كيف نتضامن مع حراك الرّيف؟

الجريدة نت9 يونيو 2017
كيف نتضامن مع حراك الرّيف؟

عبدالرحمان النوضة /تحية طيّبة وبعد، في موضوع ’’ما العمل للتضامن مع حراك الرّيف؟’’، الجواب هو أن تناضل جماهير كل جهة أو مدينة من أجل نفس الأهداف. وهذا ما نسمّيه التضامن فيما بين الجماهير والجهات. لأن معظم الجهات والمدن تطمح إلى نفس الأهداف (أي المطالبة بوقف القمع، وبالشغل، والتعليم، والعلاج الطبي، والسكن، والنقل الجماعي، والكرامة، والعدل، والحرية).
وتبعًا لاقتراح بعض المناضلين المحترمين، أنا لا أوافق على أن نقول لكل مناضلي المغرب: الاقتراح الوحيد المطروح هو أن تشاركوا في مسيرة 11 يونيو بالرّباط. هذا غير معقول. بالإضافة إلى أنه لا يمكن لمعظم المناضلين والمواطنين أن يسافروا ألى مدينة الرباط. هذا الطرح يريد الاعتماد على المركزية، لكن هذه المركزية غير مبرّرة. لماذا يريد البعض أن يجعل من مدينة الرّباط مركزا لكلّ النضالات؟ لا، الاقتراح السّليم، هو أن نقول للمناضلين في كل المغرب: لِـنُـنَـظِّم جميعا مسيرات مُتزامنة (simultanées)، ودورية، في نفس اليوم (الأحد)، ونفس الساعة (الساعة 10 و/أو 22)، وإذا أمكن بنفس الشعار، في كل مدن المغرب، سواء كانت مدنا صغيرة أم كبيرة. على خلاف ذلك، لنعتبر كل المدن متساوية، وكل الجماهير متساوية. ولا يُعقل أن نجعل من مدينة الرباط قيادة مسبقة، أو طليعة مسبقة.
ويُستحسن أن يكون شعار هذه الوقفات موحّدًا، مُبسّطًا، وقصيرًا، وواضحا، وعمليا. ويمكن مثلا أن يكون الشعار الموحد، لمجمل هذه الوقفات، هو: ’’لا للقمع، نعم لمطالب الشعب، الأسبقية للشّغل، والتعليم، والعلاج الطبي، والسكن، والنقل الجماعي، والحرية، والكرامة، والعدل’’.
إذا أردنا لأي نضال جماهيري مشترك أن ينجح، يجب أن نطبّق فيه أهم الدروس المستخلصة من ’’حركة 20 فبراير’’ (ح20ق). وأبرزها (بتلخيص) ما يلي:
1) يجب أن نشارك في هذه النضالات الجماهيرية المشتركة كمواطنين، أي كمناضلين أفراد، وليس كمؤسّـسات (أحزاب، نقابات، جمعيات، إلى آخره). وإلّا، فإن العصبية الحزبية الضّيقة ستطغى بسرعة على كل شيء، ثمّ سَـتُفشله. ومن بين أسرار نهضة حركة 20 فبراير، أنها لم تكن حركة مؤسّـسات، أي حركة أحزاب، أو نقابات، أو جمعيات، وإنما كانت حركة مواطنين تجرّؤوا على خوض النضال الجماهيري المشترك.
2) يجب أن تكون أهداف النضال الجماهيري المشترك هي خدمة مصالح الجماهير الشعبية الملموسة (أي وقف القمع، الشغل، التعليم، الصحة، السكن، النقل الجماعي، الكرامة، الحرية، العدل)، وليس خدمة أهداف الأحزاب، أو النقابات، أو الجمعيات. وفي الأصل ، خُلق الحزب لكي يخدم مصالح الجماهير، وليس الجماهير هي التي يلزمها أن تخدم مصالح الحزب. وكمثال، نحن نرفض الآن الانشغال بإشكاليات الأحزاب السياسية (مثلا سقف الملكية البرلمانية، أو سقف الصحراء مغربية، أو سقف التقيّد بالانتخابات، إلى آخره). هذه أمور لا تهمّنا حاليا. بل إنها خارجة عن الموضوع المطروح. وما يهمّنا حاليا، وما يوحّدنا، هو الرغبة في النضال المشترك من أجل تحقيق مطالب الجماهير المذكورة سابقًا (أي: وقف القمع، والشغل، إلى آخره). وبعد تحقيق هذه الأهداف إلى حدّ متقدّم، يمكن في المستقبل أن نناقش، وبشكل مواز للنضالات الجماهيرية المشتركة، أية قضية سياسية أخرى مقترحة للنقاش.
3) الزعامة مرفوضة. لا نريد أيّ شخص، ولا أية جماعة، تخدم بناء زعامة محدّدة. ولا نسمح لأي كان، بأن يستثمر النضالات الجماهيرية المشتركة لبناء زعامته، أو شهرته، أو حظوته.
4) لا يُعقل، ولا يقبل، من أية قوة سياسية، أن تحاول فرض نفسها كَ ’’قيادة’’، أو كَ ’’طليعة’’، لهذا النضال الجماهيري المشترك. ويشترط في قيادة النضال الجماهيري المشترك، أن تنبثـق من المناضلين المساهمين في خوض، وفي تنظيم، وفي تدبير هذا النضال. كما يجب أن تظل هذه القيادة الميدانية خاضعة للنقد، وللمحاسبة، وللتغيير.
5) لا يحقّ للمناضلين المتحزّبين أن يحاولوا، بشكل فوقي، احتكار كلّ شيء في هذه النضالات الجماهيرية المشترك. بل يجب أن نشجّع المواطنين العاديين على المشاركة، وعلى المبادرة، وعلى الإبداع، وعلى المساهمة في التنسيق، وفي تحمّل المسؤوليات، في هذه النضالات الجماهيرية المشتركة. (مع الحرص طبعًا على الحذر من العناصر البوليسية المُندسّة). ومن حقّ مجمل المناضلين المحزّبين أن يساهموا في تأطير المواطنين غير المحزّبين، لكن من غير المرغوب فيه أن يسيطر المناضلون المحزّبون على كلّ شيء. وكل مناضل يحظى بثقة وتقدير الجماهير المشاركة في النضال، لكي يتحمل أية مسؤولية معيّنة في هذا النضال، فمرحبا به.
6) يجب على كل المناضلين أن يعرفوا جيّدًا أنه كلّما حاول حزب، أو جمعية، أو نقابة، أو شخص، أو مجموعة ، أن يستثمروا النضال الجماهيري المشترك، لخدمة أغراض حزبية خاصّة بهم، فإن هذه الجماهير الشعبية تهرب فورا من هذا النضال. لأن هذه الجماهير تقول لك: ’’هل نحن جئنا لكي نخدم مصالحنا، أم أننا جئنا لخدمة مصالح جهات أخرى؟’’
آمل على الخصوص أن أكون مفهوما.
مع تحيات التقدير والاحترام. عبدالرحمان النوضة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.