تهديدات "داعش" لكأس العالم 2018

الجريدة نت13 يونيو 2018
تهديدات "داعش" لكأس العالم 2018

سيل التهديدات التي أطلقها تنظيم “داعش” عشية انطلاق بطولة “كأس العالم 2018” الذى يعد أضخم حدث رياضي عالمي. وكذلك حملة التحريض التي باشرها قبل عدة شهور من انطلاق هذه البطولة، تبدو مثيرة للقلق!

وفوق هذا وذاك، كانت إحدى أهم الأكاديميات العسكرية في الغرب قد أشارت في “تقدير استراتيجي” لها حول خطر الإرهاب على بطولة كأس العالم في روسيا، إلى أن العاصمة الشيشانية “جروزنى” هي المقر الرئيسي للمنتخب القومي المصري!

بالنسبة لي بدت هذه الإشارة غير مفهومة، بل مثيرة للريبة! الأمر الذى يشير إلى ضرورة أن يتوخى الجميع الحذر.

والحاصل أن الأشهر الستة الماضية ظهر خلالها سيل هادر من الإعلانات على منصات إعلامية مؤيدة لداعش تهدد بطولة كأس العالم 2018.

على سبيل المثال، في أكتوبر 2017 نشرت مؤسسة “وفاء الإعلامية” سلسلة من الملصقات الدعائية عبر الإنترنت، صورت واحدة منها “إرهابيا” مجهزا بقنبلة يحدق في ملعب لكرة القدم، ومكتوب على الملصق كلمات “يا أعداء الله في روسيا، أقسم إن نيران المجاهدين ستحرقكم، فقط انتظروا”.

وفي 8 مايو 2018، في ملصق صممه مركز النور للإعلام (مجموعة إعلامية فرنسية مرتبطة بداعش)، ونُشر على تيليجرام، بعث الإرهابيون برسالة إلى الذئاب المستوحدة و”الجهاديين الطموحين”، تُظهر الصورة أعلام الدول التي تتنافس في كأس العالم، مكتوبا عليها بالفرنسية”Choisis ta Cible” اختر هدفك.

كما تم تصوير أحد نجوم كرة القدم وهو يبدو راكعًا مرتديا بدلة برتقالية، ينتظر قطع رأسه على يدي “جهادي” مقنع في ملعب “لوزنيكي” في موسكو، حيث من المقرر أن تقام المباراة النهائية لكأس العالم.

صحيح أن هذه الرسائل التهديدية تم نشرها على منصات إعلامية داعمة لداعش، وليس في بيانات رسمية أو خطابات من قبل التنظيم. وبالتالي من الصعب معرفة ما إذا كانت هذه الدعوات نتيجة لقرار من بقي على قيد الحياة من كبار قيادات داعش، بمنح الأولوية لتنفيذ هجمات ضد كأس العالم 2018، أو أنها جهد عفوي من قبل “دعاة” متعاطفين مع داعش، بيد أن كثرتها تشير إلى أنها قد تكون جزءًا من جهد متضافر توجهه يد خفية !

بل يمكن القول إن هناك أربعة أبعاد رئيسية للتهديد الإرهابي في روسيا. هذه الأبعاد الأربعة مجتمعة تشير إلى خطر كبير بوقوع نوع ما من الهجوم الإرهابي خلال كأس العالم 2018.

أولا: هناك تهديدات محتملة لمقاتلين من روسيا ودول الكومنولث كانوا في سورية وعادوا إلى بلادهم مرة أخرى.

إذ تفيد المعلومات المتوفرة بأنه لقد خرج من روسيا وبلدان آسيا الوسطى، ما يقرب من 8500 فرد سافروا للانضمام إلى داعش وغيرها من التنظيمات الأخرى في الشرق الأوسط. ولهذا كانت اللغة الروسية ثالث أكثر لغة (بعد اللغتين العربية والإنجليزية) استخداما في الحديث داخل ما يسمى بـ”دولة الخلافة”. ومع انهيار ذلك الكيان الإرهابي يُخشى من عودة المئات من هؤلاء الإرهابيين. صحيح أنه قد تم القبض على عدد منهم، لكن هناك مخاوف من تمكن آخرين من العودة دون أن يُكتَشَفوا، وربما كانوا يديرون خلايا إرهابية هناك بالفعل.

ثانيا: هناك تهديد محتمل من “جهاديين” في شمال القوقاز.

في 20 يونيو 2015، بايعت الكثير من قيادات “إمارة القوقاز” داعش.

وفي 23 يونيو 2015، أعلن الناطق باسم داعش آنذاك، أبومحمد العدناني، أنه قد تم تعيين أبومحمد القادري، زعيما للجناح الإقليمي الجديد لداعش.

وقد تم تأسيس “ولاية القوقاز” لتغطية جمهوريات داغستان والشيشان وإنجوشيتيا وكاراشاي بالكاريا وكاراتشاي تشيركاسيا ذات الأغلبية المسلمة. ومن المرجح أن يكون هؤلاء القوقازيون متحمسين للاستجابة لدعوات تنظيم داعش للإرهاب خلال كأس العالم.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن أحد ملاعب كأس العالم، سوتشي، يقع بالقرب من الأراضي التي تتطلع “ولاية القوقاز” للسيطرة عليها. وفي الوقت الذي قامت فيه قوات الأمن الفيدرالية الروسية ووزارة الداخلية في السنوات الأخيرة (وبشكل أكبر خلال الأشهر الأخيرة) بتكثيف عمليات مكافحة الإرهاب في جمهوريات شمال القوقاز في داغستان والشيشان وإنجوشيتيا وكباردينو – بلكاريا، يبدو أنه من الصعوبة بمكان السيطرة على هذه المناطق الوعرة، ولهذا ستظل بشكل أساسي بؤرة اضطرابات. بل تقع بعض الأماكن التي ستستضيف مباريات كأس العالم في سوتشي وفولجوجراد وستافروبول بالقرب من هذه المناطق المليئة بالتمرد، والمغمورة بالأسلحة والمتفجرات والمتطرفين.

ثالثا: هناك تهديد محتمل من الذئاب المنفردة أو “البادئين بأنفسهم”

بمعنى أن هناك أيضا خطرا أن تستجيب الذئاب المنفردة (وربما الروس المتحولون إلى الإسلام، ممن تحولوا إلى التطرف تأثرا بدعايات داعش على الإنترنت) لدعوات تنظيم داعش الأخيرة، لتنفيذ هجمات فردية أو بمجموعات صغيرة خلال كأس العالم. حيث كان تنظيم “داعش” يشجع المهاجمين المحتملين على القيام بأي وسيلة ممكنة- بما في ذلك استخدام المركبات والسكاكين خلال البطولة – عبر قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، ومن خلال برنامج تليجرام Telegramلتبادل الرسائل. وقد أفادت وسائل الإعلام الروسية مؤخرا بأنه قد وقع هجوم غير متقن من هذا النوع في مايو 2018، عندما هاجم إرهابي يستلهم داعش المارة بسكين وفأس في ستافروبول، المدينة التي ستستضيف مباريات كأس العالم. وهناك مخاوف لدى المسؤولين الأمنيين الروس من صعوبة تعقب مثل هذا النوع من الهجمات، أو الكشف عن الخلايا النائمة.

رابعا: هناك تهديد محتمل من “جهاديي” التتار والبشكير

أما الاتجاه الرابع، فأقل احتمالا، ولكنه ممكن، فيقع على عاتق متطرفي التتار والبشكير الذين قاموا بأعمال إرهابية منخفضة المستوى أو سافروا للقتال في سوريا وعادوا. خاصة أن بعض المباريات ستعقد في “كازان” عاصمة جمهورية تتارستان.

*وانطلاقاً من القلق من تهديدات كهذه، حثت وزارة الخارجية الأمريكية في يناير عام 2018، المواطنين الأمريكيين على “إعادة النظر” في السفر إلى روسيا لحضور كأس العالم. وذكرت أن “الجماعات الإرهابية تواصل التآمر لتنفيذ هجمات محتملة في روسيا. كما أن شركة الاستخبارات البريطانية IHS Jane قدرت أن هناك مخاطر عنيفة متزايدة على الزوار في المدن المضيفة.

لكن بالمقابل أشار المسؤولون الروس إلى الإجراءات الأمنية الناجحة التي تم اتخاذها في أوليمبياد سوتشي الشتوية لعام 2014، كدليل على قدرات روسيا في مكافحة الإرهاب. ولكن الواقع يقول إن كأس العالم هو حدث أكبر بكثير، وسيشمل 11 مدينة مختلفة و37 موقعا تدريبيا قبل المباراة، بدلاً من واحد فقط، كما كان الحال مع سوتشي.
ولهذا فإن شبكات النقل بين هذه المدن، بما في ذلك القطارات والحافلات والطائرات، ربما ستكون عرضة للهجمات الإرهابية من النوع الذي قام به “الجهاديون” المسلحون من القوقاز في الماضي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.