أنا لست مع بشار الأسد، ولكن…؟

الجريدة نت20 أبريل 2018
أنا لست مع بشار الأسد، ولكن…؟

إذا لم نُسهب في أحاديثنا، حول ما جرى ويجري في سوريا الشقيقة من جرائم وأهوال، مهما كان الفاعل والمفعول به، فليس لأننا كنا نتجاهل ما يحدث هناك أو لأننا فرّطنا في دماء إخواننا أو خذلناهم. بل لأننا عشنا الفتنة في الجزائر، ولا نريد لأشقائنا أن يقعوا في نفس المكيدة، وفي نفس التجربة المريرة التي وقع فيها أبناء الجزائر، حتى أصبح أبناء العائلة الواحدة يتقاتلون فيما بينهم. ولا أن يرتووا بنفس الكأس المسمومة التي شرب منها الجزائريون وكادت أن تُحرق الجزائر باختصار.
لا نريد أن نزيد بوقوفنا مع طرف ضد آخر، من لهيب الحرب، وندفع الى مزيد من سقوط الأرواح والضحايا. وإن شئتم الاستفادة من تجربتنا، طالعوا كتابي: المصالحة الجزائرية – “خيارات التغيير” وماذا سيترتب عن كلّ خيار.
وأعتقد موقنا أن بعض الاخوة في سوريا، تفطنوا في المدّة الأخيرة لبعض المرتزقة الذين كانوا بالأمس القريب يظهرون لهم الودّ، وهم في الحقيقة، يتاجرون بدمائهم ويبيعون معلوماتهم حتى ولو لم يعلنوا ذلك في وسائل الاعلام.
ولو استمعوا لتحذيراتنا لوفّروا الكثير من الارواح والممتلكات وأحبطوا المؤامرة.
هناك من يقول: لماذا لم تتحرّكوا عندما كان الجيش الرّوسي يستهدف المدنيين في سوريا، ويضرب ويقصف ويبيد وأحرق الحرث والنسل؟ ولمّا تحركت أميركا اليوم باستهدافها بعض المنشآت فاستيقظ ضمير العروبة الغائب؟
هؤلاء الحمقى يعملون لصالح أميركا ومن معها، سواء بعلم أو بدون علم. كان على طارحي هذا السؤال، أن يسألوا أنفسهم، إذا كانوا فعلا يريدون الحقيقة والاستفادة: هل كان وضع سوريا، وليبيا، واليمن قبل ما يسمى بـ”الربيع العربي” هو ما هي عليه سوريا، واليمن، وليبيا الآن؟
أنا أطرح السؤال من الواقع ولست هنا أدافع عن الأنظمة. فمواقفي معلنة وموثقة قبل وبعد ما يسمى بالربيع العربي.
هل قبل أن يبدأ الصراع في سوريا، كان الجيش الروسي هناك؟ من جاء بالمسلحين من كل بقاع العالم وأراد بناء دولة على مقاسه؟ وحرك العالم بأسره من خلال الاستعداء؟
لماذا لم تتحرك مشاعر هذه الجماعات المسلحة، مهما كانت خلفياتها، والواقفين معها، تحت أي غطاء والشعب الفلسطيني يُذبح ويُسلخ؟ ولماذا لم تضرب أميركا ومعها الحلف الأطلسي، إسرائيل؟
من كان يدعم في المقابل المقاومة في فلسطين؟ ومن يعتبرها ارهابية؟
أنظروا وضع اليمن، وانظروا وضع ليبيا، وانظروا وضع سوريا مقارنة بما كان عليه الوضع في السابق. وأعيد وأكرر للسذج أنا لست مع الأنظمة.
انظروا في المقابل وضع دول “عربية” بعينها وماذا جنته؟
يا ترى لماذا تقف أميركا ومن لف لفها، معها؟ هل لأنها دول ديمقراطية وتحترم حقوق الانسان، والتداول على السلطة، أم أن هناك إنّ وأخواتها في الموضوع؟
عندما تدركون الجواب: ساعتها ستفهمون بأن الصراع لا علاقة له بالديمقراطية ولا بحقوق الانسان، وإنما هو صراع على منابع النفط، والغاز، والثروات، والمعادن، والموقع الاستراتيجي وحماية أمن اسرائيل، وتجسيد مشروع الشرق الأوسط الجديد، بأيادي الحمقى والعملاء والمغفلين.
كنت ولاأزال ضد الأنظمة العربية دون استثناء. وتيقنت بعد عيشي في فرنسا، أن الديمقراطية وحقوق الانسان تجسد بينهم. وأن العدالة والحرية والاخوة والتسامح يجسد بينهم. ولا يقصدون بسط الحرية والعدالة والتداول على السلطة في أوطاننا.
أنا من يختار كيف يعارض ومتى. لعنة الله على الديمقراطية التي تذهب بالأوطان وتعيدها الى ما قبل التاريخ.
مع مقتي للأنظمة لا أقبل أن تحتل أي بلاد تحت أيّ مبرّر.
إذا: أنا لست مع بشار الأسد أو غيره، ولكن…؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.