن يقارعوا الرئيس التركي من حيث الكاريزما والقرب من الحشود. فتواصل حزب الشعب مع المجتمع الكردي ووسع آفاقه الفكرية كما تقبل الأحزاب الدينية في التحالفات التي قد يُكتب لها الاستمرار. بعد 15 سنة في الحكم، يريد أردوغان من مناصريه الاعتقاد بأنه لا يزال في بداية مساره السياسي. لكن لو تمكنت المعارضة من زرع بذور الشكوك، فقد يستنتج مؤيدوه أنفسهم أن خمس سنوات أخرى لرئيس مثير للانقسامات ستكون كافية.