تعيش مدينة ” تزينت”” جنوب المملكة قضايا متعددة غالبيتها تأتي على خلفيات الفساد السياسي و الاداري و تداخلهما بالنفوذ بشكل مبالغ فيه مما اضحت به الاشكال الريعية تأخذ طابع روتني مقدس يجري في دماء البعض متجاوزين بذالك القوانين و الاخلاق و القيم ، سواء كان من استعمال وسائل الدولة لصالح الذات الخاصة أو من حيث مسلكيات الادارة و استخدمها لتحقيق الثروات على حساب المواطنين ومشاريع الدولة التنموية ، فقد عمدت هذه الفئات الخارجة عن كل التوجهات النبيلة القادمة من الاعلى لاقتناص كل الفرص المتاحة ، بل وصل الحد الى تكييف للقوانين و تجميدها بما تخدم أوداجهم ، بالتالي لم يعد الامر مقتصرا على اعاقة التنمية بمدينة “تزنيت ” و الهدر في الانسان و التنمية بل ترافقت معه غياب فرص العمل للشباب خاصة مما اضطر بجلهم الى المغادرة وكدا الفوارق الاجتماعية بمظاهر الهشاشة ، بهذا المعنى ما هي اليات مواجهة هذا المد المدمر ؟ و ما هي الشروط الموضوعية التي يجب أن تتخذها الدولة في هذا الموضوع ؟
لا بد من الاحاطة في مثل هذه القضايا أن ليس هنا تعميم بل هناك تحديد و قياس و وجهات نظر ربما تختلف ، بل الدعوة الى مؤسسات الدولة للفصل و القطع ، نظرا ما تحمله هذه المسلكيات المخربة للأوطان من الم للإنسان و من ضرر للمسار الديمقراطي التنموي الذي مافتئت الجهات العليا بالمملكة توجهه للأمة كمحددات للتقدم .
نأخذ مثلا مهرجان “المراعي “التي تحتضنه حصرا مندوبية الفلاحة بإقليم “تزنيت ” المفترض أن يكون منارة اشعاعية للإقليم و الجهة و المدينة و فرصة سامحة لتحريك السوق الداخلي و السيولة بما تصاحبه من ايجاد فرص للشغل و لو مناسبتيا في افق ايجاد حلول مع كل الشركاء المتشبعين بقيم الغيرة على الوطن من مسؤولين حقيقين ، لكن يمعن البعض في الغي و انتهاز الفرص بإنشاء طُفيلين لتأسيس متاريس و الاقصاء الممنهج خاصة لأهل المنطقة من كل منافسة _مثال صفقات التجهيز أو تموين المهرجان من اللوجستيك و غيره_ تحت ذريعة كنهها اللهط و بعث اشارات واضحة لكل الفاعلين الاقتصاديين ب”تزنيت ” مشوهة اضافة الى محاولة تكريس قيم الاكرامية لدوائر تعبر بشكل صارخ على عقلية تقوض كل المجهودات التي تبدلوها الدولة و الجهات العليا الرشيدة من توجهات تعمل على نقلنا الى الضفة الاخرى من التنمية و التكامل و التكافل طالما كلنا شركاء بهذا الوطن .
لا داعي مؤقتا التوسع في هذا الانخراط الكلي في تمرير الصفقات و اساليب تحوير القانون ، و لنقتصر على امور نجد انفسنا كسكان المنطقة و فاعلين فيها الى الوقوف عندها بتأمل خاصة الاسراع هذه السنة بإقامة(المهرجان) في غير موعده في الشهر العاشر بدل شهر الحادي عشر ، بعد تهميش كل الفاعلين النظيفين التزنيتين من المشاركة الفعالة … و ليكن كل قارئ كريم قاضيا بمنطق البصيرة في الشبهات المثارة في مهرجان “المراعي ” لموسمه الثالث كأنموذج تعريفي الناجم عن استغلال المنصب و المرابطون على صفقات المهرجان دون الاكثرات حتى بوجود دولة او مراقبين للشأن العام ، و لعل هذه المعطيات ليست صعبة من حيث الصورة و الوضوح و التداخل السياسي و الاداري و تسهيل تمرير الصفقة للبعض ، تكشف بكل تأكيد “الفساد المقنن ” و التزييف لتلك الدعوات بالشفافية بسذاجة … و مع هذا الواقع يعكس افتراضا واحدا “الترويج لثقافة الفساد ” .
و بالرغم من المشاريع و الرؤى المهيكلة ( المخطط الاخضر ، برامج الادماج و الاستثمار ، ورؤية 2020 للسياحة …) التي بالتأكد التي ستخدم الانسان المغربي و التنمية ، لكن المحسوبية و الفساد و غياب الشفافية و معايير اللتنمية و ضعف الرقابة و الردع … و أخذنا مهرجان “المراعي ” ب”تزنيت ” نموذجا ” لا يترجم السياق و المشاريع الكبرى بالوطن .
فإصلاح هذا الاختلال يجب ان يعتمد على التشاركية مع الكل سواء هنا بمدينة “تزنيت” او التعميم على التراب الوطني ، بإستأصالات جذرية لهذه الطفيليات و الرقابة و ايجاد موازن القوى عبر دعم الدولة لصالح القيم الوطنية الاكثر تشبثا بتنمية مجالها الجغرافي و معاقبة البعض خاصة الجهات المسؤولة في الادارة الحاضنة للفساد التي تقف امام التنمية و معوقا لها التي تخدم السياسية اللاهطة بدل تنمية الانسان .
عبدالرحمان ايسن : فاعل اقتصادي / تزنيت