كشفت صحيفة إماراتية عن انتشار جرائم ابتزاز وتهديد واغتصاب مرعبة تتعرض لها فتيات في دولة الإمارات، تبدأ من خلال استدراجهن بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي.
ما ذكرته الصحيفة ليس بالأمر الجديد؛ فالإمارات باتت تحسب واحدة من أشهر بلدان العالم التي تشتهر فيها تجارة الجنس، لكنه يؤكد مجدداً أن هذه البلاد لم تلتفت لتقارير حقوقية وإنسانية دولية طالبتها بحماية حقوق البشر والكف عن انتهاك كرامتهم.
ففي تقرير خاص نشرته صحيفة “الإمارات اليوم”، الأحد، نظرت محاكم الدولة في العديد من قضايا الابتزاز الإلكتروني التي وقعت بين “صديقين”؛ نتيجة إيهام طرف لطرف آخر بالحب، والرغبة في الارتباط به، والحصول منه على صور خاصة، أو استدراجه إلى أماكن بعيدة والاعتداء عليه.
وانتهت قضايا كثيرة بمعاقبة المتهمين، في حين لا يزال بعضهم موقوفاً إلى أن تنتهي محاكمته، بحسب الصحيفة.
وجاء في التقرير أن دائرة القضاء في أبوظبي أوردت ضمن تقارير “قصص وعبر من محاكم أبوظبي”، التي تصدرها بصفة دورية للتوعية والتنبيه، قضية فتاة في الـ18 من عمرها، اختطفها شاب تعرفت إليه من خلال أحد مواقع التواصل الاجتماعي. وخلال حضورها عرس قريبة لها، اتصل بها وطلب أن يراها، خصوصاً أنها ستكون عروسه في المستقبل القريب.
وأضاف التقرير أن الشاب والفتاة اتفقا على أن يأتي إلى مكان إقامة العرس وينتظرها خارجاً، حيث سيكون في وسعه أن يراها خمس دقائق فقط، حتى تعود قبل أن يتنبه أحد لغيابها.
وقالت المجني عليها في أوراق القضية، إنه طلب منها الصعود إلى مركبته، وما إن استجابت له حتى تحرك مسرعاً، مغادراً المكان، مشيرة إلى أنها اعتقدت في البداية بأنه يمازحها، فطالبته بالتعقل وتخفيف السرعة.
لكنها أيقنت بعد ذلك أنها في خطر، وأنه ينوي بها شراً؛ إذ اتجه بمركبته إلى منطقة نائية، واعتدى عليها، ثم أعادها إلى المكان الذي اصطحبها منه.
وقالت إنها لم تستطع أن تصمت بعد عودتها إلى العرس؛ فسارعت إلى إخبار أسرتها بما تعرضت له.
وكشفت التحقيقات في القضية عن ترصد أشقاء المجني عليها للجاني، حتى تمكنوا من تصيده، وأوسعوه ضرباً، وتسببوا له بإصابات عدة، اعتبرها الطب الشرعي “عاهات مستديمة”.
وعندما بدأت التحقيقات اعترفوا أمام النيابة بالواقعة، وكشفوا سبب اعتدائهم عليه، فوجهت النيابة للشاب تهمة الاغتصاب، في حين وجهت لأشقاء الضحية تهمة الضرب المفضي لعاهات مستديمة.
وأدانت المحكمة المتهمين بالتهم المسندة إليهم، وحكمت على الشاب بالسجن 15 عاماً، وحُكم على أشقاء الضحية بالحبس سنة مع إلزامهم بتأدية الدية الشرعية.
الصحيفة الإماراتية تطرقت في تقريرها إلى قضايا أخرى، مشيرة إلى أن محكمة نقض أبوظبي أيدت أحكام إدانة صادرة في حق متهم من جنسية عربية، انتحل صفة مواطن، وعكف طوال ستة أشهر على ابتزاز فتاة خليجية بنشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي، فتحصل منها على مبلغ كبير من المال.
وأشارت التحقيقات إلى أن المتهم لم يتوقف عن ابتزاز المجني عليها، وطالبها بمزيد من الأموال؛ ما دفعها إلى إبلاغ الشرطة بالواقعة، فحدّدت هوية المتهم وقبضت عليه.
وفي واقعة ثالثة، نظرت المحكمة في قضية شاب، عربي الجنسية، عاطل عن العمل، قبض عليه بتهمة ابتزاز وتهديد فتاة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت المجني عليها تعرفت إليه عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وتواعدا على الارتباط بعدما نشأت بينهما قصة حب، وتبادلا الصور. وبعد ذلك، بدأ بتهديدها بالفضيحة، وحصل منها على مبلغ 2000 دولار، مسبباً لها حالة من الرعب.
سجل سيئ الصيت
ولا تمثل هذه القضايا التي تطرق إليها تقرير الصحيفة الإماراتية سوى حلقة ضمن سلسلة حلقات من قضايا مختلفة تتعلق بقضايا الاغتصاب وتجارة “الجنس”، التي تدعمها مؤسسات الدولة في الإمارات؛ من خلال الانفتاح غير المحدود بهدف جعل البلاد قبلة للسياحة والتجارة والاستثمار، بحسب ما تكشف عنه تقارير منظمات حقوقية وإنسانية دولية.
ففي أواخر 2017، أطلقت مؤسسات حقوقية غربية حملة دولية لمقاطعة الإمارات، تستهدف تعريف الرأي العام الغربي بالوجه الحقيقي للبلد الذي يسوِّق نفسه على أنه واحة السعادة ورعاية حقوق الإنسان بالمنطقة، الغارقة في الحروب والانتهاكات.
وبحسب الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات (ICBU)، فإن أبوظبي تمتلك سجلاً سيئاً في مجال حقوق الإنسان، مثل تسهيل الاتجار بالبشر، والعبودية الحديثة للعمالة، فضلاً عن استغلال العاملات في البغاء طوعاً أو جبراً.
وكانت منظمة “هيومان رايتس ووتش” الحقوقية الدولية نشرت تقريرها السنوي لعام 2015 بعنوان: “الإمارات العربية المتحدة.. القمع على الجبهات كافة”.
وسبق أن قالت وزيرة السعادة الإماراتية، عهود الرومي، إن تحقيق السعادة في الإمارات يشمل جميع فئات المجتمع، وإنه “ليس حكراً على المواطنين”.
واستحدثت الإمارات وزارة للسعادة في عام 2016، غير أن تقارير صحفية، عربية وغربية، تؤكد أن ثمة قطاعات كبيرة لا تطولها أعمال هذه الوزارة، فضلاً عن أن وجود وزارة للسعادة لم يحُل دون وقع انتهاكات شديدة وبغطاء قانوني.
العمل في الدعارة
الإيقاع بالفتيات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي متطور بشكل أكبر مما هو متوقع؛ هذا ما تؤكده صحيفة “البيان” الإماراتية، التي قالت، في أكتوبر من عام 2014، إن إحدى النساء العربيات فوجئت لدى قدومها إلى الدولة للعمل في أحد صالونات التجميل النسائية، بأن الوظيفة التي جاءت من أجلها بواسطة امرأة من بلدها هي “العمل في الدعارة”.
وذكرت أن “الوعود المنمَّقة” التي اهتدت بها لاتخاذ قرار غُربتها ما هي إلا أساليب احتيال وخداع لتوريطها في براثن شبكة اتجار بالبشر، بقصد استغلالها جنسياً، وإجبارها على ممارسة أعمال منافية للآداب مع الراغبين دون تمييز.
وفي يوليو 2017 عرضت قناة “الجزيرة” الإخبارية تقريراً لصحيفة أوروبية، كشفت فيه عن إجبار الإمارات للفتيات القاصرات على ممارسة الدعارة، قائلة إنها وجدت أن اقتصاد البلد يعتمد بنسبة كبيرة جداً على الدعارة الدولية.
ونقل التقرير عن فتاة في عامها الـ19، أنها “تمارس الدعارة يومياً مع أكثر من 30 رجلاً بالإمارات رغماً عنها؛ لتربح المال ولدعم سياحة واقتصاد البلاد”.
وتحدث مواطن إماراتي في التحقيق عن أن الحكومة الإماراتية تجلب فتيات من الهند والصين وشرقي أوروبا وروسيا وأفريقيا، وتحتجزهن بشقق الدعارة سنواتٍ طويلةً دون أن يغادرنها.
وأكد مواطن آخر أن الدعارة بالإمارات ليست كأي مكان في العالم، قائلاً إنها شبكات دعارة دولية منظمة داخل الشقق، وليست بالشوارع كسائر بلدان العالم.
وثمة تقارير كثيرة تتحدث عن فنادق دبي ومساكنها التي تحولت إلى نوادٍ للجنس؛ بل وعن شوارعها التي أصبحت رصيفاً لراغبي المتعة الحرام، وراغبات تحصيل المال بأقصر الطرق وأكثرها مهانة.
ونشرت فتاة سنغافورية، تدعى “سات”، مقطع فيديو قالت فيه إنها موظفة إدارية في مجال العلاقات العامة بإحدى شركات دبي، وإن وظيفتها التي تحقق منها عوائد محترمة لم تمنعها من دخول عالم الدعارة المغري والمربح، وفق قولها.
وتقول سات: “إن الأشخاص يدخلون في مجال الدعارة دون معرفة نتائجها، حيث تصبح المهنة عبارة عن تجارة جذابة ومربحة، وبالإمكان كسب كثير من المال”، مضيفة: “كنت أتساءل: كم يكون سعري يا ترى؟ وكم من المال يمكنني كسبه؟”.
وتضيف الشابة السنغافورية: “بوجود الكثير من الرجال هنا فإن الدعارة تجعل دبي مكاناً أكثر أماناً؛ لأن الجنس عبارة عن تجارة، لا تسبب أي مضايقة من قِبل الجهات المسؤولة”.
ويقول ناشطون في مجال حقوق الإنسان بالإمارات، إن نشاط الدعارة في دبي “ضروري لجلب الاستثمارات والمستثمرين، وإن الحكومة تسعى للحفاظ على هذا النشاط مهما كانت الوسيلة”، بحسب تحقيق سابق نشرته “بي بي سي”.
وكان ضاحي خلفان، نائب رئيس شرطة دبي وعضو المجلس التنفيذي للإمارة، اعترف في لقاء تلفزيوني سابق، بانتشار الدعارة في دبي، معتبراً أنها “بلوى عامة”.
وتقول إحصائيات إن أكثر من 80% من سكان إمارة دبي أجانب، من بينهم ما لا يقلّ عن 2% من العاهرات، وفق ما ذكره موقع “ميدل نيوز” العبري.
وسبق أن نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريراً بعنوان “الحياة الليلية في دبي”، تحدث فيه الصحفي ويليام بتلر عن الحياة الجنسية في إمارة دبي، بعد أن عاش فيها أربع سنوات كاملة.
وقال الصحفي البريطاني: “من المستحيل الحصول على عدد العاهرات في دبي؛ لأن السلطات لن تقدم أبداً مثل هذه الأرقام، كما أنه من الصعب أيضاً حساب العاهرات المتخفيات أو اللاتي يمارسن الجنس في أوقات الفراغ”.
لكن إحدى الإحصائيات، بحسب بتلر، تشير إلى وجود نحو 30 ألف عاهرة في دبي عام 2010! ولو قارنّا هذا الرقم ببريطانيا، لكان ذلك يعني أن سكان غلاسكو وليدز كلتيهما يمثلون عدد العاهرات في دبي، وفق قوله.
وفي عام 2009، كشفت المصورة الصحفية البلغارية ميمي تشاكاروفا، التي قضت سبعة أعوام في التحري عن تجارة الجنس بالعالم، أن حركة الاتجار بالنساء قد تكثّفت تجاه إمارة دبي، حيث تُقدِّر وزارة الخارجية الأمريكية عدد النساء اللائي يُجبَرن على الدعارة فيها بنحو 10 آلاف امرأة.
صحيفة “إيران أمروز” أيضاً، سلطت الضوء على ظاهرة الدعارة في دبي، وقالت إن شبكات منظمة تهرِّب الإيرانيات إلى دبي بذريعة العمل، ومن خلال تصوير الحياة هناك بالجنة القريبة أو الجنة المتاحة للجميع.
وفي يوليو 2017، دشن نشطاء على موقع “تويتر” وسماً تحت عنوان #أوقفوا_الدعارة_في_دبي، مطالبين النظام الإماراتي بالكف عن ملاحقة النشطاء والسياسيين، والالتفات إلى شؤون الدولة التي وصلت أوضاعها إلى الحضيض بعد انتشار الجرائم والشذوذ والدعارة في مختلف مناطقها.